يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى


فنجان قهوة

باكو شيكولاتة بالبندق 

أخبار اليوم

الجمعة، 29 يوليه 2022 - 07:00 م

بآخر ما تبقى فى جيب بنطلونه من نقود اشترى شيكولاتة لابنته وهو فى طريق العودة إلى بيته، والدوا؟ يوم يومين مش هيفرق لو نسى حبة الضغط وقطرة العين وقرص الكوليسترول، كل مساء بعد يوم شاق من العمل ورديتى سواق فى شركة الكهرباء كان هناك لحظة بالعمر كله، لحظة احتضان طفلته الصغيرة التى أصبحت شابة ويقدم لها هديته الأثيرة باكو الشيكولاتة بالبندق.

منذ وعت على طعم الشيكولاتة وهو لم ينقطع يوما عن هدية المساء لها، حتى لو حرم نفسه اليوم كله من كوباية شاى نفسه راحت لها واكتفى بشقة فول وعد الفلوس المتبقية فى جيبه ليطمئن أنها تكفى باكو الشيكولاتة بالبندق.

طفلته الوحيدة والبيت حجرة وصالة وماتت الأم وهى صغيرة فأقسم أن يكون لها الأب والأم ويسعدها مهما كانت الأيدى قَصيرة، جاءت عمتها من باب العطف وعاشت ترعاها كم سنة ثم عادت للبلد وتزوجت، فكانت الطفلة تعود من المدرسة وتجلس وحيدة تنتظر عودته كفارس منتصر عند الساعة التاسعة.

أصبحت الطفلة بالسن شابة وست بيت تحاول أن ترتبه وتطبخ وتلضم الإبرة وترفى الشرابات المقطوعة وياقة القميص الدايبة وتشاهد على حذر من فاتورة الكهرباء البرامج والمسلسلات فى التليفزيون، وكان يسعد أن طفلته لم تخذله أبدا ويشكر الله فى صلاته ويقول لصاحب عمره حين يجلس بين ورديتى شغل (ربنا رباها).

فى يوم خروجه إلى المعاش وجد معه فلوس تكفى ليشترى لها صندوق شيكولاتة بحاله، قدمه لها وهو يعيش بين السحاب من السعادة أن ابنته أخيرا تخرجت فى كلية الهندسة وستصبح باشمهندس قد الدنيا، الأيام عدت بكل ثقلها وصعوبتها، ظهر مَحنى لكنه أبدا لم ينكسر، قرر أخيرا أن يصرف مائة جنيه بحالها على القهوة القريبة من البيت ليحتفل بابنته ويفرد ظهره على الكرسى الخشب المكسور ويهتف من أعماقه أنا أبو الباشمهندسة، ويضحك فيكشف عن فم تساقطت أسنانه لكن كان للضحكة سحر كأن أم كلثوم تغنى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة