الدكتور عادل القليعي
الدكتور عادل القليعي


عادل القليعي يكتب: مصر ريحانة الحضارات

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 12 مايو 2024 - 09:43 م

بداية لا أكون مبالغًا إذا ما وصفت مصر بالريحانة ، فالريحان نبات أهل الجنة واترجتها الفواحة بأزكى الروائح تكريمًا لأهل الجنة ، هكذا مصر بنيلها ، بخضرها ، بهوائها ، بشعبها الطيب الأصيل ، رياحين الحضارات ، فما تذكر حضارة على مر تاريخ الإنسانية سواء قبل الميلاد أو بعده إلا وذكرت الحضارة المصرية فى المقدمة.
فإذا ما كان يتغنى الغرب اليوناني بالحضارة اليونانية وأن فكرها خلق إبداعي عبقري يوناني أصيل وأنها علمت الدنيا بأسرها ، فمن حق هؤلاء أن يمجدوا ويتغنوا بحضارتهم ، ولنا الحق أيضا أن نذكر محاسننا ومحاسن حضارتنا المصرية ، وإلا فلماذا قدم المستشرقون إلينا ، هل للتريض ، هل للتنزه ، وإن كان ذلك لا مندوحة منه ، وإنما الأصل فى الزيارة الإستفادة والتعلم والدرس ونقل علومنا إليهم ، وإلى الآن يفد إلينا الناس من كل حدب وصوب ، يتجهون إلى قبلة واحدة وحاضرة واحدة ألا وهي قبلة مصر (بوابة الرياحين)، فمن يطلب العلم الشرعي يجده عندنا ، من يطلب العلوم النظرية سيتعلمها عندنا ، من يريد العلوم العملية سينشدها عندنا ، لماذا لأن مصر تضم خيرة العلماء في كل المجالات ، ودليلي على ذلك لماذا يطلب علماؤنا فى الدول العربية وفى بلاد أوروبا و أمريكا لأنهم جميعا يعلمون عبقرية العقل المصري الذكي النشط المخترع الفعال الذي إذا ما توافرت له الإمكانيات سيصبح أفضل عقول العالم وفى طريق جمهوريتنا الجديدة إلى تحقيق الحلم وستتوافر كل الإمكانيات اللازمة لإخراج ما بداخل هذه العقول من أفكار من حيز الوجود بالقوة إلى حيز الوجود بالفعل ، وهذا ما عقد عليه العزم رئيسنا الذي لا يألوا جهدا مواصلا الليل بالنهار لتحقيق الغاية المرجوة ، ألا وهي النهوض بالعلم والعلماء بعيدا عن الكلاسيكية التقليدية بمدارسها العتيقة التي لا تستطيع أن تتواءم مع المنتوج الحضاري المعاصر القائم على التقنيات الحديثة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي ، والثورة المعلوماتية والميتافيرس والرقمنة ، عن طريق التنقيب عن مفكرين وعلماء جدد تكون لديهم القدرة على التعامل مع معطيات الواقع الجديد.
نعم دوما ما كنا نسمع الرئيس في خطاباته فى عيد العلم يمتدح العلماء ويشد على أيديهم لكن فى نفس الوقت يطالبهم بالمزيد لرفعة هذا الوطن عن طريق البحث عن أفكار جديدة معاصرة تخدم الواقع ، واقعنا المعاصر ، بكل متغيراته ومستلزماته وحداثته في كآفة المجالات الاقتصادية ، الإجتماعية ، الثقافية ، العلمية ، حتى فى مجال التسليح.
لابد من النهوض بهذا الوطن الذي يستحق منا الكثير كل في مجاله.
نعم مصر ريحانة الحضارات ، فإذا ما سألنا عن التاريخ وجدناه محفورا على جدران المعابد تعبيراً عن عراقة مصر والأسر الحاكمة لها ، زوروا إن شئتم عرابة ابيدوس ، زوروا إن شئتم معابد الأقصر وأسوان ، وانظروا ودققوا النظر فى الألوان التي كان يستخدموها القدماء مزينين بها التماثيل التي بمجرد أن نغسلها بالماء تعود مبهجة وكأنها شاهدة على تطور علم الكيمياء الذي فى الأصل مقتبس من كلمة (كيمي)، الأرض الخصبة ، أجود بقاع الأرض المهيأة للزراعة أرض مصر.
وإذا ما سألنا الجغرافيا ، المناخ والطقس ما أروعه ، السهولة والأديان ما اخصبها ، الجبال والمرتفعات والتضاريس ، فليحدثنا جبل الطور ، وجبال سانت كاترين وغيرهما ، مواسم الحصاد والزراعة ، فصول السنة الأربعة ، التقويم ، من هندس كل ذلك إنهم قدماء مصر ، 
إذا سألنا عن علم الهندسية من الذي هندس الأهرام واخترع مادة البناء ، علم التحنيط ، علم الفلك ، علم الطب ،إذا سألنا عن العدالة فليجيبنا الإله (ماعت)، إذا سألنا عن التوحيد ، فليرد علينا (امنحتب) ، وهذا ما أشاد به فيثاغورث فيلسوف اليونان ، فممن أخذ عقيدة التوحيد، عقيدة البعث والخلود ، من المصريين ،  ألم يسأل الغرب انفسهم ، لماذا زار أفلاطون وسقراط وصولون المشرع اليوناني واضع قوانين اسبرطه ، لماذا زاروا مصر.
وإذا ما وجه سؤال لأي شخص فى العالم عن حاضرة العرب ومنارة الثقافة والمدنية ، دونما أن يفكر سيقول بمنتهي التلقائية ودون تردد ، مصر الحضارة ، حتى إذا ما تحدث الصينيون ، الفينيقيون ، الآشوريون ، الفرس ، الرومان عن حضاراتهم لابد أن يذكروا مصر فى المقدمة ومن ينكر منهم ذلك فليراجع التاريخ ، فمصر ريحانة الحضارات .
لكن السؤال ما المطلوب منا نحن المصريون حتى ننهض بمصرنا الحبيبة ، عدة آليات للنهوض ببلدنا الحبيب 
أولتها: طرح الأنا جانبا وتغليب مصلحة البلد قبل كل شئ .
ثانيتها: التذرع بالصبر وعدم الضيق والضجر فلن يكون هناك رفاهية دون تحمل الصعاب والمشاق ، فالمسألة ليست مأكل ومشرب ، وإنما بناء وتنمية ، وإذا أردنا تحقيق ذلك فلابد من الصبر فنحن لسنا أفضل من نبينا الكريم وصحابته الذين كانوا يربطون الأحجار على بطونهم من شدة الجوع.
ثالثتها:طرح التواكل جانبا والعمل الدؤوب واتقان العمل وحب العمل والإخلاص فيه.
رابعتها: غرس روح المواطنة فى أبنائنا وأنه لن يقوم الوطن وينهض إلا من خلالنا نحن ، وأن حب الوطن فرض من فروض العين.
خامستها: التكاتف والالتفاف حول قادتنا فلا يمكن بحال من الأحوال أن يعمل القائد منفردا ، بل لابد من دعمه وتشجيعه والوقوف خلفه بكل ما اوتينا من قوة.
سادستها:الزود عنها ضد الخونة الذين ليس لهم هم ليلا ونهارا إلا التشكيك فى انجازاتنا وبث روح اليأس فى الشعب ، فليكن كل واحد منا إعلام بذاته ، يصحح المفاهيم المغلوطة مغلقا الباب في وجه هؤلاء المأجورين ، موضحين للناس حجم ما تحقق من مشاريع عملاقة.
نعم مصر ستظل ريحانة الحضارات وتاج درتها.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة