عصام السباعي
عصام السباعي


أمس واليوم وغدًا

عصام السباعي يكتب: التسامح .. وخطوطه الحمراء!

عصام السباعي

الإثنين، 04 يوليه 2022 - 01:14 م

سأحاول أن أختصر..
تتوالى مشاهد التنمية فى مصر بمختلف المجالات، وكان أحدثها وليس بالطبع آخرها، مشهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال افتتاح محطة عدلى منصور المركزية، أضخم محطة تبادلية فى الشرق الأوسط، والقطار الكهربائى الخفيف LRT، وتوجيه الرئيس ببدء التشغيل التجريبى للمرحلة الثالثة (أ) من الخط الثالث لمترو الأنفاق.

توقفت كثيرا أمام كلمات وزير النقل الفريق كامل الوزير، وهو يهنئ الرئيس عبدالفتاح السيسى والشعب المصرى بمناسبة يوم 3 يوليو «يوم القرار» باسترداد الدولة المصرية وعودتها إلى أهلها من مختطفيها، كنتيجة مباشرة لثورة 30 يونيو العظيمة التى انحاز فيها الجيش إلى الشعب، فقد نجحنا فى لحظة تاريخية فاصلة فى تحقيق التوافق الوطنى ضد من حاولوا تحطيمه، ونجحت ثورة كل المصريين فى هزيمة الفاشية، واستعادة الروح والدولة المصرية، وجاءت الجمهورية الجديدة على هذه الخلفية الوطنية، لتبدأ فى تحقيق ملحمة وطنية أخرى فى كافة مجالات التنمية، كما ضوء الشمس، لا ينكرها إلا أعمى، ولا يقلل منها سوى جاحد.

ويبقى السؤال أين المشكلة؟
لا يستطيع أى مراقب منصف أن يتجاهل تلك الحروب التى تواجهها مصر، لإضعاف جبهتها الداخلية، وإعاقة مسيرتها التنموية، ولكن تلك الحروب كما جبل الثلج ما يختفى منه أكبر بكثير مما يظهر لنا، وما سأركز عليه هنا، أضعه تحت أنظار لجنة الحوار الوطنى، ويتعلق بمحاولات التسلل إلى قلب ورئة المجتمع، من خلال نشر الكراهية وتقسيم المجتمع وترسيخ روح العداوة بين المواطنين وتصنيفهم.
لا أخفى انزعاجى من تدهور لغة الحوار حول أى قضية حتى لو كانت «هايفة»، ولا حجم التجريح فيمن يشاركون فيه، وحجم التسفيه من الآخر، التى أصبحت ظاهرة جداً على السطح، بحيث أصبح الحق مع الأعلى والأنكر والأصخب صوتا، وتظهر هنا قضية التسامح فى مجتمع كان حتى وقت قريب يعيش على التفاهم، وكانت تركيبته تعددية، أو كما يقولون «كوزموبوليتانية»، ولا أعتقد أن محاولات نزع تلك الجينات من المصريين جاءت صدفة، ولا أن مايحدث حاليا من تقسيم وتقاسيم محض اختلاق، وأكاد أجزم أن هناك من يخطط وينفذ ويجند، من أجل تحقيق ذلك الهدف، فينزع من المصريين أهم ما فيهم، وأقصد به ذلك التسامح والتوافق الوطنى، الذى قهروا به فاشية الإخوان ومَنْ وراءهم، فإذا بهؤلاء الذين مِنْ ورائهم يحاولون التسلل من ثغرات أخرى وواجهات مختلفة تتعلق بالمذاهب والانتماءات بما فيها الرياضية والجغرافية والإثنية والطائفية، ويحاولون أن يجعلوا المجتمع مشغولا عن قضاياه الأساسية، وفى مقدمتها بناء الجمهورية المصرية الجديدة، والنهوض بجودة الحياة ومواكبة العصر.
المساحة لا تكفى لتفصيل ما يحدث، ولكننى قد أستطيع الإشارة إلى المفكر الإنجليزى جون لوك ورسالته فى التسامح، والخطوط الحمراء التى وضعها فى ذلك التسامح، وما أحوجنا لذلك المبدأ بحيث لا يحاول أحد إقصاء أى مصرى، باستثناء من أراقوا الدماء أو ساعدوا فى ذلك أو آمنوا بتلك الأفكار، وفى مقدمتهم جماعة الإخوان الإرهابية، وغير ذلك من الذين يصطدمون بقيم المجتمع الأساسية ويحاولون تسريب لعنة ألوان قوس قزح للناس أو نشر الإلحاد بينهم، ويجب أن يتم وضع الخطوط الحمراء التى لا يستطيع أحد تجاوزها أو تخطيها مهما كان .
أتمنى ونحن ندشن الحوار الوطنى، أن نركز على قيمة التسامح فلا حوار يمكن أن يتم بدونه، وأن نهتم بالخطوط الحمراء لذلك التسامح، فلا يوجد بنيان بلا قواعد وحدود، أن نركز على التوافق وليس الإقصاء، أتمنى أن نركز على قيمة الحب، فلا حياة مع الكراهية، وحقيقة فكم أنا منزعج من روح العداء التى أشتمها فى بعض الحوارات الساخنة حول ألـ «لا شيء»، دعونا ندشن الجمهورية الجديدة على مبادئ العلم والعمل والأمل والحب والتوافق والاختلاف والمواطنة، وعلى أن اختلافنا رحمة، وشذوذنا عن حق الوطن وحقوق وقيم المجتمع عار.
وكل سنة وكلنا بخير.. مصر فى سلام .. ودائما ودوما وأبدا.. تحيا مصر .

بوكس

« شاكوش» لم يدق على دماغ الفن فقط.. فهناك «شواكيش» تدق فوق رأس كل المجتمع.  

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة