فتوي جدلية | «لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق»
فتوي جدلية | «لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق»


فتوي جدلية| «لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق»

الأخبار

السبت، 16 أبريل 2022 - 06:16 م

السؤال: ما معنى القتال فى حديث: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ» ؟
 

يجيب عليه د. شوقى علام مفتى الجمهورية


شُرِعَ القتال فى الشريعة الإسلامية على المكلفين المخاطبين بأحكامها من أجل ردِّ المعتدين، والدفاع عن دينهم وأنفسهم وأموالهم، وهو إما على الكفاية أو الوجوب؛ حيث جاء الأمر للمسلمين بقتال من قاتلهم دفاعًا عن أنفسهم وحمايةً لحوزة الدين، وذلك فى قول الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾.

فالقتال فى شريعة الإسلام سببه ردّ العدوان؛ فغير المقاتلين لا يجوز التعرَّض لهم بالأذى فضلًا عن سفك دمائهم واستباحة حرماتهم، وإنما يُراعى فى حقهم جانب السلم، بل إن الشرع الشريف قد أمر بِبِرِّهم ولزوم مسلك العدل معهم، ووصلِهِم بالقسط إليهم؛ يدل على ذلك قول الله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.

والشرع الشريف حين شرع القتال دفاعًا عن النفس وردًّا للبغى والعدوان؛ كما سبق الإيضاح والبيان، جعل لذلك شروطًا وقيودًا وضوابط صارمة، يقف على فهمها مَن تأمل بعينٍ متدبرة؛ قولَ الله تعالى فى الآية المحكَمة: ﴿وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ «البقرة: 190».

وقد تناول العلماء هذه الشروط والضوابط بالشرح والتوضيح، وتقرر لديهم أن الأمر الإلهى بالقتال جاء مشترطًا قتالَ مَن قاتَلَ، والكفَّ عمن كفَّ فلم يقاتِل. فإن قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ إلى آخر الآيات، يشير إلى عدة معانٍ؛ منها: أن هؤلاء المقاتلين هم البادئون بالاعتداء، فهُم الفاعلون للقتال والمتلبسون به.

ولا يُعدُّ المستعدّ للقتال والمتأهب له مقاتلًا فى نظر الشرع الشريف؛ قال فخر الدين الرازي: «ظاهر قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ يقتضى كونهم فاعلين للقتال، فأما المستعدّ للقتال والمتأهل له قبل إقدامه عليه فإنه لا يوصف بكونه مقاتلًا» اهـ. ومنها: النهيُ عن البدء بالقتال، وعن قتلِ النساء والأطفال والشيوخ والمعاهَدين، وكذا التمثيلِ بالمحارب حيًّا كان أو ميتًا، والغدرِ، وعدّ ذلك من الاعتداء.


وبناءً على ذلك وفى واقعة السؤال: فهناك فرقٌ شاسعٌ بين القتال الذى يشير إلى الدفاع وردّ العدوان، ويكون بالسِّنان وباللسان؛ وهو ما جاء به الشرع الشريف، ودلّت عليه نصوص الدين الحنيف، وجعل له شروطًا وقيودًا وضوابط صارمة.

وبين القتل الذى يشير إلى البدء بالعدوان والمبادرة بالبغي؛ وهو ما نهى عنه الشرع الحكيم، وتوعد صاحبه بالعذاب الأليم..

وأما الطائفة المذكورة فى الحديث الشريف فيمثلها قطاع عريض من خيار الأمة المحمدية؛ من جيوش نظامية تعمل تحت راية الدولة وولى الأمر، وعلماء مخلصين سائرين على طريق الهدى والرشاد إلى ما فيه خير البلاد والعباد.


ولا علاقة لتنظيم داعش بهذه المعانى النبوية السامية، بل هم جماعة إرهابية لها ممارسات عدوانية شاذة تجاه العُزَّل والأبرياء. والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ ايضا

علي جمعة: الشيخ محمد أبو زهرة ساهم في تطوير الأحوال الشخصية| فيديو


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة