الخميس، 30 ديسمبر 2021 - 07:09 م

كتب/ عبدالصبور بدر

أحدهم سرق «رأس السنة» والعالم كله لا يعرف مكانه، ولم تعلن أى منظمة مسؤوليتها عن الحادث. الإنتربول زرع رجاله فى كل مكان، وكلف أقسام البوليس بجميع الدول بالبحث عن اللص، واستعادة الرأس، وأصدرت أكبر دولة فى العالم بيانا طمأنت فيه مواطنيها بأن رأس السنة ستكون تحت أقدامهم قبل تمام الثانية عشرة صباحا مهما كلفهم الأمر.

الولايات المتحدة اتهمت إيران بإخفاء رأس السنة واستغلالها فى أعمال إرهابية، وروسيا دعت أوكرانيا إلى تسليم المتورطين بسرقة الرأس، وهدد رئيس كوريا الشمالية جارته الجنوبية بعواقب وخيمة إذا لم تظهر «الدماغ» فى غضون الساعات القليلة المقبلة.

إقرأ أيضاً | فرفش كده | عزيزي سانتا كلوز

وعلى شاشات الفضائيات كانت المناقشات تدور حول تخيل الأمر فى حالة عدم ظهور رأس السنة قبل موعدها، هل سيتم استمرار شهر ديسمبر إلى ما شاء الله حتى يتم العثور على المخفية؟.. وهل سيعيد منظمو الحفلات أسعار التذاكر لأصحابها؟.. وماذا سيفعل الناس بطراطيرهيم وزماميرهم؟.. والأهم كيف سيتصرف الموظفون الذين ينتظرون رواتبهم أول الشهر؟.. وماذا لو كان اللص مواطنا شعبيا على نياته لا يعرف قيمة «الرأس» وطلب من زوجته أن تطبخها للعيال وتعمل عليها فتة تدفيهم فى هذه الليلة اللى مش باين لها راس.

جريدة «يوميورى شيمبون» أكبر الصحف اليابانية نشرت خبرا تقول فيه إن علماء فى طوكيو يشتغلون بكامل طاقتهم لإنتاج رأس سنة صناعية لا تختلف عن نظيرتها الأصلية فى شئ وستكون جاهزة فى الوقت المناسب.

وسط كل ما يحدث من لخبطة للعالم الذى يضرب أخماسا فى أسداس، لم يتخيل أحد أن رأس السنة هربت بمزاجها، بعد أن اتخذت بنت اللعيبة قرارها بأن تريح دماغها من دوشة كل عام، وتنام آمنة مطمئنة فى مكان الجن الأزرق ما يعرفلوش طريق جرة!

لم تكن رأس السنة فى حاجة إلى جسد وأطراف السنة، تعرف أنها كائن مستقل ومنفصل عن باقى أيام العام، عمرها قصير جدا، تولد وتموت فى الليلة التى خلقت فيها، يفرح الناس بها ويهنئون أنفسهم بقدومها، ولا يبكون على رحيلها. أرادت لسبب ما أن تكون آمنة عن عيون الفضوليين، تحمى أذنيها من صراخهم، وتعرقل الألعاب النارية من تخريب هدوء السماء، وتحويلها إلى منطقة صاخبة.

تدرك الآنسة رأس السنة جيدا أن الحياة لن تتوقف إذا غابت عن موعدها، وإذا لم يجدها العالم فسوف يخترعها، وهكذا نامت رأس السنة قريرة العين فى مخبئها المجهول، حتى وجدها أحدهم فى صباح اليوم التالى جمجمة بدون ملامح، حين أراد أن يمسكها تحولت إلى بودرة.