د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد


خارج النص

للموت جلال، ولرحيل الأحبة وجع وللفراق ألم يطول

د. أسامة السعيد

الثلاثاء، 01 فبراير 2022 - 05:26 م

بعض من يرحلون يكون الموت نهاية رحلتهم في هذه الحياة، وقليلون من تتواصل رحلتهم رغم الرحيل، أولئك الخالدون الذين تسعى سيرتهم بين الناس، ويبقى أثرهم باقيا لسنوات تتجاوز أعمارهم.


من هؤلاء الذين سيبقى أثرهم، وتمتد سيرتهم طويلا، «الأستاذ» ياسر رزق، ليس فقط لأنه كاتب وصحفي استثنائي، أو لأنه موهبة غير متكررة في عقود طويلة، فكل ذلك حقيقي ولا جدال فيه، ولكن الأثر الأبقى سيكون للإنسان ياسر رزق، الرجل الذي كانت سيرته الإنسانية تسبق مسيرته الصحفية، ومواقفه الإنسانية أبقى من مناصبه المهنية.


في كل منصب أو موقع شغله الراحل الكبير كان الرحيق الذي يتركه هو تجربته ومواقفه الإنسانية، ففي النهاية المؤسسات لا تتوقف على أشخاص، وسيأتي من يشغل مقاعد القيادة، لكن قليلين من يستطيعون أن يتركوا رحيقا إنسانيا يدوم بعد زوال المنصب وفناء العمر.


لم يكن ياسر رزق مشغولا بتحقيق نجاح شخصي، بقدر ما كان شغوفا ببناء سمعة إنسانية وسيرة عطرة تدوم طويلا، ربما كان يشعر بأن العمر «مهما طال» قصير، لذلك كان استثماره الأهم هو استثماره في سيرته، وبناؤه لاسمه وأن يكون ذلك الاسم مرادفا للجودة وقيم النبل والإنسانية.


أتذكر حوارا دار بيننا في صالة تحرير «الأخبار» قبل سنوات، حول أحد مواقفه الكثيرة والذي جاء مغايرا لما قد يفرضه عليه منصبه الرسمي، وعندما سألته عن سبب اتخاذه ذلك الموقف رغم إدراكه لعواقبه، فوجئت به - رحمه الله- يرد: «لأنني لا أستطيع أن أترك لأولادي ميراثا أفضل من الشرف والسيرة الطيبة»!


رحم الله «الأستاذ» ياسر رزق، كان علامة فارقة في حياته، وأتصور أن رحيله سيمثل نهاية لحقبة مهمة في تاريخ الصحافة المصرية، لكن الرحيل لن يكون «نهاية» ، بل ربما يكون «بداية» جديدة، فهكذا كانت رحلة ياسر رزق دائما عامرة بالنهايات التي أدركنا لاحقا أنها لم تكن سوى بداية لانطلاق أقوى في مسيرة استثنائية يندر أن تتكرر، ومن المستحيل أن تُنسى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة