هشام مبارك
هشام مبارك


إحم إحم !

عصف فكر للرد على سلوى بكر

هشام مبارك

الأربعاء، 01 يونيو 2022 - 06:33 م

لو سألت أى مسلم بلغ من العمر أرذله مثلى عن الشيء الذى ندم عليه ستجدنى أقول أننى نادم تماما لعدم حفظى للقرآن الكريم عندما كنت طفلا وكانت الكتاتيب لا تزال بخير وكان كتاب الشيخ البكري»رحمه الله»فى قريتنا البياضية بالأقصر يستقبل أطفال القرية يوميا.

لكنى تمردت وقتها على الكتاب ولأن والدى رحمه الله لأنه كان ديمقراطيا من الدرجة الأولى فلم يضغط على ابنه الوحيد ليجبرنى على الانتظام فى كتاب الشيخ البكرى وليته فعل.فمن المعروف علميا أن سن الطفولة هو سن الحفظ بسهولة وليس الحفظ فقط فقد نشأ أقرانى ممن انتظموا فى»الكتاب»ينطقون لغة عربية صحيحة سليمة غير التى كنت وما أزال أنطقها.لم يكن هؤلاء الأطفال بالتأكيد يفهمون القرآن فى هذه السن المتقدمة.فليس المطلوب من الطفل سوى الحفظ وهو فى حد ذاته هدف عظيم.فحتما سوف تتأثر أخلاقيات ذلك الطفل إيجابيا عندما يسكن القرآن فى جوفه حتى لو كانت مجرد كلمات لا يفهم معانيها .فالقرآن الكريم كما أخبرنا رب العزة لو نزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، ولم يقل أحد أن «الجبل» لن يتأثر إلا إذا بلغ من العمر ما يسمح له بفهم القرآن الكريم.فإذا كان هذا حال الجبل الأصم مع القرآن فكيف يكون حال إنسان من لحم ودم حتى لو كان طفلا رضيعا؟!

الغريبة أن الكاتبة سلوى بكر تقول إن تعليم الأطفال القرآن من أجل اللغة العربية هو بئس الهدف، أنا أعرف عددا كبيرا من الأخوة الأقباط يدرسون القرآن كمدخل أساسى لإتقان اللغة العربية، أتحدث عن الدراسة الاختيارية وليست نصوص القرآن المفروضة فى بعض مناهج اللغة العربية.أذكر حوارا للفنانة الكبيرة سناء جميل قالت فيه إن زوجها الكاتب الكبير لويس جريس كان لا يكف عن سماع القرآن خاصة قبيل دخوله مكتبه ليكتب مقالا جديدا.وكثير من أصدقائى الكتاب الأقباط يفعلون نفس الشيء، بل إن صديقى المقرب الراحل الكاتب الكبير فؤاد فواز كان لا يتحدث معنا إلا مستشهدا بآية قرآنية أو حديث شريف وعندما كنت أداعبه لم لا يستشهد بنصوص من الإنجيل أو التوراة مثلا كان يقول وبصدق:بلاغة القرآن وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام لا بد أن تكون المرجعية الأولى لمن أراد أن يقرأ أو يتكلم باللغة العربية فما بالك بمن يحترف الكتابة بها، فهل يمكن أن نعتبر ذلك بمنطق سلوى بكر أيضا بئس الهدف ؟

الغريب فى الحوار المميز الذى أجراه مع سلوى بكر الأديب والزميل المتميز عبد الصبور بدر ونشرته الأخبار على صفحة كاملة أمس الأول وتناول عدة قضايا مهمة أنها قالت إن الحل ليس فى تجديد الخطاب الدينى ولكن فى منح الفرصة لخطابات ثقافية أخرى داخل المجتمع وضربت مثلا بذلك بالخطاب الليبرالي، وأنا أريد بدورى أن أسألها هل هناك ليبرالية أكثر مما جاء به الإسلام، وهل هناك تسامح وقبول للآخر كما جاء فى الإسلام وتعاليمه وأظن قصص التاريخ مليئة بالأمثلة التى تنصف الإسلام من تهمة عدم قبول الآخر واحترامه.و نأتى لنقطة غاية فى الخطورة عندما ترفض سلوى حجاب البنات بحجة أنه البنت المحجبة هى مشروع داعشية مستقبلية، ولو كان هذا صحيحا لكان معناه أن فى كل بيت منا مجموعة داعشيات على أهبة الاستعداد لتفجير العالم.وهو ما ينطبق على الراهبات فى المسيحية مثلا لأنهن يغطين شعورهن أيضا!

أتمنى أن تدرك سلوى بكر وغيرها ممن تنتابهم حساسية غريبة من أى مظهر دينى أن وجود أخطاء وربما حتى  فواحش يرتكبها بعض المحجبات وبعض الملتحين فهؤلاء ليسوا حجة على الإسلام نفسه وبنفس الطريقة ليس معنى عدم الحجاب أو اللحية فسوق يستحق صاحبه التكفير والرجم،  وأخيرا أرجو ان تتمالك سلوى بكر أعصابها عندما تعرف أن هناك نصف مليون تقدموا لرواق الأزهر لحفظ القرآن الكريم.!

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة