علي سعده
علي سعده


نقطه علي حرف

علي سعده يكتب: كشك.. والفكر المسموم 

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 06 فبراير 2022 - 04:57 م

من أخطر الشخصيات الاخوانية التي أثرت في فكر وعقيدة المصريين منذ ثمانينات القرن الماضي وحتي يومنا هذا ليس حسن البنا ( الساعاتي ) ولا سيد قطب ( الذي احضرته المخابرات المصرية في شوال واعدمته ) لكنه الشيخ الضرير عبد الحميد كشك.
هذا الشيخ تم اعتقاله في عهد عبد الناصر وخرج عام ٦٨ ولم يمارس  اي نشاط بعدها حتي فتح السادات ذراعيه لهؤلاء الارهابيين  والذين انقلبوا عليه فيما بعد ، كان كشك من ضمن المعتقلين في احداث ٥ سبتمير ١٩٨١ بعد ان هاجم اتفاقية السلام وظل في المعتقل بعد استشهاد السادات وافرج عنه مبارك ١٩٨٢.
 كشك له ٣٥٠٠ شريط كاسيت واكثر من ١٠٠ كتاب وقناة علي اليوتيوب .
الاخوان ومنذ ظهور الشيخ كشك الاخواني كانوا يقومون بتوزيع شرائطه وتسجيلاته  مجانا على جميع سائقي البيجو والميكروباص فى كل محافظات مصر بالاضافه للدول العربية حتى أصبح أيقونه ونجما عاليا فى سماء ما سمي بتيار الصحوة فى الثمانينات ، وحتى عند وفاته نسجوا الأساطير عن وفاته وهو ساجد ورفعوه إلى مرتبة الصديقين والأنبياء لأنهم اعتبروه  - وهذا صحيح تماما - أكبر وأقوى وأخطر بوق اعلامي ظهر للاخوان في القرن العشرين والواحد وعشرين ايضا وكان ومازال من أهم أسلحتهم الفتاكة في التكفير والفتن ، لدرجة ان تأثيره فاق تأثير البنا و قطب في الانتشار .
كشك الضرير كان سليط اللسان لاذع النقد ورغم سماجه نكاته وإفيهاته الا انه لاقي نجاحا وانتشارا غير عادي في الاوساط الشعبيه .
استطاع الرجل بمنتهى الذكاء و العبقرية والابداع و الموهبة الحقيقية تحويل كل أفكار سيد قطب إلى خطاب سهل وبسيط ، واستطاع تحويل أفكار كتاب معالم على الطريق بالذات مفهوم الحاكمية التي اخترعها  قطب لكلمات بسيطة محببة تنبض بالحياة والحيوية ، ونجح في توصيلها لرجل الشارع العادي من المحيط إلى الخليج  .. لذلك تجد وسائل الإعلام المعادية فى قطر وتركيا وربما المخابرات البريطانية لا تهتم بالترويج لـ البنا أو قطب  قدر ما تروج ل كشك وفي المقابل ستجد  قناة الجزيرة تحديدا وتابعيها يعملون على تلميع كشك لانه بخطابه ودروسه وأسلوبه السهل الممتزج بالنكتة والفكاهة استطاع ان يخلق جيلا كاملا من الارهابيين والناقمين على بلادهم و حكوماتهم ، لأنه ببساطة استطاع ان يضرب فى أساسات الدولة الحديثة والمدنية بهذا الخطاب الشعبوي الذي لايخلو من الفكاهه والبساطه الممزوجه بالمظلوميه.
رجل الشارع البسيط - وخصوصا في القرى والأرياف - ستجده مقتنعا إن أي مظهر من مظاهر التقدم جاء ليفتنه عن دينه وإن الحكومة تركت السيدات يمشين في الطرقات متبرجات كي تفتنه عن دينه وتشجع الفن والاغاني كي تلهي الناس عن الحديث في السياسة وايضا  لتبعدهم عن  دينه وتشجع  السياحة لانها حكومة كافرة جاءت نتيجة المؤامرة الغربية الصهيوصليبية على دين الله  وإن الحكومة تحمي وتساند النصاري كي تحارب بهم الاسلام وان الحكومة اوجدت الجيش والشرطة خصيصا لحماية كل مظاهر الخروج عن الدين وهم جنود الطاغوت وجنود فرعون أول الهالكين ، وكل تلك الخزعبلات والخرافات السابقه هي من نتاج خطب ودروس الشيخ كشك.
سر الخلطة السحرية التي اوصلته بنجاح لتلك النتيجة المبهرة هو ما يمتلكه من موهبة فن الخطابة والإلقاء والأداء المسرحي  كان يصعد ويهبط بنبرات الصوت والتون والنبضة العصبية وفقا لمقتضىات الموقف فيسيطر تماما ويتلاعب بالحالة الشعورية عند المستمع رفعا أو خفضا بمنتهى السلاسة ..  بالاضافة لإدراكه لطبيعة الشخصية المصرية وحبها للفكاهة والتريقة مع ميلها للجري وراء الفضائح وأسرار غرف النوم .
 في كل خطبة من خطبه لابد ان تجد بها  ( فقرة سبايسي) عن الفنانين والفنانات ولاعبي كرة القدم وغيرهم من المشاهير فيحكي مثلا عن أم كلثوم وشذوذها الجنسي أو عن عبد الحليم حافظ ومغامراته النسائية.. أو عن الملايين التي يملكها لاعب الكرة محمود الخطيب أو عن فجور راقصة مثل سهير زكي ولياليها الحمراء مع المسئولين ..
بعد الفقرة المليئه بالاكاذيب  يبدآ في النميمه علي قبور المشاهير فيقول ان ناصر عند وفاته كان يقول بصوت خفيض ( وثن .. وثن ) وان المجاري طفحت في قبره وجثته ذابت في مياه الصرف الصحي وان قبر عبد الحليم حافظ يصعد منه دخان له رائحة كريهة ..
ثم يجزم ان مصر بلد الرقاصات ( كان كشك هو أول من أطلق على مصر هذا الوصف الحقير ) ، وانها بلد جاهلية ، وإن تسعة أعشار الظلم في العالم كله مكانه مصر ، والعشر الباقي يلف العالم كل يوم ثم يرجع ليبيت في مصر (وليس بالطبع في اسرائيل ولا أمريكا حاشا لله)
بعد كل تلك الروايات يحدثنا  عن عبقريات وكرامات سيد قطب أو عن معجزات ونفحات حسن البنا أو عن كربلائيات ومعاناة زينب الغزالي
أو حكاياته الخزعبلية عن تعذيب الاخوان المؤمنين الموحدين فى سجون مصر على يد زبانية عبد الناصر المجرمين الظالمين
ثم يختتم كل ما سبق بحكاية عن الأسود التي ادخلوها عليه الزنزانة ووجدوها في اليوم التالي تصلي وراءه بمنتهي الخشوع .. لتعلوا صيحات التكبيييير
 بالاضافة للخوض فى الأعراض وقذف المحصنات والسب واللعن وتأليف القصص والاشاعات الجنسية عن الفنانات وسيدات المجتمع وحتى عن زوجات رؤساء مصر ووزرائها (تخيل ان هذا الكلام كان يتم ترديده فى المساجد ومن فوق منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم )
كل هذا يضاف اليه خطابه التكفيري عن أخواتنا المسيحيين ، وهو أول من اطلق الأكاذيب والأساطير عن المسيحيين من عينة ان النصارى يستقوون بأمريكا كي  يقيموا  دولة قبطية فى مصر من الاسكندرية لأسيوط ، وان البابا شنودة يخطط ليصبح  رئيسا للجمهورية ، وان النصارى يجمعون المال استعدادا للهرب وقت اللزوم ، وانهم يلحقون ابناءهم  بكليات الطب كي يشاهدوا  عورات نساء المسلمين ، وان من وصايا القساوسة لهم أن يكثروا من أطباء النساء المسيحيين ليحدوا من نسل المسلمين ، وان النصاري يحتفظون بالاسلحه الثقيله داخل الكنائس انتظارا للحظة هجومهم على المسلمين لإعلان دولتهم القبطية برئاسة شنودة ، وانهم يقومون بتربيه  الاسود داخل الكنائس الكبري كي يلقوا اليهم اي مسيحي يتحول لدين الاسلام  .
 ماسبق هو أهم أركان «المدرسة الكشكية لشيخ العشوائيات الدينية  والتي  كان يجيد صياغتها ببراعه لانه كان يفهم الحاله النفسيه للبسطاء من المصريين  وحبهم للنكته والسخريه حتي في الخطاب الديني ومن فوق المنابر .
كانت خلطه سحريه من الدين المغشوش المخلوط بالفكاهه والافتراءات والاكاذيب واصبح الجميع يرددها وكأنها حقيقه دامغه وبدأ يدس السم في العسل ليقنع البسطاء ان افضل الخلق بعد الانبياء هم جماعه الاخوان الذين كانت لهم معجزات في السجون شهد بها زبانية عبد الناصر أنفسهم.
وحتى بعد وفاته ، نجح الاخوان في استثمار كل هذا التاريخ الحافل والحجم الضخم من خطبه وأفكاره التكفيرية لإثارة الحقد والضغينة بين مختلف قطاعات الشعب وبين الشعب وبين مؤسسات الدولة وخصوصا المؤسسة الاعلامية ، مع إضفاء هالة من القداسة عليه وعلى سيرته فأطلقوا عليه حزمة من الألقاب اللي تمجده وتعظمه مثل أسد المنابر و جلاد الطغاة  وسلطان الخطباء  وغيرها من الألقاب الرنانه  كما شرعوا في تأليف الحكايات الخزعبلية الكاذبة عن كراماته وطريقة وفاته ، فأشاعوا انه مات وهو ساجد وان قبره يشع نورا حتي الان ، وانهم فتحوا قبره فوجدوا جسده غض يفوح منه المسك كيوم وفاته .. وغيرها من الخرافات .. 
المؤسف ان هناك الكثير لازالوا يؤمنون بكراماته ويترحمون عليه ..
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة