الرئيس السادات يستمع لموسى صبرى فى حضور على حمدى الجمال ومحسن محمد
الرئيس السادات يستمع لموسى صبرى فى حضور على حمدى الجمال ومحسن محمد


فى الذكرى الـ 30 لرحيل صاحب « دموع صاحبة الجلالة »

كنوز| مشوار موسى صبرى من «الصحافة الملعونة» إلى «50 عاما في قطار الصحافة»

عاطف النمر

الأربعاء، 12 يناير 2022 - 05:31 م

في الثامن من يناير الجاري حلت علينا ذكرى مرور 30 سنة على رحيل الكاتب الكبير موسى صبري أحد أهم جيل «أساطين» صاحبة الجلالة الصحافة، و«الأساطين» في اللغة هم عظماء المهنة، وكل من عاصره وعمل معه يبصم له بالعشرة أنه القامة والقيمة والأستاذية في بلاط صاحبة الجلالة عن حق، وشهد له اليمين واليسار بذلك رغم اختلافهم السياسي معه.

قرأت له كتاب «الصحافة الملعونة» قبل أن ألتحق ببلاط صاحبة الجلالة، وصفها بالملعونة إلا أننى أحببتها من كتابه وكتاباته بصحف ومجلات «أخبار اليوم» التى تعلم منها أغلب أبناء جيلى الكثير من الدروس، صحيح أننا تتلمذنا على يد أستاذه وأستاذنا جلال الدين الحمامصى بكلية الإعلام، إلا أننا تيقنا فى فترة تدريبنا وعملنا بمطبوعات «أخبار اليوم» أن موسى صبرى هو أحد أهم «أساطين» المهنة الذى ارتفع فى عهده توزيع كل مطبوعات «أخبار اليوم» لأرقام غير مسبوقة عندما كان رئيسا لتحرير جريدة «الأخبار» ورئيسا لمجلس إدارة المؤسسة، ومن احد الدروس المستفادة أنه عندما أراد تطوير جريدة «الأخبار» كلف أحد المختلفين معه أيديولوجيا وهو الناصرى القح الأستاذ إسماعيل يونس صاحب المواهب الصحفية المبدعة والمقدرة التى جعلت الأستاذ موسى ينحى خلافه الإيديولوجى كساداتى قح مع ناصرى له موقف من السادات، إدراكا منه أن إسماعيل يونس هو أفضل من سينفذ له رؤيته فى التطوير الذى يتصوره، وهذا يدل على حياديته فى العمل كمهنى يدرك مع من تكون مصلحة الجريدة.
استدعانى لمكتبه بعد عودتى من مهرجان بغداد وفوجئت به يسألنى: من هو «الناقد ذو الشعر الأبيض» الذى كتبت عنه فى الرسالة التى بعثت بها من مهرجان بغداد المسرحى؟ فقلت إنه الناقد الأدبى فاروق عبد القادر، فقال: ولماذا لم تكتب اسمه، أليس من حق القارئ أن يعرف اسم الشخص الذى تطاول على صناع مسرحية مصرية تشارك فى بغداد؟ ويتطاول على رئيس الوفد د. سمير سرحان؟ ويتطاول على بلده فى الخارج؟.. قلت: لقد خشيت أن يتم التضييق علينا ونحن مازلنا فى بغداد من النظام العراقى الذى وجه الدعوة له وهو لم يكن ضمن الوفد المصرى الرسمى، ولهذا وصفته بالناقد ذى الشعرالأبيض على أساس أننى سوف أتناوله باسمه بعد عودتنا فى رسالة تالية، فقال الأستاذ موسى: أقدر مبررك، لكن كان عليك ألا تتناوله مجهلا وتؤجل الفقرة التى تضمنتها رسالتك عنه لحين عودتكم للقاهرة، وعندها يكون لكل حادث حديث، لأنك جعلتنى وأنا رئيس التحرير أتساءل عن «الناقد ذى الشعر الأبيض» فمال بالك بالقارئ، وأخذ الأستاذ موسى يسألنى عن هذا الناقد، وأين يكتب فى مصر وخارج مصر، ومن هذه الواقعة تعلمت الدرس المستفاد من «أستاذ» محنك من أهم «أساطين» المهنة، كثيرا من الدروس المستفادة تعلمناها منه ومن كتاباته، ومن المهم جدا لكل صحفى شاب يريد أن يرتوى من حنكة ومهنية الأستاذ موسى صبرى أن يقرأ كتابه «الصحافة الملعونة»، و«50 عاماً فى قطار الصحافة»، ويقرأ ما كان يكتبه فى «آخر ساعة «بعنوان» بعيدا عن السياسة»، وما كان يشنه من معارك صحفية نارية لا يخرج منها مهزوما أبدا، ومن أشهرها معركته مع حزب الوفد الجديد وزعيمه فؤاد باشا سراج الدين، ولحسن حظ جيل الصحفيين الشباب فقد وثقت مكتبة الإسكندرية على الموقع الإليكترونى لذاكرة مصر المعاصرة كل مقالات الأستاذ موسى التى كتبها فى فترة حكم الرئيس السادات من 1970 حتى وفاته فى أكتوبر 1981، ومن المهم أيضا قراءة كتبه وهى «قصة ملك و4 وزارات - وثائق 15 مايو - ثورة كوبا - اعترافات كيسنجر - وثائق حرب أكتوبر - السادات الحقيقة والأسطورة - نجوم على الأرض - شيوعيون فى كل مكان - ثورة مايو فى السودان - مخبر صحفى - وراء عشر وزارات»، ولم يكن موسى صبرى من «أساطين» صاحبة الجلالة فقط، إنما كان أديبا وروائيا ومن رواياته «الجبان والحب - العاشق الصغير - الحب أيضا يموت - حبيبى اسمه الحب - عشاق صاحبة الجلالة - آدم يصرخ وحواء تستغيث»، وكان مبدعا أيضا فى الكتابة للدراما فكتب للسينما قصة «دموع صاحبة الجلالة»، و«رحلة النسيان» و«كفانى يا قلب»، وكتب حوار فيلمى «المخربون» و«الخائنة»، وقدمت السينما من أعماله الروائية فيلمى «صانع الحب» و«غرام صاحبة السمو».


تخرج موسى صبرى من كلية الحقوق عام 1943 بتقدير متميز لكن صغر سنه حال دون تعيينه فى النيابة العامة فكتب عنه مصطفى أمين مقالًا بعنوان «جناية النبوغ» فى مجلة «الإثنين»، وكتب عنه فكرى أباظة مقالًا بعنوان «ذكاء المرء محسوب عليه» فى مجلة «المصور»، وكتب د. طه حسين خطابا بشأنه لصبرى أبو علم وزير العدل الذى أصدر قرارا بتعيينه معاونا للنيابة واستدعى لحلف اليمين ولسوء حظه ألقى عليه القبض بتهمة توزيع «الكتاب الأسود» الذى صاغه مكرم باشا عبيد بالتعاون مع جلال الدين الحمامصى الذى فضح فيه النحاس باشا وحرمه، واعتقل الحمامصى وموسى صبرى بسجن الأجانب الذى التقيا فيه بالضابط الأسمر أنور السادات الذى كان يخطط للهرب من السجن عن طريق «عشة» لتربية الأرانب اتخذها ستارا لعملية الحفر فى سور السجن، ونجح فى الهرب ومعه موسى صبرى الذى تم القبض عليه صباح اليوم التالى وأعيد للسجن مرة أخرى بينما اختفى السادات، ومن هنا يتبين لنا خلفية وعمق الصداقة التى ربطت بينهما من أول لقاء فى السجن، وظل موسى صبرى وفيا فى الدفاع عن السادات ضد معارضيه فى الداخل والخارج. 


للكلمة فى عالم الصحافة معنى كبير ومقدس عند الأستاذ موسى فقد وصفها بأنها سلاح قد يكون مبضع جراح يشفى الألم‏، وقد يكون نصلا مسموما يبتر ويمزق ويقوض‏، واليد التى تمسك هذا السلاح مفسدة إذا لم تكن رشيدة واعية‏، ويقول عن تجربة صحافة الخمسين عاما التى خاضها وكان من ألمع نجومها «نحن فى مواقع مسئوليتنا عابرون لا مخلدون نرعى الأمانة لنسلمها لا لنستأثر بها‏، فالعمل الصحفى وظيفة اجتماعية للتأثير والتطوير والإشعاع، لا إقطاع فردى للاستغلال والمتاجرة والميراث»، وعلى مقهى «كافيه ريش» صارحنى صديقه الحميم الكاتب اليسارى أحمد عباس صالح أن الأستاذ موسى عندما ألم به المرض واشتد عليه قال له «ألم ترَ أن جيلنا يرحل سريعا، الآن يا صديقى أفكر فى أننا خُدعنا جميعا خدعة كبيرة‏، والمتصارعون من أجل السلطة قد استخدمونا لمصالحهم أسوأ استخدام !»‏.


رحم الله الأستاذ موسى صبرى الذى صاغ باحترافية سياسية خطاب الرئيس السادات الذى ألقاه فى الكنيست عام 1977، وأذكر له مقالا كتبه بعنوان «نعم إننى أزمر وأطبل» ردا على منتقديه الذين اتهموه بأنه غرق لشوشته فى مدح السادات والدفاع عنه وأكد فيه مصداقيته فى الدفاع عن مصر فى مواجهة كل من أرادوا الإساءة إليها فى شخص السادات بطل الحرب لمجرد أنه فكر فى استرداد كامل الأرض بمعاهدة سلام تحقن الدماء.


عاطف النمر  

إقرأ أيضاً|صاحب «قنديل أم هاشم» يروى احتفالية ليلة الرؤية فى « فيض الكريم »

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة