عبدالرحيم كمال
عبدالرحيم كمال


يوميات الاخبار

حلم يقظة

الأخبار

السبت، 30 أبريل 2022 - 09:17 م

عبدالرحيم كمال

مصر الساحرة التى تملك من الكتب والكتاب من يستطيعون ان يشكلوا منهجا لأعظم بلاد الدنيا وأرقاها

مازالت بلادنا فى حاجة الى تحقيق الكثير من الأحلام، أحلام تليق بها وبنا ومازلت احلم على تلك المساحة بأحلام يقظة أرسلها لمن يهمه الأمر والأمر يهمنا جميعا، هذا البلد يخطو خطوات كبيرة نحو تحقيق بعض مما يستحق ومصر بلد قادر بالعلم والتخطى وفضل الله من قبل ومن بعد على تحقيق الكثير، ولقد رأيت فيما يرى المستيقظ أن السيد المحترم وزير التعليم قد اصدر تعليماته بتدريس موسوعة العظيم سليم حسن ملخصة ومنقحة كمنهج للتاريخ فى مراحل تعليمية تستطع الاستمتاع والفهم والمعرفة بتاريخنا المصرى القديم على اكمل وجه بداية من الصف الثالث الاعدادى وحتى الصف الثالث الثانوى فموسوعة سليم حسن هى مرجع حضارى تاريخى عالمى يندر وجود مثله فى باقى ارجاء المعمورة لا اشك لحظة فى حصول التلميذ المصرى على حصيلة علمية وتاريخية وفنية توصل له هويته وتزيده ثقة بنفسه واحساسا بقيمته على هذه الأرض وتملؤه إحساسا بعظمة تلك الحضارة التى لم تصل حضارة أخرى فى التاريخ الى نصف قامتها السامقة.. لم يقتصر حلم اليقظة على ذلك فقط فقد كان حلما رمضانيا طويلا وخاليا من وسوسة الشياطين رأيت روايات نجيب محفوظ ومحمد البساطى ومجيد طوبيا وخيرى شلبى ويحيى الطاهر عبدالله ضمن مناهج اللغة العربية التى تدرس لتلاميذ الإعدادية والثانوية ورأيت أيضا أشعارا لصلاح عبدالصبور وأمل دنقل وفؤاد حداد وصلاح جاهين وغمرتنى السعادة التامة وانا أرى التلاميذ وهى تنشد تلك الأشعار وتقرأ تلك الروايات وهتفت:
الآن اطمأن قلبى أن مدارسنا لن يخرج منها إرهابى ولا متطرف. رفضت ان افتح عينى من جمال ذلك الحلم البسيط ورأيت السيد الوزير يقرر كتاب شخصية مصر للكبير جمال حمدان على الصفين الثانى والثالث الثانوى، ذلك الكتاب العجيب الذى يجعل كل مصرى يدرك اين هو؟ وما سر الجغرافيا ؟وما سر التاريخ وسر مصر نفسها، عبر صفحاته الساحرة التى كتبها الرجل بروحه وقلبه، فتحت عينى وقلت: آن الأوان سيدى الوزير ان يدرس التلاميذ والطلبة مناهج مبنية على مصادر اصيلة.. آن الأوان ان يكون التعليم حائطا روحيا وثقافيا سليما وليس مجرد موضوعات كتبت بصياغة تخلو من الجمال ومن خلال من هم ليسوا على دراية كافية بتاريخ وفنون وأدب وثقافة مصر.
حتى تستعيد المدارس المصرية الحكومية هيبتها بالمناهج التى تحمل قدرا من التأثير والثقافة الراقية الحديثة نسبيا اجعلوا التلاميذ والطلبة يقرأون صفحات ذات قيمة لغوية وثروة فكرية حقيقية وقبل ان افتح عينى لأطل على الساعة وأحسب الوقت الباقى على أذان الإفطار قال لى الحلم: انتظر مازال فى الحلم بقية، اغمضت عينى فرأيت كتابا بسيطا رقيقا جميل الطباعة يتحدث عن الانسان والأخلاق بشكلها الواسع ما هى الاخلاق؟ وما تعريفها؟
عند اهل الشرق والغرب، عند المحدثين والقدماء، عند الانبياء وعلماء الدين وعند الفلاسفة وعلماء الدنيا، كتاب رشيق شيق يفهم منه القارئ أهمية الاخلاق ومستوياتها ونسبيتها وضرورتها ويختتم الكتاب بفصل عن قبول الاخر والتعامل مع المختلفين عنا، كتاب يجعل النفوس أكثر هدوءا وسكينة والعقول اكثر تفتحا ومرونة والأرواح اكثر اتساعا ورحابة،
هكذا كان حلم مناهج تعليم مدارس مصر، مصر الساحرة التى تملك من الكتب والكتاب من يستطيعون ان يشكلوا منهجا لأعظم بلاد الدنيا وأرقاها وكان حلم يقظة رمضانيا، دعوت الله مخلصا بعده ان يتحقق وختمت دعائى بأن الله يا مصر على كل شيء قدير.
الدواخل
عانت الامة الإسلامية سنوات وقرونا طويلة ومازالت تعانى من فكر الخوارج ذلك الفكر المتطرف الرافض لقبول الاخر الذى يستحل الدماء وفق عقيدة فاسدة وظل الإسلام بوسطيته وعقيدته الصحيحة السمحة القويمة يقاوم ذلك الفكر وينتصر عليه فى كل وقت وحين بوعد موثق من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: «ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظل هؤلاء يشادون الدين وظل الدين بفطرته وقدسيته وبساطته ووضوحه منتصرا وانتشر الخوارج وتغلغلت أفكارهم المسمومة فى كل الطوائف والملل والنِّحَل، وصارت اوصافهم وسماتهم معروفة بالعين المجردة سماتهم الشكلية والسلوكية وحتى النبرة فى النطق والاصطناع والتصنع فى القول والأداء، إلى ان ظهرت فى عصرنا الحديث فئة جديدة لا تقل خطرا ولا خطورة عن الخوارج، أطلقت عليهم لقبا واسما من عندياتى وهو الدواخل.. والدواخل ان كان الاسم يشير الى تناقض تام بينهم وبين الخوارج إلا انه تناقض خادع مراوغ مريب، فالداخلى ليس ذا لحية طويلة كثة مثل الخارجى وربما يكون حليقا يرتدى الملابس العصرية ويتحدث بمنطق أهدأ ونبرة أقل ازعاجا لكنه يشترك مع الخارجى فى الهدف وهو تقويض ذلك الدين ومحاربة أسسه وقوامه وفطرته، ستجد الخارجى يقتل كل مخالف والداخلى يتهم كل مخالف بالجهل والسفاهة وقلة العقل، ستجد الخارجى لا يقبل سوى بالقرآن حكما ويرفع المصحف على أسنة الرماح ويكفر أمير المؤمنين وسيد المسلمين فى وقته سيدنا على بن أبى طالب وتجد الداخلى يقول إنه لن يقبل سوى الكتاب ويرفض السنة على اطلاقها ويقلل من شأن سيدنا على وسيدنا أبى بكر وغيرهما من الكبار بإلصاق التهم الرخيصة بهم وصبغهم بالصبغ الدنيوية وإسباغ كل رذيلة عليهم فيوحى بأنهم أهل دنيا ومجموعة من الطامعين القتلة الساعين للحكم والسلطة، ستجد الخارجى والداخلى يصلان معا لنفس الهدف وذات النقطة، وهو قطع الخيط الواصل بين المؤمنين وبين أمانهم وقلوبهم وسكينتهم واشعال روح القلق والشك والتوتر، ليس شكا عقليا صحيا بغرض الوصول الى قيمة أعلى وأرقى ولكن شك مرضى يشيع اليأس والقنوط، وانتشر الدواخل تحت مسميات كثيرة، وصار لكل داخلى منهم منبر وقناة وجريدة وموقع وإن كان الدواعش والخارجيون قد استوطنوا واستعمروا أطراف البلاد ومناطق الفتنة فيها فإن الدواخل استوطنوا واستعمروا مواطن التأثير من فضاءات التواصل الاجتماعى والمواقع ومنصات العالم الافتراضى وظل أصحاب الفطرة السليمة من كل الأديان ومن كل الاطياف، يظل المسلم والمسيحى واليهودى والباحث عن كل حقيقة يقاوم اوهامه وشكوكه وشياطينه أيضا من الخوارج والدواخل الى قيام الساعة.
الفن بين التلقائية والتصنيع
ليس كل طفل يقف يوم عيد ميلاده يغنى او يقلد أباه او خالته هو نجيب الريحانى او شارلى شابلن، وليس كل طالب مرتجل خفيف الظل فى رحلات الجامعة قادرا على اضحاك الرحلة كلها هو جيم كارى او إسماعيل ياسين او فؤاد المهندس، هى قدرة لطيفة يؤكدها او يدحضها ما يعرف بالتصنيع الفنى، فالوقوف امام الكاميرا تصنيع فنى اخر، هناك كاميرا ومخرج ومساحة زمنية محددة وشحنة ما مطلوب من الممثل توصيلها خلال تلك المساحة الزمنية عبر توجيهات محددة مكتوبة فى السيناريو وتوجيهات مضافة ضرورية موجودة من المخرج وفق اطار مكان وزاوية كاميرا محددة واطار شخصية مرسومة بعناية، كل هذه الفرضيات والاشتراطات والمطالب الفنية والتوجيهات المتعددة هى عملية تصنيع فنية يضاف طبعا اليها مراحل اخرى بعد ذلك من مونتاج وخلافه وذلك كله يعنى ان الفنان التلقائى البسيط والزميل خفيف الظل وطفل العائلة المرح يحتاج الى الكثير والكثير حينما يقرر أن يكون ممثلا محترفا ويدخل فى مراحل التصنيع الفنى لينجح فى تقديم شخصيات فنية، انها مهنة ليست بسيطة وهى المهنة التى برع فيها المصريون كثيرا وقدموا لنا نجوما على اعلى مستوى حينما كان القائمون على المهنة مدركين ذلك السر العجيب ان التمثيل مهنة فيها قدر كبير من الصناعة والتصنيع وليس التصنع، وهنا المعضلة الكبرى ان يكون الممثل المحترف قابلا للتصنيع ومرنا قادرا على التشكل وفق التوجيهات دون ان يفقد صدقه ودون أن يتصنع لحظة واحدة وسط كل عمليات التصنيع تلك فهو الكائن القابل للتصنيع دون تصنع، والفنان المسئول عن تلك العملية الفنية كمنتج او صانع للعمل هو الذى يملك السر ومازالت مصر وستظل فى ظنى بلدا قادرا على تقديم عدد جيد من الممثلين والممثلات المحترفين اذا توافر الصانع المدرك لخطورة التصنيع الفنى.
ليست سواء
الفن والإعلام والإعلان ليست سواء بالتأكيد وتحدث دائما الكارثة حينما يتغول طرف من الثلاثة على الاخر، الفن يلاعب الزمن ويرقص معه ويتجاوز الماضى والحاضر ويسكن المستقبل مهما كان تاريخ انتاجه وهدفه هو مخاطبة الروح والوجدان والقلب والعقل ويتدنى حينما يخاطب الغريزة وحدها، بينما الاعلام آنى لحظى يوجه ويتوجه ومتعدد الأغراض والمصالح والاعلان ترويج استهلاكى بحت والخلط بين الثلاثة او محاولة الجمع بينها او صياغة احدها وفق مفاهيم الاخر هو تدمير تام للفن واهدار وقت ومال الاعلام وضياع الهدف الترويجى من الإعلان، وعلى القائمين على الامر ان يضعوا كل شىء فى نصابه.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة