صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


الصحف الغربية والأمريكية: بوتين انتصر «عسكريا» و«إلكترونياً»

منال بركات

الأربعاء، 09 مارس 2022 - 10:22 م

نبرة جديدة تتصدر الصحف العالمية، بعد الغزو الروسي على أوكرانيا، تشير إلى أيدي خفية للجانب الروسي تعبث في مقدرات الولايات المتحدة وأوروبا وتدفع متخذي القرار إلى الاتجاه صوب المصالح الروسية، وتزرع الشقاق بين أبناء الوطن الواحد.

في مقال بصحيفة الواشنطن بوست، وتحت عنوان "هذا هو جناح بوتين داخل الحزب الجمهوري". ذهب الكاتب إلى أن النائبة ليز تشيني اعترفت أن العديد من الجمهوريين ليسوا على استعداد للاعتراف أن ترامب، كرئيس، انحاز إلى بوتين ضد أوكرانيا، وضد الغرب وضد الديمقراطية. وعندما أعلن ترامب، أن بوتين "عبقري" بشأن غزو أوكرانيا، ردت تشيني بقولها: "لا يبدو أن مصالح ترامب، تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.

وكتب تشيني على تويتر رداً على مقطع شائع على نطاق واسع أكد فيه دوجلاس ماكريجور، مسؤول البنتاجون في عهد ترامب، أن بوتين كان "لطيفاً للغاية". وأشار ماكريجور أيضًا إلى أن بوتين محق في استخدام القوة العسكرية لحمل أوكرانيا على التخلي عن أي تطلعات للانضمام إلى الناتو والغرب. كما أن الإعلامي تاكر كارلسون، بشبكة فوكس نيوز كان ودودًا لـ "جناح بوتين". 

ويري الكاتب هنا أن هؤلاء الجمهوريين يريدون الحفاظ على علاقة الود مع ترامب، بينما يظهرون في الوقت نفسه، تشددًا تجاه الصراع بين روسيا وأوكرانيا. وقد لا يكون هناك "جناح بوتين" كبير في الحزب الجمهوري والمواءمة العلنية مع الديكتاتور الروسي. 
لكن زعيم الحزب نفسه والرئيس السابق يشكل "جناح بوتين" بالحزب الجمهوري، ومن احتمال كونه المرشح الأول لترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة عام 2024. 


ونفس نبرة الاتهام نجدها في صحيفة الجارديان الأمريكية، والتي أشارت قبل أسبوع مضى تقرير لها تحت عنوان " حان الوقت لمواجهة شبكة ترامب وبوتين" عدد من الدلائل على أن الغزو الروسي والتوسع في طموحاته بدأ من زمن بعيد، وكانت البدايات عام 2014، عندما غزا نظام بوتين شبه جزيرة القرم في أوكرانيا، وفي عام 2016، غزا نفس النظام الولايات المتحدة. ومع اختلاف وسائل الغزو الذي قام به نظام بوتين، من حيث الشكل، فجاءت العملية الاولي اقتحام عسكري تقليدي، بينما تمثلت العملية الثانية في حرب الإلكترونية، ومعلومات مضللة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لزرع الفتنة والارتباك، كادت أن تنجح حتى أنه حاول ثني الناخبين السود عن التصويت. وفي تلك الموقعة كما وضحتها الجارديان، استهدفت المخابرات الروسية قوائم الناخبين في جميع الولايات الخمسين.

 وتعترف الصحفية الاستقصائية البريطانية كارول كادوالادر، أن ما أقدمت عليه روسيا يعد هجوما وحربا وتؤكد بقولها "لقد فشلنا في الاعتراف بأن روسيا شنت هجومًا عسكريًا على الغرب. أطلقنا عليه اسم "تدخل". استخدمنا كلمات مثل "تدخل". لم يكن كذلك. كانت حربا. نحن نتعرض لهجوم عسكري منذ ثماني سنوات ".لم يوجه أتباع بوتين انتباههم إلى الولايات المتحدة فحسب، بل شملوا الجهود المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ودعم حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في فرنسا. 

تلك الحرب الالكترونية هي ما أكدت عليه أيضا فيونا هيل، الموظفة السابقة في وكالة الأمن القومي في شهادتها لعام 2019 أمام اللجنة الدائمة المختارة للاستخبارات التابعة لمجلس النواب، أن "روسيا كانت القوة الأجنبية التي هاجمت بشكل منهجي مؤسساتنا الديمقراطية في عام 2016. 

هذا الاستنتاج هو ما توصلت إليه كل من وكالات الاستخبارات وتقارير الكونجرس من الحزبين. ومازالت أثار حرب الشائعات الذي بثه الجانب الروسي يلقي رواجا بين جنبات الولايات المتحدة في كثير من الشئون حتى الحياتية منها.


تهدف أجهزة الأمن الروسية إلى مواجهة أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة في أوروبا، بما في ذلك أوكرانيا، حيث ترغب موسكو في إعادة تأكيد هيمنتها السياسية والاقتصادية ".
في 7 أكتوبر2016، أصدرت وكالات الاستخبارات الأمريكية بيانًا صحفيًا مفاجئًا أعلنت فيه أن "مجتمع الاستخبارات الأمريكية (USIC) واثق من أن الحكومة الروسية وجهت التسويات الأخيرة للرسائل الإلكترونية من الأشخاص والمؤسسات الأمريكية، بما في ذلك المنظمات السياسية الأمريكية". 

في واحد من أغرب الوقائع في التاريخ السياسي للولايات المتحدة، صدر شريط Access Hollywood الذي يتفاخر فيه ترامب، بالاعتداء الجنسي على النساء، وبعد نصف ساعة، "بدأت ويكيليكس تغرد روابط لرسائل بريد إلكتروني تم اختراقها من الحساب الشخصي هيلاري كلينتون ورئيس الحملة الانتخابية جون بوديستا. يُعتقد أن ويكيليكس قد حصلت على موادها من وكالة المخابرات الروسية GRU ؛ وتشير بعض الدلائل كما تري الجارديان الي أن روجر ستون، حليف ترامب كان همزة وصل بين ويكيليكس وفريق ترامب.

في 30 أكتوبر 2016، أرسل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ آنذاك هاري ريد، خطابًا غاضبًا إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك جيمس كومي، متهمًا "لقد أصبح من الواضح أن لديك معلومات حول العلاقات الوثيقة والتنسيق بين دونالد ترامب وكبار مستشاريه والحكومة الروسية، وطالب كومي بنشر هذه المعلومات، دون جدوى.

 في 31 أكتوبر، اتصل أوباما ببوتين على الخط الساخن لخفض المخاطر النووية للمطالبة بوقف هذا التدخل، ولم يكشف عن هذا للجمهور إلا بعد أن خسر ترامب، التصويت الشعبي لكنه فاز الانتخابية بالكلية.

وتشير الجاريان الامريكية إلى الدور الذي لعبته الحكومة الروسية في الانتخابات الأمريكية لعام 2016 وعلاقاتها مع حملة ترامب ، بما في ذلك مع ترامب نفسه ، الذي قضى حملته الانتخابية وأربع سنوات من رئاسته يتأرجح أمام بوتين، وينفي حقيقة التدخل الروسي، وتغيير البرنامج الجمهوري أولاً ثم السياسة الأمريكية لخدمة أجندات بوتين.  بما في ذلك قطع الدعم عن أوكرانيا ضد روسيا ،وفي النهاية حاول ابتزاز الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في عام 2019 من خلال حجب المساعدة العسكرية بينما طالبه بتقديم تأكيد لنظرية المؤامرة الروسية التي تلقي باللوم على أوكرانيا بدلاً من روسيا في التدخل في انتخابات 2016 .

وتشير الجارديان أيضا إلى أن أقرب المقربين لترامب كانوا علاقات عميقة مع الحكومة الروسية. من بينهم بول مانافورت، الذي عمل خلال سنواته في أوكرانيا على بناء النفوذ الروسي هناك وعمل كمستشار للرئيس الأوكراني المدعوم من الكرملين والذي طرد من البلاد.
كان مانافورت، خلال الفترة التي قضاها في الحملة، يشارك البيانات مع عميل المخابرات الروسي كونستانتين في كيليمنيك، بينما كان مستشار الحملة جيف سيشنز يتبادل المعلومات مع السفير الروسي سيرجي كيسلياك. 

وفقا لما جاء بالجارديان، عقد مانافورت ودونالد ترامب جونيور وصهر ترامب جاريد كوشنر اجتماعًا غير قانوني في برج ترامب مع محام مرتبط بالكرملين في 9 يونيو 2016، حيث وُعدوا بمواد ضارة في حملة كلينتون.
وهناك مايكل فلين، الذس أصبح لفترة وجيزة مستشار الأمن القومي لترامب. 
وسرعان ما طُرد من منصبه لأنه كذب على مسؤولي البيت الأبيض واعترف لاحقًا بأنه مذنب في الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن اتصالاته بالسفير الروسي. 

يُزعم أن جاريد كوشنر، وجهه لإجراء تلك الاتصالات، وكما ذكرت صحيفة واشنطن بوست في مايو 2017 ، "ناقش جاريد كوشنر، وسفير روسيا في واشنطن إمكانية إنشاء قناة اتصالات سرية وآمنة بين فريق ترامب، الانتقالي والكرملين ، باستخدام الدبلوماسية الروسية. 

كما ذكرت صحيفة الجارديان في نفس العام أن "دونالد ترامب جونيور قد أُجبر على الإفراج عن رسائل بريد إلكتروني تكشف أنه تبنى بشغف ما قيل له إنه محاولة من الحكومة الروسية للإضرار بحملة هيلاري كلينتون الانتخابية".

وتشير الجارديان إلى أن الأمريكيون الفاسدون - من مانافورت إلى ترامب نفسه - هم الذين منحوا بوتين نفوذه.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة