عمرو الخياط
عمرو الخياط


نقطة فوق حرف ساخن

الدراما سلاح الوعى المصرى

عمرو الخياط

الجمعة، 22 أبريل 2022 - 06:11 م

الفن فى وجدان الشعب المصرى حالة من حالات السلام الاجتماعى وهو فى ذات الأمر أحد العناصر المهمة فى الالتفاف حول القضايا الوطنية..

والشعوب لديها نهم شديد و متجدد لتلقى جرعات فنية مستديمة وفى حالة عدم وجود العمل الفنى الذى يشبع هذا النهم يتجه فورا نحو غيره دون أن يكون ملاماً على استهلاكه لما هو متاح لأنه لا يجد الجيد الذى يشبع مزاجه..

والفنون الراسخة عبر سنوات التاريخ ماهى إلا تأثير من تقلبات المجتمع وكذلك السياسة.. وهما الرافدان اللذان يفرزان حالات مزاجية مختلفة لدى الشعوب والتى بدورها تفرز احتياجات فنية تواكب هذا المزاج.. وتصبح أزمة حالة قصور الحركة الفنية نحو مواكبة ذلك فى ظل واقع فنى جديد أصبح يتجاوز حالات المنع أوالحذف أو الحجب.
 

ما سبق هو توضيح لما يحدث للحالة الفنية المصرية فى السنوات الماضية وما أصبحت عليه الآن بعد أن أصبح هناك تجديد للخطاب الفنى والذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ سبع سنوات فى احتفالات أعياد الشرطة ودعا وقتها الفنانين لتقديم أعمال فنية تنمى الوعى وتعبر عن واقعنا.


ومنذ 2011 مروراً بالأعوام التالية عشنا جميعاً إفرازات جماعية أثرت على الحالة الفنية المصرية.. وكان من نتائجها أعمال فنية البعض منها دون المستوى والهدف منه إدخال البهجة فى نفوس المتلقى والقليل منها الذى كان يعافر نحو تقديم ما يسمو بوعى المصريين فى ظل الأحداث المتلاحقة التى مروا بها.


فى السنوات الأخيرة.. تسارعت وتيرة الفن ليواكب ما عايشه المصريون بعد أن أصبحت هناك ضرورة ملحة لتجديد الخطاب الفنى ليواجه عقولا كانت قابلة لاستقبال الفكر المتطرف تحت وطأة الفقر وغياب ثقافى وانعدام الرؤية الفنية بسبب الحالة العامة للدولة المصرية فى أعقاب أحداث 2011 مروراً بمحاولة اختطاف الدولة على يد جماعة إرهابية وصولاً إلى 30 يونيو التى ولدت حالة توحد شعورى وفكرى  نادرة كشفت عن إدراك حقيقى للمصريين لقيمة الدولة المصرية وحقيقة تنظيم الإخوان وخطورة استمرار الوضع الذى كنا عليه.
وكان من الطبيعى أن يواكب الفن..

الأحداث ويكون معبراً عما يحدث فى المجتمع..

ومرآة ساطعة لنقل حقيقى لفترة من أهم الفترات التاريخية فى عمر الوطن.. وإذا كانت الجمهورية الجديدة..

فكان لزاماً أن يكون الفن أحد أدواتها وعناصرها.. سواء بالرصد أو بالتوضيح أو بالمحاكاة. للتاريخ..

فإن دولة 30 يونيو التى أعادت بناء الإنسان المصرى الذى تعرضت شخصيته للتجريف عبر سنوات طويلة وإعادة البناء من أولوياته تحصينه بالوعى وفهمه وإدراكه لما يحدث حوله.


منذ ثلاث سنوات بدأت لهجة الفن تختلف ليقدم الدور الذى تأخر عنه كثيرا..

فتابعنا أول جزء من مسلسل الاختيار.. ليقدم سرداً توثيقاً وشريطاً من الأحداث الجسام التى لا ينبغى أن تغادر مناطق الوعى فى الذاكرة المصرية..

وقتها لم يكتف الفن بتقديم هذا العمل كجزء أول وإنما امتد الأمر ليشمل فيلم الممر الذى تحولت صالات العرض التى يعرض فيها الفيلم إلى ميادين اصطفاف وطنى وتوالت الأعمال لنشاهد الجزء الأول من «هجمة مرتدة» ليشكل الثلاثة حالة انطلاق ثقافى وفنى جديد على المتلقى المصرى كان قد افتقده منذ أعمال رأفت الهجان ودموع فى عيون وقحة وغيرها من الأعمال التى كانت حصن أمان قوى لأجيال متعددة..

بينما جاءت الأجيال الجديدة الناشئة لتواجه حرباً ضروساً لاحتلال ذهنيتها بأفكار معكوسة ترسخ معاداة الدولة التى يعيشون تحت رايتها ويتظللون بظلها فكانت هذه الأعمال إعادة لترسيخ الوعى لدى المواطن الذى حاولوا تشويشه..

وتثبيت الوطنية التى شككوه فيها بكل السبل.


وإذا كان الجزءان الأول والثانى من الاختيار قدما صورة لتضحيات رجال الجيش والشرطة لما قدموه للحفاظ على الوطن..

فإن الجزء الثالث منه..

جاء ليؤكد ويوثق حقيقة واضحة أن تنظيم الإخوان ليس إرهابياً وإنما الإرهاب هو الذى يجب أن يصنف بأنه إخوانى..

لقد جاء هذا الجزء ليمثل أعلى درجات الهجوم الفنى خلف خطوطهم وفى مواجهة مباشرة مع التنظيم الإرهابى..

وفى ذات السياق إنعاشاً للذاكرة الوطنية وتذكيراً بالصوت والصورة لما حدث وما كنا فيه ومخطط له..

لولا عناية الله بهذا البلد الآمن ورجال آمنوا بالحق ودافعوا عن شعب شوهته التحديات التى واجهته وعادوا ليلملموا شتاته ويعيدوا بناءه ويصيغوا جمهوريته الجديدة.


ثراء الفترة التاريخية التى تناولتها أحداث المسلسل التى جعلتنا أمام حالات مكثفة من دراما الواقع ليصبح الفن وما يقدم هو أحد أهم أدوات توثيق الحقيقة..

وما أدراك ما هى الحقيقة..

تلك هى حقيقة إنقاذ وطن..

ووصولاً لأعظم ثورة فى التاريخ.. ثورة ٣٠ يونيو..

التى جسدت عملية إنقاذ وجودية تاريخية للدولة المصرية..

وهنا لابد أن نتوقف أمام ملف حتمى من ملفات الأمن القومى المصرى..

وهو القوى المصرية الناعمة التى تشكل جزءا أصيلا من مكونات استراتيجية هذا الأمن فالفن من أرقى الأدوات التى تمتلكها الدولة للاتصال والتواصل مع الشعب وهو أيضاً غرس ثقافى وتأثيره ليس لحظيا وإنما تراكمى عبر السنين..

ولذا فإنه لابد وأن يكون هناك تدفق دائم ومستمر ولايتوقف لتلك الحالة الفنية المتمثلة فى الأعمال المقدمة فى رمضان..

فإذا كانت الجماعة الإرهابية قد أدركت منذ اللحظة الأولى قيمة وخطورة تأثير الفن.. فلا ينبغى أبداً أن تغيب هذه الأهمية عن عقل وإرادة صناع الفن والدراما فى المستقبل.. فالفن هو أحد أهم أدوات توثيق الحقيقة وهو الخيار الاستراتيجى والاختيار الإجبارى لمصر.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة