صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


«موظف موجوع»: لا أستطيع توفير احتياجات أبنائي المتفوقين

جودت عيد

الخميس، 03 فبراير 2022 - 04:22 م

هل تعرف ماهو العجز سيدى، ألا يكفى الصمت للتعبير عنه، أم يحتاج إلى دموع وصرخات وآهات ورسائل وقروض لإخبار الناس أننى قليل الحيلة وغير قادر على توفير احتياجات أبنائى الضرورية.

من يسألك هو ذلك الأب الصامت كثير الوجع، الموظف قليل الحيلة، الباكى حزناً ليلاً والمبتسم بقوة نهارا، المقترض عادة لإسعاد أبنائه، والهارب دائما عن مواجهة دائنيه، فلا حيلة لى سوى أن أسكن الصبر فى قلوب الجميع إلى أن يفرجها الله علىَ فأسدد ديونى.

قصتى سيدى أن القدر منحنى ذرية صالحة، ثلاثة أبناء من خيرة شباب الصعيد، وزوجة صالحة تقوم الليل وتحفظ العرض، تمر السنوات ويتفوق أبنائى عاما بعد عام، تنهال الجوائز العلمية عليهم في سنواتهم الدراسية الأولى وحتى الثانوية العامة، ليكرمنى الله بمنحة أخرى، فيدخل ابنى الأكبر كلية الطب جامعة أسيوط، وتلحقه ابنتى الثانية بنفس الكلية ولكن بتخصصات مختلفة.

وانتظر الآن ابنى الثالث فى العام الثانى من الثانوية العامة، وأنا على يقين أنه سيلحق بشقيقيه إلى كلية الطب بذات الجامعة.. هل تدرك ماهى مأساتى سيدى، أنها بسيطة جدا، أصبحت عاجزا وغير قادر على أن يستكمل أبنائى دراستهم فى كلية الطب،هذا ليس افتراء، بل إن المرتب لا يكفى سوى للمأكل والمشرب ومصاريف الابن الثالث فى الثانوية العامة وسداد إيجار الشقة التى أسكن فيها ، فضلا عن فواتير الكهرباء والمياه، وهذا الأمر لا يدين أحداً، فوظيفتى هذا هو حجم راتبها رغم أنه تضاعف مرتين خلال العامين الأخيرين .. كثيراً ما أهرب من حالة العجز التى أعيشها بالابتسامة فى وجه أبنائى، وكلما تحدثت معهم، أردد عبارة واحدة فى ختام كلامنا «لا تحملوا هماً ..اطلبوا وأنا مستعد على سداد كل احتياجاتكم الدراسية«.

إقرأ أيضاً | متحدث الكهرباء يكشف تفاصيل إطلاق خدمة جديدة لدفع الفواتير إلكترونياً| فيديو

أقول هذه الكلمة من هنا، وأعلم أن أبنائى يدركون الحمل الثقيل الذى أتحمله ، لكنهم عجزة مثلى فلاحيلة لهم سوى انتظار المال مع بداية كل شهر لسداد إيجار الشقة التى يسكنون فيها بمدينة أسيوط بجوار الجامعة وإنفاق الباقى على مصاريف الدراسة ومأكلهم ومشربهم على مدار شهر كامل ثم يعودون إلى البيت مادين أيديهم للمزيد من المال.

لم أعد سيدى قادراً على الصمت، حاولت أن أصرخ لكننى خشيت أن يتأثر أبنائى، فينعكس ذلك على دراستهم، دائما ما تحاول زوجتى مساعدتى فهى تعمل بإحدى الشركات الخاصة، لكن أصابها مرض فى القدم فأصبحت غير قادرة على الذهاب للعمل سوى أيام فقط.

أنا أحمل عجزا صامتا ،وأعلم أن أبنائى يدركون ذلك ويتلمسون مأساتى عندما يجدوننى جالسا بمفردى شريد الذهن كثير التفكير، هم يحاولون تقليل مصاريفهم، لكن الآخرين لا يرحمون، لجأت إلى الاقتراض، زادت ديونى وأصبحت عاجزا عن سدادها، فتوقفت عن تكراره، ليس ذلك فقط، حتى مرض السكر الذى هاجمنى من «الحزن« توقفت عن شراء دوائه، وتركت مصيرى بيدى الله، فلايهمنى سوى أبنائى.

أحمد الله على نعمه، وأشكره فى سرائى وضرائى، وما لجأت لكم إلا للبحث عن حل لعجزى بالطريقة التى ترونها، فقد أهلكنى الصمت، وأصبح التفكير قاب قوسين أو أدني من شتات عقلى.

منحة ومحنة

راسلتنى سيدى بكلمات مقتضبة ذكرت فيها اسمك وقريتك بأسيوط ، واختتمتها بالأية القرآنية « لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا - وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) « بعدها تواصلت معك واستمعت إلى شكواك ، لم تتحدث كثيرا قصصت لى مايؤرقك ،وماتخشاه فى المستقبل بعد أن اصبحت عاجزا عن تدبير احتياجات أبنائك التعليمية .. كنت حريصا مثلك على عدم ذكر مايشير إلى شخصيتك وهوية أسرتك، لذلك فأملى أن يساعدك أهل الخير بالطريقة التى تراها مناسبة ولاتمثل لك أو لأبنائك «المتفوقين « حرجا».لدى بيانات هذا الأب العاجز.. لنختر معا طرق المساعدة والوسيلة الكريمة التي نقدمها له ، على أمل أن يكون لمحافظ أسيوط ومنظمات المجتمع المدنى ورجال الأعمال جانب من عمل الخير .


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة