علاقة جين بينج وبوتين تحددها المصالح وليس التحالفات
علاقة جين بينج وبوتين تحددها المصالح وليس التحالفات


واشنطن وبكين .. تحددان المرحلة التالية من الحرب بين روسيا وأوكرانيا

مروي حسن حسين

الأحد، 20 مارس 2022 - 07:33 م

وسط اتهامات متبادلة ومخاوف مستقبلية تحدث الرئيس الأمريكى جو بايدن مع نظيره الصينى شى جين بينج خلال قمة افتراضية أول أمس. وللإبقاء على خطوط اتصال مفتوحة بين البلدين ناقش الزعيمان إدارة المنافسة بين الجانبين وكذلك الحرب فى أوكرانيا وغيرها من القضايا الأخرى..

تعتبر واشنطن هجوم روسيا على أوكرانيا اختباراً آخر للمنافسة الأمريكية الصينية، وقد حذر بايدن نظيره الصينى جين بينج من «العواقب» و»التداعيات» التى ستواجهها الصين فى حال قدمت دعمًا ماديًا لروسيا وهى تقوم بهجماتها على المدن الأوكرانية.. مع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية الروسية فى أوكرانيا واستمرار قصف المدن الأوكرانية، يرى خبراء أن هناك حاجة إلى مراقبة رد الفعل الصينى حيال هذه الأزمة بشكل دقيق، خاصة فى ظل التشابه بين التحركات الروسية حيال أوكرانيا ومطالب الصين بالسيادة على تايوان، على الرغم من رفض بكين المقارنة بين تايوان وأوكرانيا.

وبغض النظر عن دلالات التصريحات الرسمية الصينية حيال النزاع فى أوكرانيا، فإن السلطات التايوانية تتابع بقلق بالغ التطورات فى أوكرانيا خاصة وأن الصين لطالما طالبت فى عدة مناسبات بسيادتها على تايوان التى تتمتع بحكم ديمقراطى بل وتعهدت بضمها إلى البر الصينى فى نهاية المطاف بما فى ذلك التلويح باستخدام القوة إذا لزم الأمر. وقد طرح الخبراء تساؤلات حيال كيف سيكون رد فعل الدول والحكومات الغربية على أى هجوم صينى محتمل قد يستهدف تايوان.

وفى ذلك، يرجح خبراء أن هذا الرد سيكون مختلفا عن الطريقة التى ردت بها الولايات المتحدة والدول الأوروبية على غزو روسيا لأوكرانيا، .. تمثل الصين طوق النجاة لموسكو، لمجابهة شدة الصدمة التى ستخلفها العقوبات على اقتصادها. ورسمياً اختارت الصين الحياد فى الأزمة الروسية الأوكرانية، وإن كانت من الناحية الاستراتيجية تقف فى نفس الخندق مع موسكو فى مواجهة المعسكر الغربى الذى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.. ورغم ما تعلنه الصين الا أن تساؤلات تدور بشأن موقفها مما يجرى، فرغم علاقتها الوثيقة مع موسكو إلا أنها لم تبد رسميا أى انحياز بل اتخذت مواقف أقرب إلى الوسطية ضمن ما اعتبره محللون «سياسة منتصف العصا» مراعاة لتحالفاتها ومصالحها..

ووفق محللين فإنه منذ زحفت القوات الروسية إلى أوكرانيا، سارت الصين فيما يسميه العديد من خبراء السياسة الخارجية على حبل مشدود دبلوماسيا، فهى مضطرة إلى مساعدة روسيا وليس ل ديها اهتمام كبير برؤية موسكو تنهار اقتصادياً، بينما تحاول التمسك بمبادئ سياستها الخارجية حول السيادة.

وكذلك محاولة منع علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا من الانهيار التام حيث أن انفتاح الصين على واشنطن وحلفائها هو الذى دفع النمو الهائل لها فى العقود الأربعة الماضية.. تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء تفاعلات روسيا والصين فى مواجهة الأزمة الأوكرانية.

ويرى البعض أن القلق الأمريكى مفهوم، لكن يبدو أن بعض المسؤولين الأمريكيين يخطئون فى الحكم على العلاقات الصينية الروسية والسياسة الخارجية الأوسع للصين، فالصين وروسيا ليسا حليفين عسكريين، وبعبارة أخرى، عندما يكون أحد الجانبين فى حالة حرب، لا يتحمل الطرف الآخر أى التزام تعاهدى أو قانونى بالمساعدة.

وهذا يختلف تمامًا عن التحالفات العسكرية بين الولايات المتحدة وبلدان حلف شمال الأطلسى . لذلك، فإن الصين ليست ملزمة بدعم روسيا، والواقع أن الصين لم تدعم موقف روسيا علانيةً خلال أزمة القرم قبل 7 سنوات.. ولا تنتظر روسيا من الصين أن تقاتل إلى جانبها فى أوكرانيا، لكن أكثر ما تتمناه أن تقف إلى جانبها اقتصادياً، للصمود أطول فترة ممكنة أمام العقوبات الغربية. بينما لا ترغب الصين أن ينهار الاقتصاد الروسي؛ لأن ذلك سيدفع واشنطن لتركيز جهودها لإضعاف الاقتصاد الصينى الصاعد بقوة.


الحرب فى أوكرانيا لا تخدم الصين من الناحية الاستراتيجية؛ لأنها ستعرقل تمددها الاقتصادى فى العالم، وستقوض العقوبات على روسيا تجارتها مع الأخيرة، وستعود أزمة سلاسل التوريد العالمية مجدداً..

ومع ارتفاع أسعار الطاقة، فسيؤثر ذلك ليس فقط على ارتفاع قيمة الواردات الصينية بل أيضاً على تقلص صادراتها، بسبب ارتفاع تكلفة منتجاتها، ما سيؤدى إلى تراجع نموها، وإن كانت ستستفيد من الاستحواذ أكبر على السوق الروسية.. وهذا المناخ الاقتصادى المضطرب لا يخدم سياسة بكين فى التوسع التجارى بالأسواق العالمية، ما دفعها للمسارعة فى عرض وساطتها بين موسكو وكييف.

وهى تملك نقاط ضغط مهمة، باعتبارها الشريك الأول للبلدين، والمنقذ الوحيد لروسيا من العقوبات ، لكن ما قد تعنيه بكين بالضبط لا يزال غير واضح. لكن الصين قد لا تملك الإرادة الكافية لاستعمال أوراق الضغط ضد روسيا، التى لا تبدى مرونة فى التراجع خطوة إلى الوراء بعيداً عن خيار الحرب.


لذا يبقى السيناريو المعول عليه هو أن تحافظ الصين على الحوار مع روسيا، وأن تتبع نهجاً محايداً تجاه الصراع فى أوكرانيا. ولعل أفضل ما تفعله الصين التمسك بالدبلوماسية الهادئة عند الاقتضاء والضغط الاقتصادى عند الضرورة.

اقرأ ايضا | 4 دول أوروبية تدعو لوضع استراتيجية لحماية أمن الطاقة


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة