البطة المصرية التى ابتكرها الرسامون
البطة المصرية التى ابتكرها الرسامون


كنوز الأميرة

كنوز الأميرة| أول تجربة لتصميم رسوم متحركة عربية عام 1964

آخر ساعة

السبت، 16 يوليه 2022 - 04:40 م

أحمد الجمَّال

بدأ والت ديزنى إنتاج أفلام الرسوم المتحركة عام 1923، لكن مصر التى كانت ثانى دولة فى العالم تدخلها السينما، بدأت محاولاتها لخوض المنافسة فى هذا الميدان متأخرًا، حيث نشرت اآخرساعةب تقريرا قبل 58 عامًا رصدت فيه بواكير محاولة الفنانين المصريين إنتاج عملٍ من هذا النوع، ورغم وجود صعوبات أبرزها غياب التمويل، فإن الفنان الكبير زهدى (طه إبراهيم العدوى ا1917-1994ب) نجح فى أول تجربة لتحريك اديكب مصرى، وأراد أن ينافس به الفأر الأمريكى ميكى ماوس.

 

ورغم نجاح التجربة من حيث التصميم، فإن شخصية الديك ليست معروفة الآن، لكن التاريخ يقول إن زهدى كان من أوائل من كتب ورسم للأطفال، وكان أول من عمل اتيترب لفيلم روائى بالرسوم المتحركة هو اصغيرة على الحبب، واشترك مع المخرج عبدالقادر التلمسانى فى إعداد الرسوم المتحركة لأربعة أفلام.. الحكاية كاملة نعيد نشرها بتصرفٍ فى السطور التالية:-

 

ما هى قصة التجربة الجديدة للرسوم المتحركة التى سننافس بها مملكة اوالت ديزنىب فى عالم الحيوانات والطيور المتكلمة؟.. إن ثلاثة فنانين عرب من القاهرة نجحت تجاربهم فى تصميم أول رسوم متحركة فى بلادنا، ولن تمر عدة أشهر حتى تنافس البطة والديك االمصرىب الفأر الأمريكى ميكى ماوس، والبطة المشهورة دونالد!

 

وبإشارة واحدة من أصبع الرسَّام تتكلم الكواكب وتتحرّك الأشجار وتأكل الفراشات بالشوكة والسكين، فعالم الرسوم المتحركة هو العالم الوحيد الذى يخضع فيه كل شيء لإرادة الإنسان، ويتمتع فيه الفنان بقدرة كبيرة، وهو لهذا عالم شديد الجاذبية.. ومنذ أكثر من عشرة أعوام يحاول أكثر من فنان مصرى أن يطرق أبوابه بإلحاح.

 

وفى سبيل الوصول إلى أسوار هذا الفن العجيب، كاد مثَّال ومصوِّر كبير كـازهدىب يهجر كل أعماله فيما بين عامى (1949 ـ 1951) دون أن تكون لديه فكرة محددة أو مشروع مموَّل، قضى هذين العامين يرسم آلاف الأشكال والشخصيات والسيناريوهات.. لا لشىء إلا ليخزنها عنده وينساها بعد ذلك، ثم عاد فى عام 1957 فجدَّد المحاولة، وأضاف إلى الرصيد عدة مئات أخرى من الرسوم سكنت فى المخزن بجوار سابقاتها، ونسيها معا.. واليوم تبحث عن زهدى فتجده مشغولا بمحاولة ثالثة بدأها عام 1963 وتبنتها شركة الإعلانات المصرية، وما تزال تجرى أولى تجاربها لتحريك شخصية االديكب الذى يريد زهدى أن يحوِّله إلى نجم سينمائى كالفأر الأمريكى اميكى ماوسب وذكر البط دونالد.

تجربة منيب ومهيب

وفى التلفزيون أيضًا، يحاول اثنان من الفنانين الشبان منذ عامين أن يقتحما العالم العجيب بنفس طريقة زهدى، أى بالاجتهاد الذى لا تسنده دراسة أو خبرة أو آلات معينة.. فقد بدأ حسّان منيب وعلى مهيب محاولتهما مع مولد التلفزيون فى القاهرة، معتمدين على ما فى الكتب من معلومات، وعلى طريقة التجربة والخطأ.. وكان حلمهما بالطبع أن يقدما أفلامًا ذات قصة وسيناريو، ولكن إنتاجهما اقتصر حتى الآن على إعداد رسوم توضيحية لبعض البرامج، أو عناوين متحركة.. وقدما فعلا ذلك دون أن تكون لديهما حتى الكاميرا الخاصة بتصوير الرسوم المتحركة، فلما اشترى التلفزيون الكاميرا المطلوبة (25 ألف دولار) وضعاها فى المخزن، لأنه لا يوجد من يعرف كيف يدير أزرارها!

120 جنيها فقط!

وفى نفس الوقت، تحاول مجموعة أخرى من ثلاثة فنانين أن تحقق فى السينما مشروعًا ثالثا للرسوم المتحركة يعود تاريخه إلى عام 1954، وكان المشروع فى البداية كمشروع زهدى.. مجرد ارغبة فنيةب اتفق على تحقيقها حاكم ومصطفى حســــــــــين وعبدالحليــــــم البرجينى دون أن تكون لديهم فكرة عملية واضحة، وبعد ثمانيــة أعوام مـــن الاتفــاق تحققــــــت أول خطــــــــــــــوة عملية بفضل تشجيع المخرج أحمد بدرخان، إذ وافقت مؤسسة دعم السينما على تبنى المشروع، ورصدت له ميزانية.

 

ولكن المفاجأة أن قيمة المبلغ المرصود كانت أقرب إلى النكتة: مائة وعشرون جنيها فقط! ولمّا كان المبلغ كله قد ضاع فى شراء الباغة، فقد بدأ الفنانون الثلاثة ينفقون من جيوبهم وحولوا إحدى الكاميرات العادية إلى كاميرا لتصوير الرسوم المتحركة، واتفقوا مع المصوِّر فؤاد عبدالملك أن يتطوع بلا أجر للتصوير.. وما يزال الفدائيون الأربعـة يناضلون بعناد للانتهـــــــــاء من أول أفلامهم اتيتى والغفيرب، الذى يروى مغامرة غفير لأحد المعابد مع طفل فرعونى مشاكس.

موقف عدائى

إن هذه المشروعات الثلاثة هى كل المحاولات الجدية التى بُذلت فى بلادنا لاقتحام العالم العجيب الذى تتكلم فيه الكواكب وتتحرك الأشجار، وعلى الرغم من اختلاف الظروف والأشــــخــاص، فـالعقــبـــــات التــــــى يواجهونها جميعًا واحدة، ومنها على سبيل المثال أنه ليس هناك كتَّاب متخصصون فى وضع السيناريو للرسوم المتحركة، ولا يتمتع أحد من القائمين على المشروعات الثلاثة بخبرة امنهجيةب كافية، ولم يسافر أحد مهم لدراسة فن الكارتون فى أى معهد أو استوديو فى البلدان المتقدمة فى هذا الفن، كأمريكا وإيطاليا ويوغوسلافيا والاتحاد السوفيتى.

 

وهكذا فإن العقبة الأولى هى بالطبع انعدام التشجيع، فقد كان هناك دائمًا شبه اموقف عدائىب تجاه مشروعات الرسوم المتحركة من جانب رجال السينما باعتبارها لا تحقق ربحَا، والعقد الذى أبرمته شركة الإعلانات المصرية مع زهدى ينص صراحة على أنه ينتهى بانتهاد التجربة الأولى، ولا يلزم الشركة بالاستمرار فى المشروع، وفى مؤسسة السينما تقرَّر إخلاء الغرف التى يشعلها حاكم وزميلاه على أساس أن محاولات الكارتون اكلام فارغ.. والشركة عاوزه تكسبب!

 

والنتيجة أن مصر التى كانت ثانى دولة فى العالم تدخلها السينما ما تزال حتى الآن تفتقر إلى كاميرا واحدة للرسوم المتحركة.. بينما بدأ والت ديزنى إنتاجه من هذه الأفلام فــــى عــــام 1923، وقـــــدّم قصصــًا، وعروضًا موسيقية، وأفلامًا دراسية، ودروسًا لمحو الأمية (تتحرك فيها الحروف وتشرح نفسها).

 

وبينما تتفوق فى هذا الفن بلاد دخلتها السينما بعدنا مثل يوغوسلافيا، ما تزال كل خطواتنا فى هذا الميدان كسيحة متعثرة، قائمة على التضحية والجهد الفدائى من جانب عدد قليل من الفنانين المناضلين، وقد كان الخوف من الخسارة المادية عذرا مقبولا لهذا الموقف أيام أن كان المبرر الوحيد لأى إنتاج ثقافى هو مدى ما يحققه من ربح.. ولكن ما هو العذر اليوم يا تُرى؟!

(آخرساعةب 25 مارس 1964)

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة