جميل چورچ
جميل چورچ


رؤية شخصية

السد العالي.. وذكريات قديمة جديدة

الأخبار

الثلاثاء، 18 يناير 2022 - 06:01 م

بقلم/ جميل چورچ

لا يمكن أن يمر شهر يناير من كل عام إلا وأن نتذكر بداية قيام المصريين بوضع أساس مشروع القرن «السد العالى» عام ١٩٦٠ والذى يجرى تحديده الأن.. ذلك المشروع الذى سبقه العدوان الثلاثى من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عام ٥٦، وسحب البنك الدولى للانشاء والتعمير الذى اشتركت مصر فى تأسيسه فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، المنحة التى كان قد قدمها لمصر بعد عام واحد من تقديمها بسبب الضغوط الاستعمارية، لكن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر  والشعب المصرى قالها.. «قلنا حنبنى وآدى احنا بنينا السد العالى».. وتغنى بها العندليب عبدالحليم حافظ.

وبعد ضربة البداية صدرت إلينا التعليمات.. والزميلان عبدالوهاب مرسى وكريمة عبدالرازق وكاتب هذه السطور، بالتوجه إلى موقع العمل بعد أن وقعت روسيا «الاتحاد السوفيتى السابق» الحليف لمصر اتفاقا حصلنا بمقتضاه على ٤٠٠ مليون روبل لتنفيذ المرحلة الاولى من السد ووقتها كان سعر الصرف للجنيه المصرى يساوى ٢٫٣ دولار عام ١٩٦٢.

وتوجهت والزميلان إلى موقع السد.. ولدينا تعليمات محددة وهى تقديم عرض للبطولات والقصص الانسانية للأيدى المصرية العاملة فى هذا المشروع العملاق، والتركيز على تضحيات أبناء النوبة فى مصر والسودان الذين تركوا منازلهم وذكرياتهم للموقع الذى غطته بحيرة السد التى سعتها ١٦٢ مليار متر مكعب من المياه.

وقمت والزملاء كل يوم بالتجمع فى الموقع صباحا نتابع الأيادى السمراء من العمال والفنيين والمهندسين بالعمل على مدار اليوم لإقامة جسم السد ومحطة الكهرباء على الضفة الشرقية للنيل معترضة مجرى القناة، وانسابت التوربينات من خلال ستة أنفاق مزودة ببوابات التحكم فى المياه.. وفى مساء كل يوم نجمع الحصاد ونعد الرسالة التى نبعث بها إلى قسم الاستماع تليفونيا حتى تكون تحت أيدى مجلس التحرير فى صباح اليوم التالى.. وأذكر بهذه المناسبة ذات يوم أن تأخر علينا الزميل عبدالوهاب، وبالبحث عنه اكتشفنا أنه اصيب بكسر فى ساقه وهو ينزل من الاوتوبيس وهو فى طريقه إلينا.

وواصلنا المهمة بكل اخلاص إلى أن جاء يوم الافتتاح فى مراحله الاولى.. وقمت بتصوير الموكب الاحتفالى بكاميرا كان الزميل الراحل سمير عبدالقادر قد اشتراها لى من ألمانيا.. وضم الركب سيارة مكشوفة بها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والرئيس الروسى نيكتا خروشوف، والعراقى عبدالسلام عارف.. وتمت الاحتفالات بشوارع أسوان ولم يتحقق حلم اقامة السد العالى إلا بعد دراسات دقيقة نتيجة معاناة مصر من الآثار السيئة لفيضان النيل، وأحيانا الجفاف عندما ينخفض منسوب النهر وتصاب الأراضى الزراعية بالبوار.. وروعى فى الدراسات عدم إحداث أى تأثير سلبى على أى من دول حوض النيل. وعدم احداث تاثير سلبى على دول حوض النيل التى وافقت جميعها على انشاء المشروع.

أقول هذا بعد ما يتهدد مصر والسودان دول المصب «من آثار السد الاثيوبى» الذى لم تمانع مصر فى إنشائه لأنها ترضى كل الخير للشعب الاثيوبى خاصة أن هدفه هو التوسع فى انتاج الطاقة، لكن اثيوبيا ضربت بكل الاتفاقات الدولية عرض الحائط بالتفكير فى الملء السيئ مما يضر بحصة مصر التى أقرتها الأمم المتحدة عام ٥٩.. ولجأت دولتا المصب إلى مجلس الأمن وجميع الدول الافريقية، وشرقا وغربا وأدانت الدول هذا الفكر الاثيوبى الذى يتبناه ابيه أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام؟.. ولم يمر من الوقت الكثير حتى تكشفت أخطاء فى الانشاء، ولم يعمل السد إلا بـ ٣٠٪ من كفاءته، وتشغيل ٤ توربينات فقط من بين ١٦ توربينا.. وبكل الصبر والعلم والحوار تواصل مصر اقناع اثيوبيا بتصحيح المسار.. وفى الوقت نفسه تقوم مصر بالعمل على تأمين احتياجاتها من المياه من مختلف المصادر على أمل أن تعود اثيوبيا إلى رشدها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة