شجرة الكريسماس والهدايا
شجرة الكريسماس والهدايا


فرفش كده | يا غزال يا غزال

أحمد عباس

الخميس، 30 ديسمبر 2021 - 06:59 م

الحكاية بدأت لما أضاءت شاشة هاتفى اللعينة وأخبرتنى أن صديقا عزيزا يتصل الآن قبل أيام قليلة من احتفالات عيد الميلاد «الكريسماس»، فتحت الخط بكل ترحاب فصديقى هذا صاحب واجب دائم وأياد بيضاء وموائد ممددة من الطعام الفاخر، وكعادته وبلا سبب منطقى يرقع ضحكة أولا قبل أن يقول «ألو»: يا عباس ازيك، كل سنة وانت طيب وهابى نيو يير.

وقبل أن أرد المعايدة أردف: عباس المكالمة مفتوحة على «اسبيكر» مايكروفون العربية والمدام عايزة تسلم عليك، يبدو أنها لا أرادت أن تسلم ولا دياولو ولكن صديقى فقط أراد أن يؤمن المكالمة فلا أسأله عن شيء كده أو كده يبوظ حالة الهدنة الزوجية المؤقتة بينهما، ردت زوجته بأناقة شديدة فهى ابنة المدارس الأجنبية الفاخرة بينما هو ابن منطقة عابدين مصنع الرجال، وقالت: يا أحمد ازيك اعمل حسابك انت هتحتفل معانا بالسنة الجديدة، ماتنساش فيه «دريس كود» يعنى زى موحد اما بالأحمر أو الأخضر المزهزه-أو كليهما معا- يعنى ألوان رأس السنة.


التقط صديقى الكلام وأردف بنداء طويل: يا عباااس البس لبس السهرة اوعى تنسى أهم حاجة «الدريس كود» لو جيت من غيره مش هتدخل أنا بقولك من أولها، ثم تبعها صديقى بجملة لم أفهم مغزاها: ماتسيبنيش يا عباااس!

إقرأ أيضاً | فرفش كده| فقدان حاسة الدلع

صحيح مايكسرش قلب الراجل غير صاحبه. انتهت المكالمة وأنا لا أفعل شيء أكثر من أننى أستعيد بذاكرتى دولاب ملابسى رف رف ورصة رصة، ولا ألوم الا نفسى فكيف لم استعد ليوم مثل هذا ولم أشتر بلوفر أحمر شفتشى مثلا أو أخضر زهزهانى مزهر يشرح القلب الحزين!


غلطة والغلطة لا تغتفر، أنا الآن بين نداء صديقى ودعوة زوجته المصون ودولاب ملابس لا يعرف عن «الدريس كود» أى شيء، وكلها مسائل لا حل لها، حتمًا سأذهب لأنقذ الجدع فى المقام الأول، والثانية هى دعوة زوجته و»الدريس كود» سأبدأ تجميعه من دولاب أولاد الحلال من الأهل والأقارب والمؤلفة قلوبهم.

فى تمام الساعة كنت أول من يدق جرس الباب ليستقبلنى كلاهما بترحاب شديد وود مألوف منهما، فالرجل صديق قديم، والمدام بعرف الجدعنة صارت أختى الجديدة، وبعد ترحيب حار منهما ومجاملات ومعايدات منى، وتحية على شكل شجرة عيد الميلاد التى تفترش مدخل الشقة، انصرفت زوجته بابتسامة راقية لتجهيز ما يجب تجهيزه كما تقول، وصحبنى صديقى لتدخين سيجارة فى عز البرد بالبلكونة، ذلك أنه لا يجسر على اشعال سيجارة واحدة ولا حتى سبارس داخل حرم البيت بتعليمات عليا من المدام، بعد أن نوهت بوضوح عن أن رائحة جزيئات الدخان تتملك من الستائر والأنتريه وتعشش بهما وهذا ممنوع البتة.


خطفنى لما سألنى بعصبية: اتأخرت ليه يا عم أنا مش قولتلك ماتتأخرش، وبعدين شجرة ايه اللى عاجباك بذمتك انت عمرك احتفلت بالكريسماس!


لم أفهم سبب لهجته المنفعلة بينما كان يضحك منذ ثوان أمام باب الشقة بجوار المدام، فسألته: مالك بس، أنا صحيح عمرى ما احتفلت لكن ايه المشكلة، وبعدين أيوة الشجرة شكلها حلو جدا وواضح ان المدام ذوقها حلو.

 

الى هنا ثار صديقى وسحبنى من معصمى كأنه يريد لو تكسر فى قبضته الى حيث الشجرة وانحنى الى الأرضية والتقط مجسما لغزالة مطلى بطبقة سيراميك بيضاء ورفعها فى وجهى وقال: عارف أهى البتاعة دى أنا خابط مشوار لحد الشيخ زايد عشان أشتريها، سايب شغلى وحالى عشان أروح أشترى الغزالة، لان شجرة الكريسماس ماتنفعش من غير غزالة، وان الناس هتاكل وشنا اذا لم يجدوا الغزالة، فأنا أتسحل يوم من أوله لحد آخره عشان أروح أشترى الغزال.


وقبل أن ينهى الكلمة كانت المدام قد خرجت من المطبخ وهو يلوح فى وجهى، وسألته بحز: فيه حاجة يا حبيبى!

صديقى الذى كان ثائرا منذ ثوانِ تحول لغزال برى رقيق وانخفض صوته وهدأت عروقه، وسال لعابه وقال: نعم يا روحى بتندهى؟
فكررت سؤالها بعين حمراء تشبه زكيبة بابا نويل الواقف تحت شجرة الكريسماس: ماله الغزال!
فانحنى صديقى فى لحظة ووضع الغزال فى موقع آخر وقال: ايه رأيك يا حبيبتى مش مكانه كده أحلى، أصل الغزال لازم يكون باين أكتر من كده.. مش كده واللا ايه يا غزال!


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة