إيهاب فتحى
إيهاب فتحى


أنهم يقتلوننا

أخبار الحوادث

الجمعة، 24 ديسمبر 2021 - 02:06 م

  قبل‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬وفى‭ ‬إحدى‭ ‬الزيارات‭ ‬خارج‭ ‬مصر‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬مطاعم‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة‭ ‬لتناول‭ ‬ساندوتش‭ ‬قبل‭ ‬اللحاق‭ ‬بموعد‭ ‬هام‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬المطعم‭ ‬منتميا‭ ‬لإحدى‭ ‬السلاسل‭ ‬الشهيرة‭ ‬أو‭ ‬ضخم‭ ‬لكنه‭ ‬مطعم‭ ‬صغير‭ ‬يديره‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬العاملين،‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬البائع‭ ‬ساندوتش‭ ‬‮«‬‭ ‬برجر‮»‬‭ ‬أخبرنى‭ ‬البائع‭ ‬قبل‭ ‬تأكيد‭ ‬الطلب‭ ‬أنهم‭ ‬لايستخدمون‭ ‬فى‭ ‬ما‭ ‬يقدمونه‭ ‬اللحم‭ ‬الطبيعى‭ ‬بل‭ ‬يقدمون‭ ‬مايسمى‭ ‬باللحم‭ ‬المقلد‭ ‬وهو‭ ‬بدون‭ ‬أى‭ ‬بروتين‭ ‬حيوانى‭ ‬بل‭ ‬لحم‭ ‬مصنع‭ ‬من‭ ‬فول‭ ‬الصويا‭ ‬وتتولى‭ ‬تصنيعه‭ ‬شركات‭ ‬متخصصة،‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬التجربة‭ ‬وعندما‭ ‬تذوقته‭ ‬وجدته‭ ‬غير‭ ‬مختلف‭ ‬فى‭ ‬مذاقه‭ ‬عن‭ ‬اللحم‭ ‬الطبيعى‭ ‬وفارق‭ ‬السعرأيضا‭ ‬واضح‭ . ‬

سألت‭ ‬البائع‭ ‬لماذا‭ ‬نبهتنى‭ ‬لطبيعة‭ ‬ماتقدمونه‭ ‬من‭ ‬الوجبات‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المذاق‭ ‬لايشكل‭ ‬فارقا‭ ‬كبيرا‭ ‬؟‭ ‬نظر‭ ‬لى‭ ‬البائع‭ ‬فى‭ ‬حيرة‭ ‬غير‭ ‬مستوعب‭ ‬طبيعة‭ ‬السؤال‭ ‬الذى‭ ‬سألته‭ ‬كأن‭ ‬ملامح‭ ‬وجهه‭ ‬المندهشة‭ ‬ونظراته‭ ‬المستغربة‭ ‬تقول‭ ‬لى‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعى،‭ ‬عندما‭ ‬كررت‭ ‬عليه‭ ‬السؤال‭ ‬أخبرنى‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنى‭ ‬فى‭ ‬زيارة‭ ‬سياحة‭ ‬أو‭ ‬عمل‭  ‬ورغم‭ ‬وجود‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬مطعمه‭ ‬تشير‭ ‬لتقديم‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬اللحوم‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬خشى‭ ‬ألا‭ ‬أكون‭ ‬منتبها‭ ‬بالإضافة‭ ‬أنه‭ ‬يمكنهم‭ ‬تقديم‭ ‬ساندوتش‭ ‬من‭ ‬اللحم‭ ‬الطبيعى‭ ‬لو‭ ‬أردت‭.‬

بالتأكيد‭ ‬هذا‭ ‬البائع‭ ‬لايوجد‭ ‬فى‭ ‬مطعمه‭ ‬مراقب‭ ‬أو‭ ‬جهة‭ ‬قانونية‭ ‬ستقبض‭ ‬عليه‭ ‬لو‭ ‬غشنى‭ ‬وقدم‭ ‬لى‭ ‬اللحم‭ ‬الخالى‭ ‬من‭ ‬اللحم‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬اكتشفت‭ ‬تغيرا‭ ‬فى‭ ‬المذاق‭ ‬سيخبرنى‭ ‬بعدها‭ ‬أنهم‭ ‬يقدمون‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬وتوجد‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬المطعم‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬تشير‭ ‬لذلك‭ ‬وليس‭ ‬مسؤوليته‭ ‬أننى‭ ‬لم‭ ‬أنتبه‭ ‬،‭ ‬لكنه‭ ‬بمجرد‭ ‬استشعاره‭ ‬أننى‭ ‬فى‭ ‬زيارة‭ ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬غر‭ ‬منتشر‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يطلعنى‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬سأتناوله‭.‬

هل‭ ‬مادفع‭ ‬البائع‭ ‬لذلك‭ ‬امتلاكه‭ ‬لضمير‭ ‬حى‭ ‬يرفض‭ ‬فكرة‭ ‬الغش‭ ‬أم‭ ‬خوفه‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬لأنى‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬أدعى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أنى‭ ‬أصبت‭ ‬بضرر‭ ‬من‭ ‬نوعية‭ ‬هذا‭ ‬الطعام‭ ‬وكثيرا‭ ‬ماتكون‭ ‬هناك‭ ‬عقوبات‭ ‬رادعة‭ ‬وغرامات‭ ‬تصل‭ ‬بالملايين‭ ‬على‭ ‬المخالفين‭ ‬؟‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬سواء‭ ‬الضمير‭ ‬أو‭ ‬الخشية‭ ‬من‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬فهذا‭ ‬البائع‭ ‬يمثل‭ ‬فى‭ ‬فعله‭ ‬فعلا‭ ‬انسانيا‭ ‬طبيعيا‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬وراء‭ ‬مافعله‭ ‬امتلاك‭ ‬ميزة‭ ‬الضمير‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬منضبط‭ ‬السلوك‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬مخالفة‭ ‬القانون‭. ‬

بالتأكيد‭ ‬نوعية‭ ‬هذا‭ ‬الانسان‭ ‬أو‭ ‬البائع‭ ‬لو‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬عمل‭ ‬آخر‭ ‬ليتولى‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬وليس‭ ‬بيعها‭ ‬فإنه‭ ‬سيطبق‭ ‬نفس‭ ‬قواعد‭ ‬الأمانة‭ ‬فى‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج‭ ‬بدون‭ ‬وجود‭ ‬أى‭ ‬رقيب‭ ‬عليه‭ ‬سوى‭ ‬ضميره‭ ‬أو‭ ‬انضباط‭ ‬سلوكه‭ ‬واتباع‭ ‬قواعد‭ ‬القانون‭. ‬

لكن‭ ‬فى‭ ‬مجتمعنا‭  ‬نجد‭ ‬شخصا‭ ‬يدير‭ ‬مصنعا‭ ‬لإنتاج‭ ‬مواد‭ ‬غذائية،‭ ‬وغذائية‭ ‬هنا‭ ‬تعتبر‭ ‬مصطلحا‭ ‬مجازيا‭ ‬ويتناولها‭ ‬الملايين‭ ‬ويخلطها‭ ‬بمواد‭ ‬طلاء‭ ‬الجدران‭ ‬ويستخدم‭ ‬فى‭ ‬إنتاج‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬كل‭ ‬ماهو‭ ‬فاسد‭ ‬ولم‭ ‬يكتف‭ ‬بذلك‭ ‬بل‭ ‬المكان‭ ‬الذى‭ ‬يدير‭ ‬منه‭ ‬مصنع‭ ‬السموم‭ ‬لايصلح‭ ‬لأى‭ ‬إنتاج‭ ‬وغارق‭ ‬فى‭ ‬مياه‭ ‬الصرف‭ ‬الصحى‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نسأل‭ ‬هنا‭ ‬ما‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬أى‭ ‬أبجديات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لأنه‭ ‬يعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بشرا‭ ‬سيتضررون‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬وقد‭ ‬يفقدون‭ ‬حياتهم‭ ‬نتيجة‭ ‬تناولهم‭ ‬هذا‭ ‬السم‭ ‬؟‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬التى‭ ‬تنتج‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬أكثر‭ ‬انحطاطا‭ ‬فى‭ ‬إجرامها‭ ‬من‭ ‬إجرام‭ ‬تاجر‭ ‬المخدرات‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬تاجر‭ ‬المخدرات‭ ‬يعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أنه‭ ‬يشترى‭ ‬سموما‭ ‬ستضره،‭ ‬أما‭ ‬هذا‭ ‬القاتل‭ ‬الغشاش‭ ‬فهو‭ ‬يتعمد‭ ‬خداع‭ ‬المشترى‭ ‬حسن‭ ‬النية‭ ‬الذى‭ ‬أراد‭ ‬فقط‭ ‬شراء‭ ‬مواد‭ ‬غذائية‭ ‬لأسرته‭ ‬ولا‭ ‬يعلم‭ ‬أنه‭ ‬يقدم‭ ‬لهم‭ ‬سموما‭ ‬صنعها‭ ‬هذا‭ ‬القاتل‭. ‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬سوق‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬لاتتوقف‭ ‬كوارثه‭ ‬وحجم‭ ‬الغش‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬مصنع‭ ‬ينتج‭ ‬الجبن‭ ‬بطلاء‭ ‬الجدران،‭ ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬مافيا‭ ‬من‭ ‬أحط‭ ‬أنواع‭ ‬المجرمين‭ ‬تتاجر‭ ‬بحياة‭ ‬البشر‭ ‬المخدوعين‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬فلا‭ ‬مانع‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬مجرما‭ ‬آخر‭ ‬يبيع‭ ‬الدواجن‭ ‬النافقة‭ ‬ويلهث‭ ‬وراء‭ ‬شراء‭ ‬هذه‭ ‬النفايات‭ ‬مجرم‭ ‬ثانى‭ ‬يقدمها‭ ‬لزبائنه‭ ‬فى‭ ‬مطعمه‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬هو‭ ‬‮«‬تبييضها‭ ‬‮«‬‭ ‬بالمواد‭ ‬الكيماوية‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬الروائح‭ ‬ولون‭ ‬العفن‭ ‬ثم‭ ‬يقف‭ ‬داخل‭ ‬مطعمه‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬أمام‭ ‬عينه‭ ‬الآلاف‭ ‬وهم‭ ‬يتناولون‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬دون‭ ‬أى‭ ‬وازع‭ ‬من‭ ‬ضمير‭ ‬أو‭ ‬خشية‭ ‬من‭ ‬قانون‭. ‬

عندما‭ ‬تتابع‭ ‬سوق‭ ‬اللحوم‭ ‬تكتشف‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬سرا‭ ‬وأصبح‭ ‬طبيعيا‭ ‬أو‭ ‬كأنه‭ ‬قدر‭ ‬المصريين‭ ‬أن‭ ‬يتحكم‭ ‬أحط‭ ‬أنواع‭ ‬المجرمين‭ ‬فى‭ ‬صحتهم‭ ‬فهم‭ ‬يصنعون‭ ‬مايسمونه‭ ‬لحوم‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬النفايات‭ ‬ومواد‭ ‬لايعلم‭ ‬أحد‭ ‬مصدرها‭ ‬ويتلقف‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬نفس‭ ‬أصحاب‭ ‬المطاعم‭ ‬ليقدموها‭ ‬لزبائنهم‭ ‬المخدوعين،‭ ‬ويشعر‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمون‭ ‬بسعادة‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬المال‭ ‬الحرام‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬استنزاف‭ ‬صحة‭ ‬المصريين‭.‬

بالتأكيد‭ ‬الأجهزة‭ ‬الرقابية‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬بكافة‭ ‬تخصصاتها‭ ‬تطارد‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬المجرمين‭ ‬وتصادر‭ ‬كميات‭ ‬ضحمة‭ ‬من‭ ‬الأغذية‭ ‬الفاسدة‭ ‬والتى‭ ‬تصدمنا‭ ‬العبارة‭ ‬المستخدمة‭ ‬فى‭ ‬وصفها‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للاستخدام‭ ‬الآدمى،‭ ‬فهذا‭ ‬المجرم‭ ‬الذى‭ ‬يصنع‭ ‬أو‭ ‬يبيع‭ ‬هذه‭ ‬السموم‭ ‬يعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أنها‭ ‬لاتصلح‭ ‬للبشر‭ ‬ولكنه‭ ‬يصنعها‭ ‬ويبيعها‭ ‬غير‭ ‬مهتم‭ ‬بقتل‭ ‬من‭ ‬يتناولها،‭ ‬رغم‭ ‬هذه‭ ‬المطاردة‭ ‬والملاحقة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬السوق‭ ‬المصرى‭ ‬الضخم‭ ‬تعطى‭ ‬للمجرمين‭ ‬فرصة‭ ‬لممارسة‭ ‬إجرامهم‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬صحة‭ ‬المصريين‭. ‬

توجد‭ ‬تجربة‭ ‬هامة‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬التصدى‭ ‬للسلع‭ ‬المغشوشة‭ ‬و‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مافيا‭ ‬أخرى‭ ‬تتاجر‭ ‬فيها‭ ‬باستيراد‭ ‬قمامة‭ ‬السلع‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬غير‭ ‬عابئة‭ ‬بما‭ ‬تسببه‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬تنهى‭ ‬حياة‭ ‬من‭ ‬يستخدمها‭ ‬وعندما‭ ‬تصدت‭ ‬الدولة‭ ‬لهذه‭ ‬المافيا‭ ‬الإجرامية‭ ‬استطاعت‭ ‬ضبط‭ ‬السوق‭ ‬وتطهيرها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السلع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اشترطت‭ ‬معرفة‭ ‬مصدر‭ ‬الاستيراد‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬جودته‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المافيا‭ ‬حاولت‭ ‬الإفلات‭ ‬بغشها‭ ‬لكن‭ ‬أمام‭ ‬صرامة‭ ‬الإجراءات‭ ‬المطبقة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬تلاشت‭ ‬المافيا‭ ‬وغشها‭ ‬من‭ ‬السوق‭. ‬

تقوم‭ ‬الدولة‭ ‬بنفس‭ ‬الجهود‭ ‬فى‭ ‬ملاحقة‭ ‬هذا‭ ‬الإجرام‭ ‬فى‭ ‬سوق‭ ‬الأغذية‭ ‬لكن‭ ‬خطورة‭ ‬هذا‭ ‬السوق‭ ‬أن‭ ‬المافيا‭ ‬التى‭ ‬تخربه‭ ‬تعمل‭ ‬بالداخل‭ ‬وفى‭ ‬الخفاء‭ ‬عكس‭ ‬مافيا‭ ‬السلع‭ ‬المغشوشة‭ ‬والمستوردة‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬فيمكن‭ ‬إحكام‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬دخولها‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬لنفس‭ ‬السؤال‭ ‬وهو‭ ‬ماهى‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬المجرم‭ ‬الذى‭ ‬لايمتلك‭ ‬أى‭ ‬ضمير‭ ‬أو‭ ‬خشية‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬ليمارس‭ ‬أحط‭ ‬أنواع‭ ‬الخداع‭ ‬القاتل؟‭ ‬لايمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬السيكوباتية‭ ‬المعتدية‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وصحته‭ ‬وأرواح‭ ‬أبنائه‭ ‬نشأت‭ ‬فجأة‭ ‬بل‭ ‬هى‭ ‬نتاج‭ ‬لسنوات‭ ‬طوال‭ ‬مضت‭ ‬من‭ ‬التهريج‭ ‬وترهل‭ ‬آليات‭ ‬السيطرة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الأسواق‭ ‬بكافة‭ ‬أنواعها‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العبث‭ ‬امتد‭ ‬للمستهلك‭ ‬نفسه‭ ‬الذى‭ ‬استسلم‭ ‬لهذه‭ ‬المافيا‭ ‬الإجرامية‭ ‬وصدق‭ ‬فى‭ ‬بلاهة‭ ‬دعايتها‭ ‬السوداء‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬‭ ‬معدة‭ ‬المصريين‭ ‬تهضم‭ ‬الزلط‮»‬‭ ‬ولم‭ ‬ير‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬الإصابة‭ ‬بالأمراض‭ ‬وانهيار‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬لللمواطنين‭. ‬

لم‭ ‬تخرج‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬الإجرامية‭ ‬المتاجرة‭ ‬فى‭ ‬أرواح‭ ‬المصريين‭ ‬من‭ ‬عباءة‭ ‬التهريج‭ ‬والترهل‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬جو‭ ‬عام‭ ‬أفرزته‭ ‬عصابات‭ ‬الإخوان‭ ‬والمتسلفة‭ ‬من‭ ‬التدين‭ ‬الشكلى‭ ‬جعل‭ ‬لكل‭ ‬مجرم‭ ‬مرجعية‭ ‬تعطيه‭ ‬الحق‭ ‬فى‭ ‬الخداع‭ ‬والقتل‭ ‬مادام‭ ‬هو‭ ‬يرتدى‭ ‬مسوح‭ ‬التدين‭ ‬ويحرص‭ ‬على‭ ‬الشكل‭ ‬لا‭ ‬المضمون‭ ‬لأجل‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الخداع،‭ ‬ولا‭ ‬مانع‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أمام‭ ‬الناس‭ ‬وفى‭ ‬العلن‭ ‬‮«‬الحاج‭ ‬فلان‮»‬‭ ‬أما‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬فهو‭ ‬يصنع‭ ‬السموم‭ ‬الغذائية‭ ‬ويبيعها‭ ‬للمساكين‭ ‬المخدوعين‭ ‬الذين‭ ‬يفقدون‭ ‬صحتهم‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬وجبة‭ ‬يتناولونها‭. ‬

‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2014‭ ‬تبنى‭ ‬مصر‭ ‬دولتها‭ ‬الحديثة‭ ‬بكل‭ ‬جدية‭ ‬ولا‭ ‬تراجع‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الحداثة‭ ‬واستطاعت‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬القوية‭ ‬طوال‭ ‬ثمانى‭ ‬سنوات‭ ‬التصدى‭ ‬للتهريج‭ ‬وإنهاء‭ ‬حالة‭ ‬الترهل‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬وتخليص‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬إفرازات‭ ‬عصابات‭ ‬الإخوان‭ ‬والمتسلفة،‭ ‬واعتقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬الآن‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المافيا‭ ‬الإجرامية‭ ‬المصنعة‭ ‬والمتاجرة‭ ‬فى‭ ‬السموم‭ ‬الغذائية‭ ‬بقوة‭ ‬القانون‭. ‬

فيجب‭ ‬معاملتهم‭ ‬على‭ ‬حقيقتهم‭ ‬الإجرامية‭ ‬فهم‭ ‬مفسدون‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬ويمارسون‭ ‬قتلنا‭ ‬مع‭ ‬سبق‭ ‬الإصرار‭ ‬والترصد‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬جهالة‭ ‬بما‭ ‬يفعلونه،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العقاب‭ ‬الموقع‭ ‬عليهم‭ ‬بالقانون‭ ‬أشد‭ ‬من‭ ‬عقوبة‭ ‬المتاجر‭ ‬فى‭ ‬السموم‭ ‬المخدرة‭ ‬بسبب‭ ‬خداعهم‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يوقفه‭ ‬ضميره‭ ‬عن‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجريمة‭ ‬فى‭ ‬حق‭ ‬المجتمع‭ ‬يتولى‭ ‬القانون‭ ‬ردعه‭. ‬

الأهم‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬أن‭ ‬نتخلص‭ ‬نحن‭ ‬المواطنون‭ ‬أو‭ ‬المستهلكون‭ ‬المخدوعون‭ ‬من‭ ‬السلبية‭ ‬ولا‭ ‬نصدق‭ ‬أن‭ ‬معدتنا‭ ‬تهضم‭ ‬الزلط‭ ‬ونقف‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬عندما‭ ‬تتخذ‭ ‬إجراءاتها‭ ‬القانونية‭ ‬الرادعة‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬المافيا‭ ‬الإجرامية‭ ‬ولا‭ ‬تأخذنا‭ ‬بهم‭ ‬شفقة‭ ‬أورحمة‭ ‬أو‭ ‬يردد‭ ‬البعض‭ ‬فى‭ ‬ميوعة‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تتشدد‭ ‬فى‭ ‬إجراءاتها‭ ‬وعلى‭ ‬هؤلاء‭ ‬المرددين‭ ‬الاطلاع‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬القوانين‭ ‬وصرامة‭ ‬العقوبات‭ ‬التى‭ ‬توقع‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬عند‭ ‬وقوع‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الجرائم،‭ ‬عندما‭ ‬يردع‭ ‬القانون‭ ‬هؤلاء‭ ‬المفسدين‭ ‬ويقضى‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬ولا‭ ‬تعتادها‭ ‬أجيال‭ ‬جديدة‭ ‬تولد‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الدولة‭ ‬القوية‭ ‬ستمتلك‭ ‬هذه‭ ‬الأجيال‭ ‬ضميرا‭ ‬أكثر‭ ‬شدة‭ ‬وقوة‭ ‬من‭ ‬ردع‭ ‬القانون‭. ‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة