زوزو ماضى - زوزو الحكيم - زوزو نبيل - زينب صدقى -  إبراهيم ناجى
زوزو ماضى - زوزو الحكيم - زوزو نبيل - زينب صدقى - إبراهيم ناجى


كنوز| في الذكرى 69 لرحيل إبراهيم ناجي.. حكاية شاعر «الأطلال» مع «3 زوزات» والضباط الأحرار

عاطف النمر

الأربعاء، 23 مارس 2022 - 05:54 م

55 عاما عاشها الشاعر الطبيب المعروف إبراهيم ناجي مثل عصفور حائر معذب يتنقل من غصن إلى آخر بحثا عن الحبيبة التى فرضت الظروف فراقهما فكتب فيها قصيدة «الأطلال» وكان يتمنى أن تغنيها أم كلثوم التى لم تلب رغبته إلا بعد 13 عاماً من رحيله.

تعذب أيضا من الظلم الذى وقع عليه من الضباط الأحرار الذين وضعوا اسمه فى قائمة «التطهير» الأولى وتم فصله من عمله، وبرغم الهزال الذى أصابه لتكالب الأمراض عليه وسوء نفسيته، ظلت روحه الشاعرية تنبض بقصائد تفوق الروعة، وأدعت الفنانة زوزو حمدى الحكيم أنها ملهمته التى كتب فيها «الأطلال».

وقال الشاعر صالح جودت إن ملهمته كانت الفنانة زوزو ماضى، وقالت الفنانة زوزو نبيل إنها كانت ملهمته، ثلاث «زوزات» تنافسن معا وكل منهن كانت تقدم ما لديها من أدلة تثبت بها أنها «ملهمته» الحقيقية، وهناك قصائد أخرى كتبها إبراهيم ناجى فى نجمات آخريات، فهل كن ملهماته أيضا؟. 

يا ترى من منهن التى كتب فيها قصيدة «الأطلال»؟ هل هى أمينة رزق التى أعجب بأدائها التمثيلى فكتب فيها قصيدة «نفرتيتى الجديدة»، أم هى زوزو ماضى التى كتب فيها قصيدة «صخرة المكس»، أم هى زينب صدقى التى أعجب بمقدرتها فى تجسيد مسرحية «مجنون ليلى» لأمير الشعراء فكتب فيها قصيدة «فيم الغدو غدا»، أم هى الراقصة سامية جمال التى كتب فيها قصيدة «بالله مالى ومالك».

أم هى صارخة الجمال الفنانة المثقفة أمينة نور الدين التى كانت تمارس الكتابة النقدية ونظم الشعر، وكتب فيها قصيدة «هات لى ثغرك»، أم هى الشاعرة أمانى فريد التى كتب فيها قصيدة «أمل»، أم هى العازفة الموسيقية «انعام» التى كتب فيها قصيدة «صولة الحسن»، أم هى نجوى سالم التى كتب فيها أصغر قصيدة فوق علبة سجائرها التى احتفظت بها حتى وفاتها؟!.

أكدت الفنانة زوزو الحكيم فى حوارات كثيرة أنها كانت تتردد على عيادة الدكتور إبراهيم ناجى الذى كان يعالج والدتها، وفى كل زيارة كان يكتب على ظهر «روشتة» العلاج أبيات شعرية اعتقدت أنه يبعث لها من خلالها برسائل غرامية، وأكدت أن العلاقة معه كانت قائمة على الصداقة، وإذا كانت قائمة على حب فهذا من طرف واحد لأنها تزوجت ولم تهتم بما كان يبثه من أشعار.

وقالت إنها عندما استمعت لأم كلثوم تغنى «الأطلال» تذكرت أنها قرأت هذه الأبيات من قبل فعادت لروشتات العلاج ووجدتها مكتوبة بها فأدركت أنها كانت ملهمته فى قصيدة «الأطلال»، وتذكرت أنه طلبها تليفونيا وأخذ يقرأ عليها أبياتا يقول فيها «يا حبيبى.. كل شىء بقضاء.. ما بأيدينا خلقنا تعساء.. ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم.. بعدما عز اللقاء».

وأكد أمير الصحافة محمد التابعى أن زوزو الحكيم أطلعته على رسالة من ثمانى صفحات بخط إبراهيم ناجى كتبها لها عندما قالت له إنها سمعت أنه يحب أمرأة أخرى فكتب يقول: «لو كنت أحببتها فعلا لرأيت أنت ذلك، لأنك أيتها العزيزة تكشفينى بثلاث عيون، عين المرأة وهى وحدها تكفى، وعين الذكاء النادرة، وهذه تكفى، وعين الصديقة الحبيبة التى تحب أن تعرف إلى أين امتد ويمتد ظل هذا الصديق، وهذه عين جبارة»، واختتم رسالته قائلا: «إذا استطعت أن أكون الدليل الذى يريك الفن والجمال والخير والحق والنبل فأنت أعطيتنى ذلك القليل، وأنا كنت لك ذلك الدليل، وإذا أنا استطعت أن أملأ عليك حياتك فشعرت بالعزة والاستغناء، يوم ذاك نكون أربابا يا « زوزو» ويبقى حبنا».

لكن الشاعر صالح جودت المقرب من إبراهيم ناجى قال إنه سمع منه ما يؤكد هيامه بزوزو ماضى وأكد أن الاكتئاب أصاب ناجى بعد زواجها من مليونير انجليزى، وقالت زوزو ماضى فى عدة حوارات إنها كانت ملهمته الحقيقية.
وكتب إبراهيم ناجى مقالاً فى مجلة «الاستديو» عام 1948 بعنوان «3 زوزات عرفتهن».

قال فيه: «زوزو ماضى عرفتها وهى أديبة صافية لم تشبها السينما بشائبة، ولم ترفق حياتها أقدار الشاشة، عرفتها وهى تستوحى البحر وتنظم فيه شعرا، وعرفت زوزو نبيل وهى فى مستهل جمالها وعنفوانها ورونقها، عرفتها قبل أن تقبض عليها الإذاعة فتمرمط هذا الرونق فى تمثيلياتها، وتقضى على إشراقها الفخم فى كواليس شارع علوى.

أما زوزو الحكيم هى الأخرى أديبة صافية، عرفتها قبل أن تنزلق إلى الشاشة، عرفتها وهى تكتب مذكراتها عن أدباء مصر جميعا، وقرأت لها أجمل فصل قرأته فى حياتى عن زكى مبارك، عرفتها وهى تجاهد فى تعلم الفرنسية، وتناضل لتعلم الإنجليزية، وتقاتل لتكون أول فتاة مثقفة فى مصر، فلما جرفتها السينما سكن العفريت بيتها، ومن يدرى هل دب إلى قلبها؟ مسكينة «زوزو» إنها تحمل دماغا رهيبا وقلبا طيبا». 

ومن جهة أخرى دونت حفيدته الدكتورة سامية محرز فى كتابها «إبراهيم ناجى زيارة حميمية تأخرت كثيرا»، أن كل ما كتب عن ملهمة جدها التى كتب فيها «الأطلال» هى جارة إبراهيم ناجى التى عرفها فى فترة شبابهما، وهى من علمته الفرنسية، وكان يقرأ معها الروايات والشعر، وكان يشير لها فى مذكراته بأحرف «ع . م»، واتضح أنها علية الطوير التى تزوجت وسافرت للخارج، فكتب فيها «الأطلال»، وقال ناجى فى إحدى ندواته: «الأطلال هى قصة اثنين، رجل وامرأة تحابا ثم افترقا، هى أصبحت أطلال جسد، وهو أصبح أطلال روح».

كان إبراهيم ناجى يتمنى أن تغنى أم كلثوم قصيدة له لكى تنقذه من السمعة السيئة التى وصمه بها الضباط الأحرارعندما وضعوا اسمه نتيجة «جهل» فى قائمة «التطهير» الأولى التى تضمنت «محمد فتحى كروان الإذاعة، وعلى بك خليل وكيل الإذاعة، وصالح جودت، وإبراهيم ناجى»، وترتب على ذلك فُصِلَه من عمله كمدير للإدارة الطبية بوزارة الأوقاف، تعرض لظلم جعله يلف فى الشوارع كما التائه عاتباً على المجهول.

وتوالت عليه الأمراض، وأخذ يعانى من الهزال الشديد، وقال الشاعر وديع فلسطينى إن ناجى زاره بجريدة «المقطم» وكانت حالته النفسية فى الحضيض، وتوقع أن يقرأ نعيه فى الصحف صباح كل يوم، إلى أن قرأ ذلك صباح 25 مارس 1953 فبكاه وقال للمعزين: «لقد مات ناجى فى التطهير وليس اليوم !»، وبعد وفاته بتسع سنوات قررت أم كلثوم أن تغنى له قصيدة «الأطلال» التى أسندت تلحينها لرياض السنباطى.

وأسندت لأحمد رامى اختيار الأبيات من بين 124 بيتا، فقام رامى بتعديل البيت الذى يقول «يا فؤادى رحم الله الهوى» إلى «يا فؤادى لا تسل أين الهوى»، وضم للقصيدة سبعة أبيات من قصيدة «الوداع»، وقد انتهى السنباطى من اللحن لتشدو به أم كلثوم فى بداية 1963، لكن «الست» اختلفت معه على «قفلة» الأغنية وحدث خصام بينهما أمتد 3 سنوات وفى النهاية شدت بالقصيدة فى 7 أبريل 1966، ولاقت «الأطلال» نجاحا غير مسبوق!.

رحل الشاعر الرقيق إبراهيم ناجى وقد نعاه صديقه الشاعر الكبير أحمد رامى عند وفاته فى قصيدة يقول فيها: «كنت ملء الحياة أنسا وبشرا وحنانا ورقة وانسجاما..

شاعرا ترسل المعانى سحرا وطبيبا تخفف الآلاما».

اقرأ أيضاً|في الخميس الأول من يناير.. حفل أغنية «أمل حياتي» لأم كلثوم

 

 


 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة