صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


مأساة عمرها 30 عاما.. الخادمة الصغيرة ضحية «الساعة الذهب»

علاء عبدالعظيم

الأربعاء، 29 ديسمبر 2021 - 04:41 م

ارتجف جسدها النحيل عندما دق جرس المدرسة، ولن تكن تعرف أين تذهب، فكل زميلاتها يعدن إلى منازلهن، لكن هي ليس لها بيت، فإذا ذهبت إلى زوجة أبيها عاملتها بسوء، وإذا هربت إلى أمها طردها زوج الأم.

 

وجدت الطفلة ابنة الـ12 عاما نفسها وحيدة في فناء المدرسة، تنساب دموعها ببطء على وجنتيها، وسارعت بالخروج إلى الشارع تحدث نفسها إلى أين ستذهب، حتى رأتها إحدى السيدات التي احتضنتها، ولم تكن تعرف الطفلة بأنها ستودع الدنيا بنظرات عتاب، وكانت آخر كلماتها أنا بريئة.

 

تعود أحداث المأساة إلى عام 1992، وكما نشرتها جريدة أخبار الحوادث؛ حيث احتدمت الخلافات بين الأبوين، وكثرة الشجار بينهما فما كان من الابنة الصغيرة إلا أن تراقب ما يحدث دون فهم، ولا تملك إلا البكاء حتى يكف الأبوان عن الشجار.

 

واستمرت الحياة بينهما هكذا حتى تم الطلاق، وتزوج الأب من امرأة، وعاشت الطفلة مع أمها شهور قليلة، لكنها تزوجت أيضا، وبدأت المأساة ولم تجد قلبا حنونا؛ حيث زوج الأم ينهرها ويطردها، وإذا هربت إلى الأب استقبلتها زوجته بكلمات السخرية والقهر، غير الاعتداء عليها بالضرب.

 

وأثناء سيرها في الشارع لمحتها إحدى السيدات التي احتضنتها ومسحت دموعها، وروت الطفلة لها مأساتها، فاحتوتها بكل حب وحنان، وأقامت معها في شقتها، وعرضت عليها أن تعمل في السوبر ماركت الذي تمتلكه، وستساعدها في أن تعود إلى المدرسة مرة أخرى، وأخذت الطفلة تعمل بكل جهدها لتنال ثقة السيدة التي اعتبرتها ابنتها، ولم تبخل عليها بشيء.

 

اشتهرت الطفلة بالسمعة الحسنة والأخلاق، وبدأت العروض تنهال عليها للعمل كشغالة في المنازل، لكنها كانت ترفض عرفانا للسيدة صاحبة أكبر جميل عليها في الحياة، وظلت الطفلة تقاوم بريق المال، لكن العرض الأخير الذي تلقته من أحد السكان الأثرياء بالحي، وضعفت أمام سطوة المال، والتحقت بعملها الجديد كشغالة لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن؛ حيث اتهمها مخدومها بسرقة ساعة ذهبية، جن جنون الطفلة فهي لا تعتز بشيئ قدر أمانتها وإخلاصها.

 

وبدموع منهمرة تستنجد بصاحبة السوبر ماركت والتي اعتادت أن تناديها بأمي أن تنفذها من بين براثن مخدومها، وأوضحت له السيدة بأن الطفلة مثال للأمانة والإخلاص، حيث كانت تذهب إليها يوميا بمئات الجنيهات، ولم تفكر ولو مرة واحدة أن تأخذ مليما.

 

وانتشلتها السيدة من بين أنياب مخدومها، وعادت تقيم معها، حتى جاء أحد الأشخاص الذي ادعى بأنه من رجال الشرطة وسوف ياخذ الطفلة لاستجوابها وسيعيدها مرة أخرى، في غفلة من سكان الشارع، وتبين أنه شقيق مخدومها، وصعد بها إلى الشقة، وأخذ الجميع ينهرها، ويهددها بالسجن أو القتل إذا لم تعترف وترشد عن الساعة الذهبية التي قامت بسرقتها.

 

وبصوت ودموع لم تجف تقول الطفلة: والله العظيم أنا بريئة ولم أسرقها، وباءت كل محاولاتها بالفشل وتسلل بداخلها رعب وهلع، ويئست من حياتها، فطلبت منهم أن يحضروا لها كوب ماء لتروي عطشها، وتئن أنينا ينفطر له الأكباد ويفتح الصخر، وما إن رشفت شربة ماء وبكلمات متقطعة وأنفاس تجر خلفها حزن ونفس مكسورة وذل قالت: أنا خبيتها في الأوضة دي، وأشارت بأصبعها الصغيرة وتوجهت إلى الغرفة، وفي لحظات قامت بفتح زجاج النافذة، وألقت بنفسها من الدور الثاني عشر، وارتطم جسدها النحيل بالأرض ولقيت مصرعها في الحال.

 

وكان من أغرب فصول هذه المأساة هو بكاء الأم والأب الذي أكد أنه عندما لم تعد الطفلة إلى المنزل قام بتحرير محضر تغيب، ولم يحاول البحث عنها، وفوجئ بأحد أصدقاء يخبره بموتها.

 

وبعمل التحريات، التي وردت بأنه لا جود لأية شبهة جنائية وراء مصرع الطفلة الضحية، وصرحت النيابة بدفن الجثة بعد العرض على الطب الشرعي.

 

وفي النهاية ودعت الطفلة الحياة بنظرات عتاب، واختارات الموت أفضل من أن يتهمها مخدومها بالسرقة، وكانت آخر كلماتها "أنا بريئة".

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة