مغازي شوقي
مغازي شوقي


السعادة بين مشهدين 

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 12 ديسمبر 2021 - 05:55 م

الكلمة الطيبة هي وقود الحياة .. والسعادة منبعها .. البعض يفني عمره لا يشعر بها ، والبعض الآخر يتنفسها.. السعادة رضا وطمأنينة .. بسمة حفرت  بالعيون قبل ان تتشكل على الشفاه .. ضحكة قلب أخضر .. وأمل آخر يعتبرها طوق  النجاه ..
 بين مشهدين ، نستعرض بعضاً من قاموس السعادة الذي لا تنتهي مفرداته .. 
مشهد 1 .. عين الحياة 1980
يدق جرس السعادة الصباحية في تمام السابعة .. ينهض الجمع مسرعين ومستبقين أبواب الحجرات .. القبلة هنا تكون نحو صحن الدار التي عاشت فينا وعششت .. يتخذ الجميع أماكنهم حول الطبلية الخشبية المزركشة بأنواع كثيرة من أطباق الإفطار الريفي الطازج .. السعادة هنا كانت الشعور بعموم الدفء و ( لمة العيلة ) .. السعادة في حوار أبوي بسيط عن الحب ودعاء الأم بأن يدوم هذا الجمع ..كانت التحية دوما ان تبادر بقول صباح الخير ، وردها .. صباح النور والسعادة . وكأن الخير والنور ملازمين لمعنى السعادة ومتجاورين ولا يستقيم أحدهم أبدا بمفرده .  
السعادة  تكمن هنا في رائحة أشجار اليوسفندي التي اخترقت شبابيك الدار ، وكأنه اتفاق مسبق بينها وبين نسمات الصباح الباردة .. هنا السعادة .. رضا وطمأنينة التصقت الأرجل بين الإخوة وتراصت جنبا لجنب كما تتراص في الصلاة .. ترنيمة من الطيبة وأوركسترا يعزفها الأب بينما يجيد كل افراد الفريق دوره في اتباع اشاراته..  كان هذا مشهد إفطار يومي سعيد .. تلته مشاهد كثر عمتها السعادة الريفية البسيطة .. والشاهد في هذا أن البساطه سعادة .. طابو الصباح وتحية العلم ومن ثم مارش الإنصراف للفصول منتهي السعادة .. تجمع العائلة ليلاً لمشاهدة المسلسلات والاعمال الدرامية .. سعادة .. العطاء سعادة والامتنان سعادة .. 
مشهد 2 .. عين الحياة 2020 
صورة الأب والأم اللذين غلبهما النوم الأخير طويلاً  محفورة بجدران الدار كما ذكراهم .. رحلا عن الدار والدوار وبقي ما زرعا من سعادة .. البهجة  في رؤية ذلك الجلباب  البسيط والذي ما زال معلقاً لينثر الفرح حوله.. فقط تراه فتبتسم .. السعادة  هنا ربما كانت في الذكرى الطيبة .. السعادة في أن يراك أحدهم فيدعوا لمن رباك .. السعادة الآن ليست لحظية ولاهي بالدائمة .. هي تحيا بداخلنا وعلينا أن نستكشف موطنها .. 
السعادة في رؤية أسراب من اليمام والحمام تتجمع خارج شبابيك الدار، غدت خماصاً وستعود بطاناً  .. بعد أن تنثر لها قمحاَ وماءا يرويها .. السعادة أن تتأملهم من خلف النافذة وترى حجم طمأنينتهم بأن رزقهم موجود.. 
السعادة أن تذهب لفراشك راضياً وحامداً .. لم تأكل لحم احد ولم تكسر خاطر ولم تدخل أمعاء أولادك حراماً .. لم تظلم احد ولم تكن معولاً لهدم حياة احد .. تنام مسترح البال .. ثم السعادة أن تنهض من نومك وحدك دون مساعدة من أحد .. أن تفتح عينك في الصباح على وجوه أهلك من حولك .. لا أن تفتحها فتجد نفسك داخل غرفة مستشفى وعلى أصوات الألم .. السعادة هنا  في الحمد والإحساس بالنعمة وعدم تعودها ..  وأن تكون دوماً مستعدا لتغيرات الحياة .. وأن تعرف كيف تسعد بأبسط الأشياء والأرزاق .. أو حتى أن تتعلم ..
إذا كنت في حالة حزن فـإن العالم يبدو لك  كئيباً كدرا، حتى ولو كـنت في وضح نهار  ربيعي مشرق بديع، بينما يصح العكس، إذا سمـحت لبذور السعادة أن تنمو بداخلك، حينها ستنبت الشجرة في القارب ، ولن تستطيع أسوء عاصفة أمطار ان تقتلعها  .وكأن شمس السعادة كلما تقدمنا منها روت أرواحنا ،وألقت بظلال متاعبها خلف ظهورنا .. 
وقديما قالوا الأحمق يبحث عن السعادة في الأماكن البعيدة، أما الحكيم فيزرعها تحت قدميه. الناس تبحث عن السعادة ، أما السعادة فتبحث عن من يستحقها ..

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة