عمالة الأطفال
عمالة الأطفال


«عمالة الأطفال».. اتجاه معاكس لـ«التنمية»

آخر ساعة

السبت، 22 يناير 2022 - 01:06 م

آية فؤاد

رغم مساعى الحكومة للحد من عمالة الأطفال، فإن الكثير من الأسر خصوصاً فى الريف والمناطق النائية تحد كثيراً من تلك الجهود، ومؤخراً فتح حادث معدية قرية القطا بمنشأة القناطر الحديث مجددا حول قضية عمالة الأطفال، حيث كان ضحيتها سقوط 9 أطفال ماتوا غرقاً أثناء عودتهم من العمل بإحدى مزارع الدواجن، ليدق الحادث من جديد ناقوس خطر بشأن مخاطر عمالة الأطفال التى مازالت تتفاقم وفقا لتقارير حديثة أصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وأشارت إلى أن هناك حوالى مليون و200 ألف طفل عامل، والسؤال: هل يمكن وقف عمالة الأطفال، أم أنها أصبحت واقعا يفرضه الوضع الاقتصادى؟

 

لم يعلموا أن الموت كان فى انتظارهم عند استقلالهم معدية القطا فى طريق عودتهم من عملهم فى جمع البيض بإحدى مزارع الدواجن، 23 طفلاً منهم 13 صبيًا و10 بنات، لا تتجاوز أعمارهم 15 عامًا، طاردهم شبح الموت ولقى تسعة منهم حتفهم نتيجة خروجهم إلى العمل وحرمانهم من طفولتهم، ولم يكن أطفال حادث القناطر أول ضحايا عمالة الصغار، فهناك آلاف الأطفال الذين يدفعون من أعمارهم وحياتهم ثمناً لخروجهم إلى سوق العمل مبكرًا، أضرار جسيمة يتعرض لها الأطفال أثناء خروجهم للعمل، ما يدفعنا إلى استخدام كافة السبل القانونية والاجتماعية لوقف هذه الظاهرة، فى ظل وضع اقتصادى دفع بهؤلاء الصغار إلى سوق العمل.

 

داليا صلاح، مديرة المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، قالت لـاآخرساعةب: إن عمالة الأطفال ظاهرة اجتماعية تمثل أزمة حقيقية فى مجتمعنا، وهى موجودة بالفعل ولكن آثارها السلبية غالباً ما تظهر بوضوح مع وقوع الحوادث والجرائم، وخلال عملنا صادفنا العديد منت الحالات لأطفال تعرضوا لمخاطر كثيرة نتيجة خروجهم للعمل فى سن مبكرة، منها جرائم متعلقة بهتك العرض والسرقة والنشل والمخدرات، حيث إن عمالة الأطفال تجعلهم عُرضه للاستغلال، وتعرِّض حياتهم ومستقبلهم للخطر.

تتابع: إذا تتبعنا ما يحدث مع الأطفال العاملين نجد أن من أضعف أنواع الاستغلال الذى يتعرضون له هو استغلال أصحاب العمل بصرف مرتبات ضئيلة لهم مقابل العمل لساعات طويلة، واستنفاد طاقاتهم، فقد رصدنا لوائح ببعض الأماكن تشترط فترة عمل لمدة 12 ساعة متواصلة دون أى رحمة، بالإضافة لاضطرار هؤلاء الصغار للانتقال من مكان لآخر مستخدمين وسائل نقل غير آمنة للوصول لأماكن عملهم، وجميعها جرائم يعاقب عليها القانون.

 

وتشير إلى أن الظروف الاقتصادية والتفكك الأسرى أسباب رئيسية وراء عمالة الأطفال، ليجد الطفل نفسه فجأة مضطرًا للاعتماد على نفسه فى سد احتياجاته المادية، وقد يكون مسئولًا عن أسرة بأكملها، لكن يمكننّا العمل من خلال تكاتف منظمات العمل المدنى على رفع المقومات المادية داخل الأسرة، كتدريب السيدات على الحرف اليدوية البسيطة، أو توفير فرص عمل لرب الأسرة إذا كان عاطلًا عن العمل، وعند رصد أى حالات لعمالة الأطفال عن طريق لجان حماية الطفولة الفرعية، أو عن طريق خط نجدة الطفل يتم التدخل وحل المشكلة التى دفعت الطفل للعمل.

 

وتوضح: على الجانب الآخر هناك قوانين تحمى الأطفال، أهمها اقانون الطفلب، إلا أننا بحاجة لآلية لتنفيذ هذه القوانين ورصد الظاهرة، لأنه حتى الآن ليس لدينا أرقام فعلية ومحددة لعمالة الأطفال، لافتة إلى الحاجة للرقابة الدورية على المنشآت والورش والمصانع للحد من الظاهرة، وتفعيل القوانين التى تقضى بغلق أى منشأة تستخدم الأطفال كعمالة، والانتباه إلى المناطق السياحية التى تستقطب عددًا كبيرًا من الأطفال فى موسم الصيف، حيث ينتشر عمل الأطفال بالكافيهات وتجارة البضائع والسلع المختلفة على الشواطئ.

 

تضيف: نحن بحاجة لزيادة الوعى المجتمعى بالأضرار التى يتعرض لها الأطفال إناثا أو ذكوراً داخل العمل ومنها النفسى والجسدى، بالإضافة لشن حملات إعلامية ضد عمالة الأطفال تبرز القوانين والإجراءات التى تتخذ ضد المنشآت والأشخاص الذين يستغلون الأطفال فى العمل، وتؤكد أن منظمات المجتمع المدنى لها دور كبير فى الحد من عمالة الأطفال، ويمكن أن تسهم فى ذلك من خلال الدورات التأهيلية للأطفال بدءًا من سن 13 سنة، وهى السن المسموح بها حسب القانون كبداية للتدريب على العمل، وتعمل على ذلك حالياً معظم المنظمات المهتمة بالطفل، حيث تعقد الدورة لمدة شهرين، ويتم توفير جميعتسُبل الأمان بها مع وجبة طعام للطفل، ومواصلات آمنة، ويكون ذلك تحت مسمى اأشغال آمنةب مثل التدريب على الطباعة أو الرسم على الأقمشة أو التصوير.

 

من جانبه، يوضح أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال، أن القانون يجرِّمتعمالة الأطفال، وتحصيل الأموال من وراء عملهم واستغلالهم، وهو ما يعرف بـاالاستغلال الاقتصادىب، وعقوبته تصل إلى السجن لـ5 سنوات، كما أنتالدستور المصرى فى المادة 80 حظر عمل الأطفال قبل بلوغ سن التعليم الأساسى، وبداية من سن 13 عاما يجوز عمل الطفل بالتدريب المهنى، وهنا ترتبط المسألة بفكرة الأطفال غير الموفقين فى التعليم والدراسة بشكل منتظم، فيتم إلحاق الطفل بالتدريب المهنى بالتنسيق مع وزارة القوى العاملة، وقد وضع القانون شروطا عديدة فى هذه الحالة، منها قلة عدد ساعات العمل، وتوفير فترتى راحة للطفل، والمتابعة بين الولى على الطفل ورب العمل، كما نص القانون على أن عمل الطفل من سن 15 إلى 18 سنة يجوز، ولكن بما لا يؤثر فى بيئته أو تنشئته أو أخلاقه وصحته.

 

وأوضح أن القانون وضع هذه الشروط لأن عمل الطفل يأتى عكس النهضة والتنمية الاقتصادية، حيث إن خروج الطفل لسوق العمل مبكرًا يجنى على مراحل طفولته، ويخلق فيما بعد مواطنا غير سوى معرَّض لارتكاب الجرائم، ولا ينتمى للمجتمع بما يعوقه عن المشاركة فى عجلة التنمية والإنتاج، والعمل بشكل منظم.

 

ويشير إلى أهمية الالتفات لعمالة الأطفال بالريف، والتى تصل نسبتها إلى 100%، فمعظم الأطفال يخرجون للعمل مع أسرهم أو بدونهم بالمزارع والحقول، ويستغل أصحاب العمل الطفل لقلة الأجر الذى يتقاضاه مقارنة بغيره، وتوكل له أعمال قد تنهى حياته وأخطرها رش الكيماوى والمبيدات، بالإضافة إلى طرق نقل الأطفال إلى أماكن العمل والتى دائماً ما تكون محاطة بالمخاطر، ومنها نقلهم فى عربات الكارو أو عربات النصف نقل، والتى يستقلها الأطفال بأعداد كبيرة وفى النهاية يصبحون ضحية لوسيلة مواصلات غير آمنة مثلما شاهدنا بحادث معدية القناطر.

 

يضيف: هنا نحن بصدد جريمتين، الأولى وهى تعريض حياة الأطفال للخطر وهى جريمة مسئول عنها أى شخص ساهم فى ذلك سواء صاحب العمل أو السائق وهى جريمة عقوبتها الحبس 6 أشهر، أما الجريمة الثانية وهى االقتل الخطأب وعقوبتها الحد الأقصى الحبس لمدة تصل إلى 3 سنوات، وأكد أنه يمكننا وقف عمالة الأطفال عن طريق وقف وعى المجتمع بمدى خطورة عمالة الأطفال من خلال تعاون جميع الأجهزة المسئولة عن حماية الطفل ووضع استراتيجية لوقف عمالة الأطفال ومنها المجلس القومى للطفولة والأمومة برسم السياسات والمتابعة، ووزارة التربية والتعليم من خلال التصدى للتسرب من التعليم وهو أحد الأسباب القوية لعمالة الأطفال.

 

يتابع: يجب أن تضاعف وزارة الشباب والرياضة اهتمامها باستقطاب الأطفال لمراكز الشباب والاهتمام بالأنشطة وزيادة الوعى لديهم، ووزارة الثقافة لجذب الأطفال إلى المكتبات وتوزيع الكتب عليهم بالمجان وتثقيفهم بما يتوافق مع مراحلهم العمرية، لافتًا إلى أهمية مشاركة وزارة القوى العاملة من خلال إدارة االتفتيش على عمل الأطفالب، وتفعيل عملها بشكل جيد وملاحقة عمل الأطفال على مستوى كافة المحافظات. ت

فيما أوضح هانى هلال، أمين عام الائتلاف المصرى لحقوق الطفل، أن عمالة الأطفال تفاقمت فى الفترة الأخيرة نتيجة أزمة كورونا التى أثرت فى الوضع الاقتصادى، خاصة العمالة اليومية، ما دفع بعض الأسر إلى خروج جميع أفرادها للعمل ومنهم الأطفال تحت سن 15 عاما، لافتًا إلى أن الأرقام التى تشير لحجم عمالة الأطفال تغفل الكثير من الأعداد الخاصة بالأطفال العاملين بالريف والأماكن النائية.

وأكد أن عمالة الأطفال فى جميع الأحوال جريمة يمكن الحد منها، باعتماد الحماية الاجتماعية للأطفال التى تكفلها القوانين، وعدم الاستسلام للمشكلة كونها نتاجا لواقع اقتصادى، لأن الأطفال أنفسهم يشكلون ثروة اقتصادية فيما بعد، دون المساس بحقهم فى التعليم ومزاولة طفولتهم واكتمال نموهم.

ويشير إلى أن هناك إرادة من الدولة ومنظمات المجتمع المدنى فى التصدى لعمالة الأطفال وحماية حقوقهم، لكن ينقصنا تعاون الأسرة خصوصا الأب والأم، لتطبيق العدالة الاجتماعية التى يحتاجها الطفل، موضحاً أن العقوبات تم تغليظها بغرامات ماليةت تصل إلى 2000 جنيه لصاحب العمل، وغلق المكان لمدة 6 أشهر حتى يراجع كل صاحب عمل قراره فى تاستغلال طفل بأعمال غير آدمية لا تتماشى مع طفولته.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة