هالة العيسوي
هالة العيسوي


من وراء النافذة

الحرب الإعلامية الإسرائيلية على روسيا

هالة العيسوي

الأربعاء، 30 مارس 2022 - 06:19 م

«الصحافة دبابة».. استحضرت وأنا أطالع الصحف الإسرائيلية، وأفحص طريقة تناولها للحرب الروسية -الأوكرانية ذلك التعبير الطريف الذى مازحنى به مسئول شبابى ورياضى تونسى قبل عشرين عامًا ونيف؛  كان ذلك لمًا عرف مهنتى وكنا فى زيارة للعاصمة التونسية ضمن برنامج تبادل شبابي. حين استفسرت منه عن مقصده قال: إن الصحافة تقوم بما لا تقوم به الدبلوماسية ولا الجيوش. وهى السلاح السرى فى أى معركة دبلوماسية أو حتى عسكرية.

تصدق هذه المقولة تمامًا عند متابعة تناول الصحافة الإسرائيلية للحرب الروسية- الأوكرانية. فالدولة العبرية ارتضت دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. استكانت لهذا الدور الذى يجنبها الانحياز رسميًا للجانب الغربى وأوكرانيا على حساب علاقتها ومصالحها الاستراتيجية مع موسكو. لكنها فى أعماق سياستها تتعاطف مع أوكرانيا بسبب روابط تاريخية وإثنية ودينية مع كييف؛ تدعمها سرًا فى المجالات اللوجستية والعسكرية وعلنًا فى المجالات الإنسانية. تل أبيب تزهو بمطلب كييف أن تكون إسرائيل هى الضامن لأمنها، جنبًا إلى جنب مع أعضاء حلف الناتو، مقابل رضوخ الأولى للشرط الروسى بعدم الانضمام لأية أحلاف عسكرية، أو استضافة قواعد أجنبية. وتتباهى بكونها رقمَا مهمًأ فى معادلة مفاوضات وقف إطلاق النار بين الجانبين الجارية الآن.

فى المقابل لاتأخذ تل أبيب موقفًا عدائيًا رسميَا من موسكو ولا تجرؤ على هذا. بدلًا من ذلك جيشت آلتها الإعلامية لمهاجمة روسيا بشكل ضمني، عبر نشر كافة الأخبار السلبية، ودعم رجال المال الروس اليهود، وتوفير الملاذ الآمن لهم واستقبالهم لديها، خاصة أولئك الخاضعين للعقوبات الغربية. ثم، وهذا هو اللافت، التشهير بالرئيس بوتين، وتدمير سمعته عالميًا، تماشيًا مع رأى الرئيس الأمريكى بايدن الذى سارع بالتراجع عنه بأن بوتين مجرم حرب. يحدث هذا سواء بتركيز التغطيات على ما تعتبره فشلًا عسكريًا وتكتيكيًا إزاء المقاومة الأوكرانية، أو بالحرص على كشف الأكاذيب الإعلامية الروسية بشأن حجم خسائر موسكو، والتهويل فى حجم الكارثة الإنسانية فى أوكرانيا جراء الحرب الروسية، أو بنشر التعليقات الجريئة على ما يسمونه «حرب إبادة جماعية».
أما الأكثر إدهاشًا فهو التنبيش فى الحياة الخاصة لبوتين وفضح أسراره، والكشف عن ثروته ومصادر أمواله، وبالكشف أيضًا عن علاقاته النسائية السرية!

هذا موقع رياضى عبرى اسمه»وان» ، ينقل تصريحًا لواحدة من أكثر الرياضيين نجاحًا فى صناعة الجمباز الروسية، تدافع فيه عن بلادها وتهاجم منع مشاركة الرياضيين الروس فى الألعاب الرياضية العالمية. لكن الموقع العبرى وهو ينقل التصريح الرياضى المحض لـ» الينا كاباييفا «،  لم ينس التعرض لعلاقتها الشخصية بالرئيس الروسي، وينشر نصًا: «إنها تُعرف أيضًا باسم زوجة فلاديمير بوتين السرية. كاباييفا البالغة من العمر 38 عامًا، والتى بالإضافة إلى مسيرتها الرياضية فى مجال عرض الأزياء والإعلام، تعتبر «عشيقة» بوتين»! هكذا بمنتهى الجرأة التى تصل إلى حد الوقاحة. ثم يضيف الموقع: «وفى عام 2008 ورد فى موسكو أن الرئيس قد طلق زوجته سراً وتزوج لاعبة جمباز أولمبية. يعتقد الكثيرون أن التوائم التى أنجبتها فى عام 2019 هى من الرئيس الروسي».
صحيح الصحافة دبابة تأتى بما لا تأتى به الدبلوماسية ولا الجيوش.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة