رحلة زواج صينية تبدأ بتشويه أعضائها  
رحلة زواج صينية تبدأ بتشويه أعضائها  


حكايات| بإعاقة مدى الحياة.. رحلة زواج صينية تبدأ بتشويه أعضائها

هناء حمدي

الأحد، 30 يناير 2022 - 02:40 م

تختلف معايير الحكم على جمال المرأة من مجتمع لآخر حسب ثقافته فتجد ما هو مألوف لك نظرا لمدى انتشاره وتبعا لثقافة مجتمعك وتجد أيضا ما هو غريب ففي اليابان تجد الاسنان المعوجة ضمن معايير جمال المرأة أما في بورما فالرقبة الطويلة هي المعيار الحاكم لجمال المرأة.

 وغالبا ما تجد هذه المعايير ليست شرطا لزواج المرأة ولكن اختلف الأمر في الصين والذي اعتبرت قديما أن لا شيء يضاهي جاذبية امتلاك المرأة اقدام صغيرة واعتبرته شرط أساسي لزواج الفتاة وبدون هذا الشرط تعد الفتاة منبوذة ولا تستحق الزواج.

ولأن المجتمع نص على أن صغر قدم الفتاة شرط زواجها سعت كل العائلات التي لديها فتاة لتحقيقه حتى تتمكن الفتاة من الزواج دون الأخذ في الاعتبار ما يحدث للفتاة من إعاقة وتشويه لأعضائها في سبيل تصغير قدمها ليخرج الشرط عن كونه إحدى عادات وتقاليد الزواج المميزة لكل دولة إلى كونه شكل من اشكال التعذيب التي يمارسها المجتمع على المرأة فمدى الألم الذي تتعرض له الفتاة منذ صغرها في سبيل تحقيق الشرط جعل منه أداة تعذيب طويلة الأمد بحسب موقع " Britannica".

ولمعرفة سبب كون القدم الصغيرة أداة للتعذيب وليست شرط للزواج ومعيار للجمال عليك ان تعرف ما تتعرض له الفتاة منذ سن الـ 4 سنوات لتحقيقه بداية من كسر عظام مشط القدم مرورا بكسر الأصابع وربطها ملتوية نحو الداخل وربطها بشرائط من الحرير لمنع وصول الدم إليها وتوقفها عن النمو بعد تشويهها لينتهي الأمر بإجبارهن على ارتداء أحذية صغيرة والسير على أقدامهن المحطمة مسببا لها إعاقة دائمة مدى الحياة كل ذلك في سبيل مطابقة معايير الجمال الغريبة شرط الزواج من شباب العائلات النبيلة والثرية وفقا لموقع " all that interesting".

وعلى الرغم من أن بداية ممارسة هذا التشوه ووضعه شرط لزواج المرأة قديما في الصين يعود إلى القرن الـ 10 إلا أن سبب بدايته وانتشاره ظل غامضا حتى روت إحدى الاساطير أن البداية كانت مع أحد الاباطرة الحاكمين والذين اشتهروا بذوقهم الفريد والغريب حينما اعجب بشكل كبير بأقدام إحدى الراقصات في بلاطه والتي تميزت بصغر حجمها وارتدائها حذاء صغير الحجم على شكل زهرة اللوتس الذهبية.

ومن هنا بدأ العديد من السيدات المنتمين إلى الطبقة الراقية العمل على تصغير أقدامهن لتتشابه في حجمها مع حجم قدم الراقصة التي لا تتجاوز الـ 9 سنتيمتر سعيا منهن لجذب انتباه الامبراطور وأملا في كسب انتباهه واهتمامه ليقموا بتصغير اقدامهن من خلال شدها باستخدام الاقمشة لتبدو اصغر حجما وتدريجيا تحول الأمر إلى ممارسة منتشرة اطلق عليها " طي القدم" وأصبح لها أسلوب تنفيذ خاص بها للوصول إلى الحجم المثالي والذي لا يتعدى الـ 12 سنتيمتر طبقا لمعايير "قدم اللوتس".

فيعتبر طول القدم المثالي والذي تسعى جميع النساء للوصول إليه هو 9 سنتيمتر ويطلق عليها " قدم اللوتس الذهبية" يليه في التفضيل طبقا لمعايير الجمال قدم " اللوتس الفضية" والتي لا يتخطى طولها الـ 12 سنتيمتر فهذه الاطوال هي علامة على مدى الرقي الإجتماعي والتفرد الذي تحظى به المرأة وعن كونها تنتمي إلى الطبقة الراقية من المجتمع ولهذا غالبا ما تكون لديها فرص كبيرة للزواج من أسر ذات مكانة اجتماعية مرموقة وثرية.

أما المرأة التي تمتلك قدم " اللوتس الحديدي" المنبوذة اجتماعيا كونها اطول من 12 سنتيمتر فإنها تعتبر من الطبقات الاجتماعية الأدنى ودائما ما تكون محل للسخرية والإذلال لأنها تشبه عامة النساء العاملات في الحقول والذين لا يمكنهن تحمل رفاهية "قدم اللوتس" وبالتالي لن يكن لهن أية فرصة للزواج من شاب ينتمي للطبقة الراقية.

ولذلك تلجأ كل أسرة إلى إجراء عملية " تضميد أو طي القدم" لأبنتها التي تبلغ من العمر 4 سنوات لمنع نمو القدم تحقيقا للهدف الأسمى جذب الأزواج من العائلات النبيلة والثرية ولكن تتعرض الطفلة في هذا السن الصغير ونتيجة لهذا الإجراء إلى الم شديد فهذه الممارسة تعد جزء من تشويه أعضاء الفتاة عبر تحطيم اصابع أقدامها وكسر مشط القدم.

وتمر عملية " تضميد القدم " بعدة مراحل أولها نقع الأقدام في مزيج من دماء الحيوانات من أجل جعلها لينة ومرنة وبعدها يتم قص أظافر أصابع القدم تمهيدا لثنيها ملتوية للداخل نحو الأسفل باتجاه باطن القدم باستثناء الاصبع الكبير من ثم يتم تضميد هذه الاصابع المكسورة بشرائط من الحرير لمنع شفائها وتعافيها.

واذا كنت تعتقد بذلك أن عملية التشويه قد انتهت فعليك أن تعلم أن هناك المزيد فبعد لفها بتلك الشرائط الحريرية يتم إجبار الفتاة على السير عليها بعد ارتدائها حذاء صغير جدا تمهيدا لكسر مشط القدم ويتم تكرار هذا الإجراء كل فترة مع التأكد على شد الشرائط بإحكام اكبر للوصول الى اصغر حجم ممكن للقدم.

وبالإضافة إلى حجم الالم الذي يسببه هذا الإجراء للفتاة والذي يعيق حركتها لمدة قد تصل لشهور فإنه يؤدي إلى تغيير معالم جسم المرأة فنتيجة الضغط على الارداف والفخذين وتحميل كامل حجم الجسم عليها فإن ذلك يؤدي إلى انتفاخهما ومن ثم إحداث اعوجاج في الساقين في اعاقة جسدية تدوم مدى الحياة كما أنها قد تفقد المرأة القدرة على المشي والوقوف بشكل طبيعي.

وقد ينتج عن تشوه الساقين في كثير من الأحيان إلى درجة العجز الكامل عن السير لذلك كان يتم حملهن على عربات أو حملهن على الاكتاف من قبل موظف مختص لذلك في حالة احتياجهن للتنقل مما جعلهن يعتمدن بشكل كامل على أزواجهن والخدم وأصبح دورهن يقتصر على أعمال البيت والانجاب والذي دائما ما كان مصيره إما موت الجنين أو إنجاب طفل ضعيف بسبب ضعف اجسادهن ومرضهن المستمر.

ويرجع كل ذلك إلى مدى خطورة هذه الممارسة فغالبا ما تعاود أظافر أصابع الأقدام النمو وبسبب التواء الأصابع للداخل فهي تنمو إلى داخل نسيج القدم المتورم مما يؤدي إلى الإصابة بالالتهابات والتلوث كما يمكن أن يتسبب نقص تدفق الدم في الأصابع بسبب الشرائط الحريرية والتي تمنع علاجها وتحبس الدماء عنها إلى إصابة الفتاة بالغارغارينا.

وعلى الرغم من صعوبة الإصابة الا انها كان ينظر لها باعتبارها فائدة كونها عامل مساعد يسرع من تعفن أصابع القدم وسقوطها مما يجعل القدم أصغر حجما بشكل أكبر حتى أنه في بعض الأحيان كان يتم إحداث التهابات في القدم عمدا من خلال وضع شظايا من الزجاج المكسور على القماش المستعمل في التضميد حول الأصابع وذلك لإسراع عملية تعفنها وسقوطها.

ولكن في أحيان كثيرة يتحول الأمر إلى كارثة نتيجة انتشار ووصول الفيروس والتعفن إلى مجرى الدم لتصبح الفتاة في رحلة الموت بدلا من رحلة الاستعداد للزواج حتى ان 10 % من الفتيات الذين تم إخضاعهن لعمليات تضميد الأقدام يلقين حتفهن جراء الإصابة بتعفن الدم ومع كل هذه الأخطار والاصابات دائما ما ترتبط رائحة كريهة بالقدم بسبب البكتيريا التي تنمو في الطيات والثنيات المتواجدة في القدم المضمدة.

ولتجنب شم الزوج هذه الرائحة الكريهة أو مشاهدة تعفن والتهاب القدم ظهرت قاعدة إلزامية يتبعها الرجال في هذا التقليد وهي عدم رؤية أقدام زوجاتهم حافية والاكتفاء برؤيتها داخل الحذاء الضيق فقط ومن يتهاون مع هذه القاعدة يكون منبوذ.

وبعد قرون من إجبار الفتيات على " تضميد أقدامهن" وتشويه اعضائهن بدأت دعوات تنادي بوضع حد لهذه الممارسة وهذا التقليد الذي يسبب الكثير من المخاطر للمرأة منذ عام 1874 حتى عام 1912 ذلك العام الفاصل في تاريخ التقليد حيث حظرت الحكومة الصينية إجراؤه ما اوقع الفتايات الذين يمتلكن اقدام اللوتس في ورطة.

فبدلا من النظر لهن بأنهن من الطبقة الراقية ويمتلكن أحد أهم معايير الجمال اصبحن منبوذات لذلك لجأوا الى لف اقدامهن باربطة سميكة وارتدوا احذية كبيرة لتبدو اقدامهن طبيعية ورغم ذلك اصرت بعض الأسر على استمرار اجراء تضميد الاقدام للفتيات لذلك أجبروا على تقديم تعهد على تزويج أطفاله لأسرة أخرى تستمر في تنفيذ التقليد.

حتى وصلت نهاية التقليد في عام 1949 عندما نجحت السلطات الصينية في فرض حظر صارم على جميع المحافظات والمناطق بعدم القيام بهذا التقليد الذي يساعد على تشوه اجسام الفتيات.

أقرا أيضا |حكايات| أشخاص خارقون للطبيعة.. فرط أسنان وجسد لا يكبر أبدا

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة