الإمام الشعراوي
الإمام الشعراوي


خواطر الإمام الشعراوي| الحق يريد طهارة الإنسان

الأخبار

الخميس، 14 أبريل 2022 - 09:17 م

يواصل الشيخ الشعراوى خواطره حول الآية 187 من سورة البقرة:» أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِى الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ».

قائلا: الحق سبحانه وتعالى يريد أن يعلمنا أن المرأة لباس ساتر للرجل، والرجل لباس ساتر للمرأة، ويريد الحق سبحانه وتعالى أن يظل هذا اللباس ستراً بحيث لا يفضح شيئاً من الزوجين عند الآخرين، ولذلك فالنبى عليه الصلاة والسلام يحذرنا أن يحدث بين الرجل وأهله شىء بالليل وبعد ذلك تقول به المرأة نهاراً، أو يقول به الرجل، فهذا الشىء محكوم بقضية الستر المتبادل.

اقرأ أيضا

 خواطر الشعراوي.. لا تقلق مِن تدابير البشر فأقصى ما يستطيعون هو تنفيذ إرادة الله

«هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ». ومادام هن لباس لكم وأنتم لباس لهن، فيكون من رحمة التشريع بالإنسان وقد ضَمَّ الرجل والمرأة لباس واحد وبعد ذلك نطلب منهما أن يمتنعا عن التواصل.

إذن فقول: «تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ» كان مسألة حتمية طبيعية، ولذلك قال الحق بعدها: «فَتَابَ عَلَيْكُمْ» ومعنى (تاب عليكم) هو إخبار من الله بأنه تاب، وحين يخبر الله بأنه تاب، أى شرع لهم التوبة، والتوبة كما نعرف تأتى على ثلاث مراحل: يشرع الله التوبة أولا، ثم تتوب أنت ثانيا، ثم يقبل الله التوبة ثالثاً، «وَعَفَا عَنْكُمْ» لأنه مادام قد جعل هذه العملية لحكمة إبراز سمو التشريع فى التخفيف، فيكون القصد أن تقع هنا وأن يكون العفو منه سبحانه.

ويقول الحق: «فالآن بَاشِرُوهُنَّ وابتغوا مَا كَتَبَ الله لَكُمْ» فلم يشأ أن يترك المباشرة على عنانها فقال: أنت فى المباشرة لابد أن تتذكر ما كتبه الله، وما كتبه الله هو الإعفاف بهذا اللقاء والإنجاب، فالمرأة تقصد إعفاف الرجل حتى لا تمتد عينه إلى امرأة أخرى، وهو يقصد أيضا بهذه العملية أن يعفها حتى لا تنظر إلى غيره، والله يريد الإعفاف فى تلك المسألة لينشأ الطفل فى هذا اللقاء على أرض صلبة من الطهر والنقاء.

وحتى لا يتشكك الرجل فى بضع منه هم أبناؤه، والحق سبحانه يريد طهارة الإنسان، فكل نسل يجب أن يكون محسوباً على من استمتع، وبعد الاستمتاع، عليه أن يتحمل التبعة، فلا يصح لمسلم أن يستمتع ويتحمل سواه تبعة ذلك، فالمسلم يأخذ كل أمر بحقه.

«فالآن بَاشِرُوهُنَّ وابتغوا مَا كَتَبَ الله لَكُمْ» أى ما كتب الله من أن الزواج للإعفاف والإنجاب. وفى ذلك طهارة لكل أفراد المجتمع. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «وفى بضع أحدكم صدقة. قالوا يا رسول الله: أيأتى أحدنا شهوته ويكون له أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها فى حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها فى الحلال كان له أجر».

ويتابع الحق: «وَكُلُواْ واشربوا حتى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيط الأبيض مِنَ الخيط الأسود» أى إلى أن يتضح لكم الفجر الصادق. وكان هناك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أذانان للفجر، كان بلال يؤذن بليل، أى ومازال الليل موجوداً، وكان ابن أم مكتوم يؤذن فى اللحظة الأولى من الفجر، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإن سمعتم أذان ابن أم مكتوم فأمسكوا». لكن أحد الصحابة وهو عدى بن حاتم قال: أنا جعلت بجوارى خيطا أبيض وخيطاً أسود، وأظل آكل حتى أتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. فقال له: إنك لعريض القفا (أى قليل الفطنة) فالمراد هنا بياض النهار وسواد الليل.

ويتابع الحق: «ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِى المساجد». لقد كانوا يفهمون أن المباشرة فى الليل حسب ما شرع الله لا تفسد الصوم. ولكن كان لابد من وضع آداب للسلوك داخل المسجد أو لآداب سنة الاعتكاف التى سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى العشر الأواخر من رمضان.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة