عبد الهادي عباس
عبد الهادي عباس


مواقع "الحقد" الثقافي على الوطن

عبدالهادي عباس

الجمعة، 25 فبراير 2022 - 03:05 م

 هناك مثل شهير يقول: "المعرفة القليلة شيء خطر"، وهذا حقيقي بدرجة كبيرة، لأن نتف المعرفة تضع في الإنسان ثقة ليست في محلها، وتجعله منتفخًا مزهوًّا بما يعرف، أو ما يظنُّ أنه يعرف، وما هو إلا الأراجيف والضلالات التي تدفعه دفعًا إلى أفعال تحمل هلاكه وهلاك أمّته على السواء؛ خاصة تلك المعرفة التي تقوم مصادرها على الإنترنت والفيس بوك ووسائل الاتصال الأخرى حيث لم يعد الكتاب خير صديق للشباب العربي، ولا حتى مشايخهم؛ ويكفي أن نلقي نظرة واحدة على المكتبات المنتشرة في ربوع القاهرة، أو حتى معرض الكتاب الأخير لنعلم أن القراءة لم تعد شاغلا لأبنائنا الذين صدفوا عنها مُتعللين بتعلات شتى، وما هي إلا حجة البليد الذي يصرّ دومًا على تنظيف السبورة، وإن كانت نظافتها تسر الناظرين.
ولأن الثقافة المصرية أصبحت مرتعًا لعدد من أبناء الإخوان وأعداء الدولة من "غلمان" الدويلات المارقة، الذين يكيدون لمصر بكل ما يملكون من حقدٍ تذكيه الأموال المُتدفقة على مواقعها الإيرانية والإخوانية الموجهة لسبِّ الجيش المصري والرئيس المصري؛ فإن واقع الحال يدعو إلى مزيدٍ من التساؤل حول ارتكاس دور وزارة الثقافة المصرية عن استغلال تلك الصورة الحضارية التي قدَّمها المثقفون إبان ثورة 30 يونيو المجيدة، حين كانوا الشرارة التي انبثقت عنها البدايات الأولى للثورة الخالدة التي أطاحت بحُكم الجماعة الإرهابية، حيث بدأت جموع المتسللين الإخوان إلى مراكز النشر في المجلات الإبداعية، خاصة أولئك الذين يرعاهم "عزمي بشارة" وصبيانه ويُنفق عليهم بمكافآت ممهورة بالسبِّ والاعتراض افتراءً على كل ما تقوم به الدولة المصرية من خطوات إصلاحية، أو حتى وقائية من فيروس كورونا، وذلك رغم شهادة العالم كله وثنائه عليها؛ والغريب أن ينصاع المثقفون وينقضون غزلهم حيث أضحى الدفاع عن الوطن ضد جحافل الأقزام والمرتزقة والمرتشين بضاعة مُزجاة لا يأبه لها أحد من المهتمين بالشأن العام رغم اللحظة الفارقة من عُمر الوطن المكلوم ببعض أبنائه المُثقفين الذين لا يشغلهم كثيرًا أمر أمنه القومي، بل ويقبلون بكل صفاقة أن يكونوا أداة مطواعًا في يد أعدائه.
منذ قرونٍ طويلةٍ أدرك ابن خلدون الوشائج التي تربط بين التراجع الفكري للمُجتمعات ورواج الفتن من مُستغلي الدين للوصول إلى الرئاسة التي امتلأت بها جوانحهم وعجزوا عن التوصل إليها بأسبابها الطبيعية؛ ولكن الأزمة ظلت باقية حتى وجدنا من يصرخ فينا: "أهمية أن نتثقف يا ناس"؛ وهي جُملة قالها عملاق القصة يوسف إدريس في وقت كان يموج بأباطرة الثقافة والفنون، فماذا لو أدرك زماننا هذا، وسمع بأذنه الواعية من يرفضون فكرة الوطن ويُنادون بعودة الاستعمار التركي لأمتهم بحجة أن تركيا كانت آخر رمز للخلافة الإسلامية التي يجعلون منها حائط مبكاهم بُكرة وعشيًّا، ولا يعترفون إلاَّ بأحزابهم الإسلامية المُهترئة، أو التي تدَّعي أنها كذلك، إذ هي وحدها أحزاب الله، وباقي الأحزاب شيطانية تدمر الإسلام وتحض على الرذيلة- هكذا يظنون- الدين عند هؤلاء وسيلة وحِيلة يلجأون إليها إن أضنتهم الحيل وعاندتهم المصالح؛ وهم موصولون بطغيانهم ما دامت الأمية معششة في قلوب أتباعهم الذين يهزون رؤوسهم خنوعًا في بله الغافلين، وغفلة البلهاء!
إن هؤلاء المُتخاذلين عن نُصرة الوطن في تلك اللحظة الفارقة، تقول لهم أمهم مصر بلوعة الحزين لما آل إليه حالهم: يا أيها المثقفون أنتم آفتنا الكبرى!

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة