بيرم يصنع القهوة لنفسه عندما يكتب
بيرم يصنع القهوة لنفسه عندما يكتب


61 عاماً على رحيله ومازال «التونسى» يمتعنا بأزجاله

الأخبار

الأربعاء، 05 يناير 2022 - 04:51 م

يقول الناقد الكبير محمد السيد شوشة فى كتاب «أغانى بيرم التونسى» أن أم كلثوم علمت بوفاة بيرم فى الاستراحة التى تفصل وصلتها الغنائية الأولى عن الثانية فى 5 يناير من عام 1961، كانت قد أدت وصلتها الأولى وتستعد لتقديم الوصلة الثانية بأغنية «يا ظالمنى» لكنها استبدلتها بأغنية «الحب كده» التى كتبها بيرم، وكان محمد القصبجى قد همس فى أذنها بعيدا عن الفرقة ليبلغها بخبر رحيل بيرم الذى علم به فى الاستراحة قائلا لها «بيرم مات يا ست».

الخبر نزل على أم كلثوم كما الصاعقة التى جعلتها لا تتحكم فى دموعها خلف الكواليس، وقررت غناء «الحب كده» ولم تتمالك أم كلثوم نفسها عندما انفرج الستار عن وصلتها الثانية، ولم تستطع أن تخفى الدموع التى انسابت من عينيها فرفعت منديلها تجفف الدمعة التى ظهرت فى عينيها، وبدأت أم كلثوم الغناء وأحس حضور الحفل بشجن حزين ينساب من صوتها وهى تشدو بكلمات بيرم التى يقول فيها: «تشوفه يضحك وفى قلبه الأنين والنوح.. عايش بلا روح.. وحيد، والحب هو الروح.. حبيب قلبى وقلبى معاه.. بحبه فى رضاه وجفاه».

إقرأ أيضاً | نائب محافظ القاهرة تتفقد أعمال تطوير شارع بيرم التونسى 

ولد بيرم فى الإسكندرية ومع ذلك التصق به لقب «تونسى» بلد أبيه وأجداده، لكنه كان مصريا أكثر من أى مصرى يستمتع بحقوق الجنسية المصرية التى لم يحصل عليها بيرم لهجومه على الملك فؤاد الذى أصدر فرمانا بنفيه من مصر، وكان بيرم قد اختار من البداية أن ينحاز للفقراء والبسطاء وهو أمير مملكة الشعر العامى، واختار أيضا أن ينحاز إلى البؤساء والغلابة المطحونين فكان لسانهم الصادق الساخر اللاذع الناقد فى مواجهة القصر والاحتلال البريطانى، وكان مخلصا فيما يكتب من إبداعات شعبية بسيطة وعميقة للطبقات المعدمة والمهمشة، وعبر بكل صدق عن وطنيته التى دفع ثمنها تشريداً وجوعاً ونفياً وتغريباً، وهزمه مرض «الربو»، الذى أصابه جراء الشتات فى المنافى، ولم يتراجع بعد العفو عنه وعودته لمصر فى عهد الملك فاروق وظلت أزجاله تقلق مضاجع الظلم والظالمين، وظلت كلماته تنضح بحبّ مصر التى عشق نيلها وحواريها وأزقتها، وشمسها.

وقد لخص بيرم مشوار حياته فى قصيدة «الأولة آه.. والتانية آه.. والتالتة آه» التى يقول فيها: «الأولة: مصر.. قالوا «تونسى» ونفونى.. والتانية: تونس.. وفيها الأهل جحدونى.. والتالتة: باريس.. وفى باريس جهلونى.. الأولة: مصر، قالوا «تونسى» ونفونى جزاة الخير.. والتانية: تونس، وفيها الأهل جحدونى وحتى الغير.. والتالتة: باريس، وفى باريس جهلونى وأنا موليير.. الأولة: مصر، قالوا «تونسى» ونفونى جزاة الخير وإحسانى.. والتانية: تونس، وفيها الأهل جحدونى وحتى الغير ما صافانى.. والتالتة: باريس، وفى باريس جهلونى وأنا موليير فى زمانى.. الأولة: شرّبتنى من فراقها كاس بمرارة.. والتانية: آه فرّجتنى ع الجمال ينداس يا خسارة.. والتالتة: يا ناس يا ريتنى كان لى فيها ناس وإدارة .. الأولة: أشتكيها للى أجرى النيل.. والتانية: دمعى عليها غرّق الباستيل.. والتالتة: لطّشت فيها ممتثل وذليل.. والأولة آه.. والتانية آه.. والتالتة آه».

وقد منحه الرئيس جمال عبد الناصر عام 1960 قبل رحيله بعام جائزة الدولة التقديرية فى الأدب، وحصل بعدها على الجنسية المصرية، ومن الجدير بالذكر أن أمير الشعراء أحمد شوقى قال فيه : «أخشى على الفصحى من بيرم»، وكان يقصد أن جمال شعره بالعامية سيصرف الناس عن الفصحى.
من كتاب «أغانى بيرم التونسى»

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة