محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


حروف ثائرة

قوة القمح الرادعة !!

محمد البهنساوي

الإثنين، 14 مارس 2022 - 06:02 م

«قوة ردع»، هكذا تفسر الدول الهدف من تطوير وتأسيس قدرات تحمى أمنها القومى من أى تهديد، ويخطئ من يعتقد أن قدرات الردع تلك عسكرية تسليحية فقط، لكنها تشمل مواجهة أى تهديد خطير للأمن القومى للدول.

واليوم ونحن نتدارس آثار الحرب الروسية الأوكرانية ونعتصر أفكارنا ونلملم عصارة خبراتنا لمواجهة تلك الآثار، نجد أننا لا نواجه تهديدا عسكريا مباشرا، ويأتى التهديد السياسى متأخرا، لكن التهديد الأهم والأقوى اقتصاديا، وفى مقدمة ما يهدد مصر من الوضع العالمى الحالى مخزونها من القمح والمخاوف من صعوبة الحصول على ما نحتاج وكذلك سعر الحصول عليه، ليطفو على الساحة «القمح» سيد المزروعات وأهم المحاصيل عالميا وليس بمصر فقط.

القمح يا سادة رسمه أجدادنا على جدران معابدهم رمزاً للنماء، وهو الذى دفع بيوسف عليه السلام من غياهب الجب إلى قمة السلطة لدوره فى حماية مخزونه، أدرك الأجداد أهميته الوجودية وأنه سر بقائهم، وكان سببا فى حروب كثيرة ضد الطامعين فى خيرات مصر وفى مقدمتها القمح وكم جاعت أمم لتراجع إنتاج القمح بمصر، اليوم مصر تجاهد للحصول على حاجتها منه!! إن الحرب الحالية بين روسيا وأوكرانيا تجعلنا نلقى الضوء على عدة نقاط تتعلق بالقمح وتدفعنا للسعى فى تنفيذ رؤية نجدها تترا على الأرض لمضاعفة محصول القمح بمصر، ونقف عند حقيقة مهمة وهى أن توفير القمح داخليا وليس استيراده أقوى سلاح ردع يحمى المصريين.

إن أزمة القمح ليست وليدة اليوم، بل العكس أن الدولة ومنذ سنوات بدأت البحث عن حلول لتوفير القمح داخليا وتشجيع زراعته، وتخطط الحكومة لتصل بالاكتفاء الذاتى منه إلى 65% عام 2015 فى حين لم تزد قبل ثورة يناير عن 40%، فى ظل وجود قيادة سياسية تؤمن بأن من لا يملك قوته لا يملك قراره.. وتضع ضمن أهم أولوياتها حل أزمة المحصول الرئيسى.. ولن يجدى معه ما كنا نسمعه من تدخلات خارجية للحد من زراعة القمح ..وكل هذا لن يأتى من فراغ إنما من خطة وتحرك نقف على أعتاب الماضى لنعتبر من أسباب تراجع زراعة القمح بمصر، لتكون أساسا لتحرك علمى واع للمستقبل، تلك الخطة لن أقدم أنا أو غيرى ممن يكتبون عناصرها إنما هناك الخبراء والمختصون وأرباب الخبرة فى هذا المجال الذين يجب أن نفسح لهم أوسع الأبواب ليقدموا عصارة علمهم وخبرتهم لتحقيق تلك الغاية، وإن كانت المؤشرات تقول إنه يجب مضاعفة مساحات زراعة الأقماح إلى الضعف، أى زراعة نحو 7 ملايين فدان سواء بالتوسع فى استصلاح أراض جديدة وزراعتها أو تحميل القمح على الزراعات الشتوية الأخرى أو زيادة زراعة الأقماح والحد من زراعة بعض المحاصيل غير الأساسية الشتوية الأخرى. يتواكب مع ذلك رفع القدرة التخزينية للصوامع. وتقليل الهدر فى القمح والذى كان يصل إلى 30% من المحصول.

هنا لا أطالب الحكومة كما ينادى البعض بتنوع مصادر استيراد القمح، إنما أطلب السعى بأقصى سرعة للاعتماد على النفس ووقف الاستيراد نهائيا وفى أسرع وقت.ونصنع إجابات لأسئلة مهمة.. منها كيف نوعى الشعب بتقليل الهدر فى الاستهلاك.. كيف نخرج أبحاثاً مهمة لتطوير البذور ومضاعفة الإنتاج.. كيف نشجع المزارعين لزراعة القمح بدلا من البرسيم مثلا.
 الأمر مهم ولن أقول خطير، فهل يأتى اليوم الذى نحقق فيه الاكتفاء من سلاح الردع بالقمح؟!!

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة