علاء عابد  رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب


مصر.. وطن الاعتدال والتسامح وقبول الآخر

أخبار اليوم

الجمعة، 05 أغسطس 2022 - 06:25 م

كانت مصر منذ قديم الزمان، ولا تزال حتى الآن، وطن الاعتدال والتسامح وقبول الآخر، فقد شهدت أرضها الطيبة عبر التاريخ معتقدات شتى، واعتنق أهلها منذ عهد الفراعنة ديانات كثيرة، على رأسها المسيحية والإسلام، كما عاش فيها اليهود آمنين زمنًا، قبل خروجهم منها. وذلك لأن المصريين هم أكثر شعوب الأرض سماحةً وتسامحًا، بل إنهم يضربون المثل الأعلى للبشرية فى هذا السلوك القويم، كأحد أبرز سمات الحضارة المصرية عبر العصور.

ولأن قيمة التسامح من طبيعة المصريين بشكل عام، فقد صارت معلمًا من معالم الشخصية المصرية، وخاصة فى تعاملها مع الآخرين الذين وفدوا إلى مصر، فرارًا من أزمات وحروب فى بلادهم، فقد وجدوا فى أرضها وأهلها السلام والتسامح، واستقبلت مصر أبا الأنبياء إبراهيم، عليه السلام، وعاش فيها النبى يوسف عليه السلام وأصبح وزيرًا لحاكم مصر، واستقبلت أباه يعقوب وقبيلته، وولد فيها النبى موسى عليه السلام وتربى فى قصر الفرعون. كما استقبلت أرضنا المباركة عبر تاريخها قبائل وعائلات كثيرة، جاءوا إليها من أنحاء متفرقة من العالم.

وكان لمصر فضل السبق على حضارات العالم كافة، فى هذا السياق، فلم تظهر فكرة «قبول الآخر» فى أوروبا مثلًا، إلا مع ظهور ما يُسمى «العقد الاجتماعي» فى القرن الثامن عشر الميلادى، وهو المصطلح الذى تبلور فى شكل نظرية علمية على يد مجموعة من علماء الاجتماع مثل توماس هوبز، وجون لوك، وجان جاك روسو.

أما المجتمع المصرى فقد تميّز، منذ آلاف السنين، بسمات التعددية والتنوع بين مواطنيه، فى الدين، وحتى المذهب الدينى داخل الدين الواحد، فضلًا عن النوع، واللون، والوضع الاقتصادي- الاجتماعى، والانتماء الفكرى والأيديولوجى. وهى تعددية تُعطى قوة وثراء للمجتمعات التى تُحسن إدارة هذه التعددية، وتجيد قيادة هذا التنوع، بما يحقق التكامل والاندماج بين المواطنين الذين تجمعهم تطلعات مشتركة وأهداف قومية، ذلك أنهم يعيشون فى وطن واحد، وينتظرهم مصير واحد.

واحتفل رؤساء المؤسسات الدينية فى مصر، مؤخرًا، بمرور عشر سنوات على إنشاء «بيت العائلة» الذى يدعو إلى التأكيد على القيم العليا والقواسم المشتركة بين الأديان والثقافات والحضارات الإنسانية المتعددة، وبلورة خطاب جديد ينبثق منه أسلوب من التربية الخلقية والفكرية بما يناسب حاجات الشباب والنشء، ويشجع على الانخراط العقلى فى ثقافة السلام، ونبذ الكراهية والعنف، والتعرف على الآخر، وإرساء أسس التعاون والتعايش بين مواطنى البلد الواحد، ورصد واقتراح الوسائل الوقائية للحفاظ على السلام المجتمعى.

ولا جدال أن احترام الآخر وقبوله، هو مسئولية وطنية من الطراز الأول، تحافظ على تماسك المجتمع واتحاده، كما تمثل حاجة إنسانية تدعم السلام العالمى، ومن هنا جاء القرار المهم والموقف الجريء الذى اتخذه الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2019، حينما قرر تدريس مادة عنوانها «احترام الآخر» فى المدارس.

كما حرص الرئيس السيسى على ترسيخ قيم المواطنة وقبول الآخر، وأعطاها أهمية كبرى ضمن اهتماماته بإعادة صياغة قيم التسامح وإحياء العمل الوطنى المُشترك بين عنصرَى الأمة دون تمييز. وحرص الرئيس السيسى منذ يناير 2015 على زيارة الكاتدرائية لتهنئة أقباط مصر بعيد الميلاد، وهو التقليد الذى بات سنويًّا، وينتظره الأقباط كل عام.

وحينما ندرك أن الحياة إنما هى عملية تكاملية وتفاعلية، مع بعضنا البعض، سوف نتبيّن أهمية التسامح مع الآخر وقبوله بصدر رحب، وندرك أن العيش الطيب والكريم يتطلب ذلك، وأن الاختلاف هو أحد قوانين الله سبحانه وتعالى فى الكون.

ولقد خلق الله سبحانه وتعالى البشر أنماطًا مختلفين، ولم يجعلهم «قوالب» متساوية، لحكمة إلهية. ولو شاء الله لجعل الناس متساوين دون تفرقة أو تمييز. وينسحب هذا المبدأ الحضارى الرفيع، أى ثقافة قبول الآخر، على كل أمور الحياة، سواء كان ذلك فى الدين أو السياسة أو الفكر، أو غيرها، لذلك صدقت دائمًا مقولة الإمام الشافعى الشهيرة: «إن رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب».

وأخيرًا، لابد أن نقتدى فى هذا الصدد بما قاله الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، من أن «إرادة الله الغالبة وحكمته العالية ورحمته الشاملة، شاءت أن خلقنا مختلفين فى الألوان والألسنة والعقول والمعتقدات والأفكار؛ قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِين)».
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة