رحلة العائلة المقدسة
رحلة العائلة المقدسة l الهروب إلى مصر.. ادخلوها بسلام آمنين
السبت، 25 ديسمبر 2021 - 11:00 ص
أعد الملف: حسن حافظ
إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم قائلا: قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر ــ وكُن هناك حتى أقول لك لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبى ليهلكه، فقام وأخذ الصبى وأمه ليلا وانصرف إلى مصر متى: 2: 13-14. بهذه الكلمات التى تحمل التكليف الإلهي، بدأت علاقة العائلة المقدسة بمصر وأهلها، فكما لجأ إليها من قبل النبى إبراهيم عليه السلام، وعرف فيها النبى يوسف عليه السلام العز بعد غدر الإخوة، ودخلها يعقوب والأسباط فقيل لهم ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ايوسف: 99.
ظلت العائلة المقدسة ما شاء الله لها فى أرض مصر، حتى وفاة هيرودس، وهنا جاء الملاك بأمر جديد، افلما مات هيرودس إذا ملاك الرب قد ظهر فى حلم ليوسف فى مصرب قائلا: اقم وخذ الصبى وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل. لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي ــ فقام وأخذه وأمه وجاء إلى أرض إسرائيلب امتى 2: 19-21. هكذا جاءت رحلة العائلة المقدسة فى الأناجيل، إذ انفرد بها إنجيل متى. لذا لم يكن غريبا ألا تحظى هذه الرواية بالاهتمام الكافى فى البداية، فالتركيز كان على الاحتفال بعيد القيامة، ولم يأتِ الاحتفال بعيد الميلاد إلا فى القرن الرابع الهجري، وهنا تولد الاهتمام بحياة المسيح فى صباه، وهى المهمة التى تصدت لها لوسيت فالنسى فى كتابها االهروب إلى مصر.. رحلة العائلة المقدسة.
أقام المسيح وأمه فى مصر لفترة غير معلومة بدقة تتراوح بين عامين وسبعة أعوام، وتستند تفاصيل فترة الإقامة فى مصر إلى رؤيا البابا ثاؤفيلس، بابا الإسكندرية الـ 23، الذى توفى سنة 412 ميلادية، كما قامت القديسة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين الكبير فى النصف الأول من القرن الرابع الميلادي، بتعريف طريق العائلة المقدسة بناء على رؤيا منامية، بعد ذلك اعتمدت الكنائس الأرثوذكسية الشرقية على ما قدمته القديسة هيلانة من وصف وتحديد لمسار رحلة العائلة المقدسة فى مصر، مدعومة بقصص آباء الكنيسة المصرية.
دخلت العائلة المقدسة مصر من جهة مدينة العريش لتبدأ الرحلة المقدسة، التى شملت عدة محطات فى سيناء خصوصا الفرما، وبالقرب من تل بسطا، حيث تنحت به أمه فى قرية قريبة حيث فجر الطفل نبعا عمدت السيدة العذراء على تحميمه وغسل ملابسه، ويعرف هذا المكان بالمحمة حتى الآن، ومنه توجه الركب إلى مدينة بلبيس، وفيها استراحوا تحت شجرة فحلت عليها البركة، وسُميت بشجرة العذراء، وبحسب رؤوف حبيب فى كتابه االعائلة المقدسة فى مصرب، توجهت الأسرة المباركة إلى امنية جناحب، ومنها إلى اميت سمنودب، وهى مدينة سمنود، ومنها إلى البرلس ثم المحلة، وعبروا من هناك النيل إلى الشاطئ الغربي، حيث أقاموا بعض الوقت فى بلدة سخا، ومنها إلى وادى النطرون حيث بارك المكان ومنه توجه إلى االمطرية.
كانت مدينة عين شمس أو أون مركزا للعبادة المصرية القديمة، وهناك استراحت العائلة المقدسة تحت شجرة، ما يزال يطلق عليها الآن اسم اشجرة مريمب، وفى نفس المكان انفجر نبع ماء استقى منه الطفل المبارك، وغسلت منه العذراء ملابس ابنها وألقت غسالتها فى المكان حولها فنما فيه نبات البلسم الذى استخدم عطره فى تكريس ماء التعميد، ثم تحرك الركب نحو ابابليونب بالقرب من مصر القديمة، لتقيم العائلة فى كهف مازال يحمل اسمها فى كنيسة أبى سرجة، لكنهم اضطروا للخروج سريعا، لأن حاكم المدينة وصله خبر سقوط تماثيل وأصنام المدينة، فغضب من الطفل وأمه، بعدما عرف أنه السبب، لذا توجهت العائلة سريعا صوب الصعيد بعيدا عن الملاحقات، فعبروا النيل من عند النقطة المعروفة الآن بكنيسة العذراء فى المعادي.
وصلت العائلة مدينة البهنسا ومنها عبرت العائلة البر الشرقى للنيل، واستقرت فى منطقة تسمى اجبل الطيرب قرب بلدة سمالوط، ويروى بعض المؤرخين أن صخرة ضخمة كانت على وشك السقوط من الجبل على القارب الذى كانت فيه العائلة المقدسة وقتئذ مما أزعج قلب أمه مريم، ولكن الطفل بسط إحدى كفيه فوقفت الصخرة عن السقوط وترك أثر كفه عليها، وقد عرف هذا الجبل بـاجبل الكفب، وبنيت هناك كنيسة عرفت باسم السيدة العذراء أو كنيسة سيدة الكف.
توجهت العائلة بعد ذلك إلى مدينة الأشمونين، وهناك أقامت بضعة أيام فى بيت رجل مضياف، وقاسى عدة متاعب لأجلهم ولكنه نال البركة ثم رحلوا إلى قرب بلدة اديروطب، ومنها إلى بلدة االقوصية القديمةب، وهناك عوملوا فيها بقسوة وطُردوا منها، لما رأى سكانها سقوط أصنامهم أمام ظهور المسيح، فهربوا إلى بلدة اميرب، ثم التجأوا إلى جبل اقسقامب الذى يقع عليه الآن الدير المشهور بـ المحرق، وهناك أقامت العائلة المقدسة أطول فترة لها فى مكان واحد بمصر، إذ أقاموا ستة أشهر و10 أيام، وكانت هذه هى آخر نقطة توجهت إليها العائلة المقدسة فى جنوب مصر.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة