كامل الشناوى  --  أنور وجدى
كامل الشناوى -- أنور وجدى


كنوز | كامل الشناوى يكتب.. جثمان أنور وجدى.. بات على الرصيف!

عاطف النمر

الأربعاء، 18 مايو 2022 - 06:22 م

67 عامًا مرت على رحيل فتى الشاشة الوسيم أنور وجدى، المتعدد المواهب الذى بدأ من تحت الصفر وعانى المر والفقر، وصنع تاريخه بالعرق والكفاح والدموع وقد غادرنا وهو فى عز تألقه كممثل ومؤلف ومنتج ومخرج فى 14 مايو 1955، وفى ذكرى رحيله نعيد نشر ما كتبه عنه الكاتب الكبير كامل الشناوى الذى يقول:


 كنتُ فى طريقى إلى دار أحد أصدقائى فى الزمالك، وكان معى الفنان محمد عبد الوهاب، فأشار إلى «فيلا» أنيقة وقال لى : هذه هى «الفيلا» التى كان المرحوم أنور وجدى اشتراها قبيل وفاته وأعَدَّها لمسكنه، ومات قبل أن تطأها قدماه، وفى المساء قابلتُ الأستاذَ جليل البندارى أمام وزارة الأوقاف، وكان يحمل ورقة وقلمًا، فلما رآنى أخفَى الورقةَ فى جيبه وصافحنى بيده، وسألته عن الورق الذى أخفاه، وهل يتضمن أغنية جديدة، أو قصة سينمائية، أو عقدًا بينه وبين فنانين أو مقالًا صحفيًّا؟ فجليل البندارى مؤلِّف أغانٍ وقصصى ومنتج سينمائى ومحرر فى دار «أخبار اليوم»، وانفتح فم جليل عن ابتسامةٍ أو تكشيرة، لا أدرى! فمن العسير أن تعرف تكشيرة جليل من ابتسامته، إلا إذا قال لك بصراحة: هذه تكشيرة، وهذه ابتسامة!


 وفهمتُ ممَّا قاله جليل أنه حزين، وروى لى أنه كان يُسجِّل فى الورقة التى دسَّها فى جيبه معلوماتٍ عن أنور وجدى، وأردتُ أن أضيف إلى معلوماته أن الفيلا التى بناها أنور ليسكنها لم يدخل بابها، فقال لى: بل إن هذه العمارة التى دفع فيها معظم ثروته، والتى جذبت إليه عيون الحاسدين لم يدخلها وهى كاملة البناء، ثم قال: هل تعلم أن أنور صاحب هذه العمارة وصاحب فيلا الزمالك، لم يجد بعد موته غرفةً يبيت فيها جثمانه إلى الصباح؟! لقد ظلَّ جثمان أنور فوق الرصيف فى حراسة موظف عنده يُدعَى «ليون».


 واستطرد جليل يروى القصة: «على إثر وصول الطائرة التى تقلُّ جثمان أنور وجدى، وقرينته ليلى فوزى تجمَّعَ الناس حول ليلى، وتركوا الجثمان فى حراسة الخواجة «ليون»، وجاء أهل أنور وصحبوا ليلى معهم فى عربة، وأخذوا يتحسَّسون جسدها بأيديهم للإطمئنان على صحتها الغالية، وأكدت لهم أنها لا تحمل مرضًا، ولا تحمل لهم حقدًا، ولا تحمل أى شيء!


 وذهب «ليون» بالجثمان إلى مكتب أنور فوجده مغلقًا، وذهب إلى البيت فوجده مغلقًا، فبقى مع الجثمان فوق الرصيف حتى الصباح، ثم استقلَّ عربةً إلى المقابر، ولم يكد أهل الفقيد يصلون إلى المقبرة حتى جاءهم مَن يقول إن مندوب إدارة التركات وصل إلى مكتب أنور، فترك أهله المقابِرَ وعادوا إلى المكتب ليقابلوا مندوبَ التركات، وتولَّى «ليون» وحده دفْنَ الجثة هو وبعض أصدقاء أنور ممَّن ليس لهم فى تركتِه أدنى نصيب» !


 كم لقى أنور وجدى من قسوة الحرمان، عاش يكافح الفقر والإخفاق، فلما أثرى ونجح أخذ يكافح المرض والموت إلى أن مات محرومًا، والعمارة التى شيَّدَها لم يستمتع بها، والفيلا التى اشتراها لم يسكنها، والمال الذى جمعه بصحته وحياته لم ينفق منه إلا على مرضه وموته، ما أعجب حكمة القدر، عندما نستطيع الحياة لا نجدها، وعندما نجدها لا نستطيعها!.


كامل الشناوى من كتاب «زعماء وفنانون وأدباء»

إقرأ أيضاً|في ذكرى رحيل أنور وجدي.. «تمني الثراء مقابل المرض»

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة