عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

وعد الذاكرة

عمرو الديب

الأحد، 22 مايو 2022 - 08:04 م

صديق عزيز قريب إلى النفس يهوى الأدب، ويتذوقه بعيدًا عن المرتزقة إياهم الذين أهانوا ذلك الأفق الإنسانى الراقى حين حولوه إلى سبوبة للتربح، وسلم إلى التكسب والابتزاز، سألنى هذا الصديق قائلا -على استحياء- خصصتم فى الأسبوع الماضى معظم المساحة على هذه الصفحة لإحياء ذكرى أربعينية الأديب الراحل مجيد طوبيا، وتشجع صديقنا عاشق الأدب وهو يقول: ألا ترى فى ذلك مبالغة فى الاحتفاء بذكرى الرجل، و الصديق الطيب الذى أتفهم نواياه،

لم يكن يتوقع على الإطلاق ردى الذى حمل نبرة حدة ما اعتاد عليها يوما منى، حيث قلت: بل يستحق ذلك المبدع الكبير الراحل أكثر من هذا، وكفاه ما لاقاه من نسيان وتجاهل وجحود من الضمير الأدبى المريض، والذاكرة الثقافية العليلة، فما قدمه طوبيا إلى المشهد السردى العربى قيم إلى درجة ترقى به إلى مصاف الأفذاذ، ربما ليس مساويا لمحفوظ والحكيم، ولكن قريبا منهما وإبداعاته تؤهله إلى تصدر قائمة أفذاذ الأدباء العرب، وقد عانى الفقيد - من قبل أن يدخل فى تغريبته الاضطرارية - من جحود الوسط الثقافى المصاب بمركبات النقص الفادحة، والعقد النفسية الرهيبة، ورأى من هم أقل منه موهبة يصعدون إلى المكانات العلا، ويجنون التكريم والتقدير، وهو رابض فى موقعه يراوح فى مكانه، تماما كهؤلاء الجنود الأبطال البواسل المرابطين فى خنادقهم الذين برع هو فى التعبير عن مشاعرهم ومكنون صدورهم فى رائعته «أبناء الصمت»، وحين قررت أن أحتفى به عبر هذه الصفحة من خلال تخصيص هذه المساحة المرموقة له فى أربعينيته كنت أحاول أن أسهم فى إزالة بعض الغبن الذى ران على اسمه،

ولم يكن طوبيا وحده فى هذا الشأن، وإن كان الأكثر تعرضا للجحود والغبن، فلطالما احتفت هذه الصفحة التى أشرف بالإشراف عليها بالمبدعين الأفذاذ من الراحلين الذين لا يعرفهم النشء جيدا إلى جانب الساطعين الذين يؤكد عطاؤهم تفوق هذا الوطن،  فعلنا ذلك من منطلق وطنى، وأيضا اتساقا مع مبدأ إنعاش الذاكرة دوما، وإيقاظ الضمير الأدبى، باعتبارنا جزءا منه، ولهذا احتفينا بذكرى المبدع المغبون مجيد طوبيا ونعد قراءنا الأعزاء بالمضى قدما على هذا الطريق للاحتفاء بذكرى الأفذاذ من مبدعينا الحقيقيين الذين غادروا عالمنا، وغابوا بأجسادهم ولكن بصماتهم حية محفورة فى الضمير.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة