السبت، 12 مارس 2022 - 08:21 م

هناء عبدالفتاح

لا يمكننا اعتبار جلوس القاضيات على منصة الحكم لأول مرة فى مجلس الدولة مجرد خطوة جديدة على طريق تمكين المرأة الذى تبنته الدولة كاستراتيجية واضحة بعد 30 يونيو، إنما هو واحد من الانتصارات الأعظم والأكبر والأقوى على الإطلاق.

صحيح أن المرأة فى بلادنا قبل هذا تصدرت كراسى الوزارات ومجلس النواب والمحافظات والسفارات، إلا أن وجودها على كرسى الفصل فى القضايا فى حد ذاته له رونق مختلف، إنها المساحة التى تكتمل بها الصورة المطلوبة، إنها أعلى شهادة من الدولة لها بقدراتها وقوتها وجاهزيتها للعب كل الأدوار ،إنها أرفع وسام وأعلى تقدير.

صور تجليس القاضيات على منصة حكم مجلس الدولة لأول مرة هى جرعة سعادة وطاقة إيجابية تعجز الكلمات عن وصفها، وهى الترجمة الحقيقية لكل كلمة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى عما يليق بالمرأة وما تجدر به فى مختلف خطاباته، أما السخافات التى انتشرت على السوشيال ميديا بالتزامن مع الخبر فالأجدر ألا نقيم لها وزنًا، لا داعى للوقوف كثيرًا أمام الترويج لحديث: «لن يفلح قوم وَلّوا أمرهم امرأة» ليس لكون الحديث مختلفًا عليه كثيراً بين علماء الدين فحسب، وإنما لأن المرأة تتولى الأمر بالفعل وموجودة فى مواقع صنع القرار بالفعل والجلوس على كرسى الفصل فى القضايا هو استكمال لخطوات وليس بداية خطوات.
لا داعى أيضًا للوقوف أمام السخرية والترويج لأنها ستحكم بين الناس بمشاعر أنثى لأنها رؤية ظلاميين تحرمهم عقولهم من مواكبة العصر وإدراك معايير الاختيار وفهم هيكل الجمهورية الجديدة.

نتفهم أن الخطوة موجعة لمن لازالوا لا يقتنعون برؤية المرأة فى مكان سوى المطبخ، ولمن لا يرونها إلا مجرد حلقة فى سلسلة مثنى وثلاث ورباع، وموجعة أكثر لذكور تصور لهم النرجسية أن المهام القيادية خلقت حكرًا عليهم فقط، كل تلك الأفكار ستتلاشى باستمرارية دعم الدولة، وكلما أثبتت الأيام أن الاستراتيجية كانت سليمة، وكلما جاءت التقارير الرقابية بما يؤكد أنها الأفضل أداءً والأقل فسادًا.

نشد على يد القاضيات الجليلات ونرحب بجلوسهن فى صدارة الفصل بين المتخاصمين، ولا نحتاج تذكيرهن بأن نجاحهن فى مواقعهن نجاح للمرأة بشكل عام وسيترتب عليه فرض مزيد من المساحات، بيد أن وصولهن لتلك المكانة هو رسالة مباشرة ومفهومة.