هالة العيسوي
هالة العيسوي


هالة العيسوي تكتب: ماذا ننتظر؟

هالة العيسوي

الأربعاء، 10 أغسطس 2022 - 07:06 م

كم جيلًا يمكن أن نضحى بهم لنتيقن من فشل سياسة التعليم فى مصر؟ أى خريجين نقدمهم لبلدنا ونحن نسابق الزمن لنبنى دولة حديثة، تعوض سنوات التجريف الثقافى الماضية.

ونلحق بركاب الدول النامية التى تفوقت علينا وسبقتنا بسنوات ضوئية؟ إن بناة مصر الحديثة الآن هم نتاج تعليم تقليدى جيد، بلا افتكاسات.  فمن الذى سيواصل البناء قى السنوات القادمة؟

الدول المتقدمة عمادها التعليم، وحين نقل مهاتير محمد ماليزيا من دولة فقيرة، إلى أحد النمور الآسيوية، كان التعليم هو سلاحه الأول، أعد خطة التعليم الذكى بإدخال الكمبيوتر فى المدارس، وربط التعليم بشبكة الإنترنت، هى تقريبًا ما اقتبسناه فى خطة تطوير التعليم المصرى.

فلماذا نجحت الخطة فى ماليزيا وتعثرت عندنا؟ لأننا استوردنا أنظمة تعليمية حديثة ولم نوفر لها البيئة الصالحة لنجاحها، ولا البنية التحتية اللازمة لها. طبقنا النظرية فجأة دون تدريج، أجرينا تحولًا تعسفيًا للنظام التعليمى دون تمهيد وإعداد لمقومات العملية التعليمية من المدرس إلى الطالب إلى المدرسة نفسها وكأننا نتعامل مع آلات نحولها بضغطة زر.

إن واقع التعليم فى مصر يضرب المادة 19 من الدستور فى مقتل، وإذا كان الدستور ينص على أنه حق لكل مواطن، فعلى الدولة أن تكفل حصول المواطن على هذا الحق. الحاصل أنه لا بناء للشخصية ولا حفاظ على هوية، ولا مجانية، ولا جودة حسب ما جاء فى نص الدستور.

انعكاسات نتائج الثانوية العامة الأخيرة  وما قبلها خير دليل على ذلك. هى قمة جبل الثلج الظاهر، أما القاعدة الغاطسة التى مهدت لها فكانت آلية امتحانات النقل، تابلت، وببل شيت وسيستم واقع ونجاح بلا امتحانات!. لتخرج لنا أجيال بالكاد تستطيع كتابة اسمها بعد 12 سنة فى التعليم وتخطئ فى هجاء أبسط الكلمات.

مخطئ من يظن أن الأرقام لا تكذب. فهى تكذب بالقطع حين نوظفها توظيفًا مضللًا، وننظر للكم بمنأى عن الكيف وأقصد هنا الجودة. لا تعنينى نسب النجاح المعلنة ولا نسب المجاميع. لقد جاءت شهادة أوائل الثانوية صفعة قوية لكل أوهام تطوير التعليم التى عشناها. أثبتت حقائق طال إنكارها؛ ليس هناك تعليم فى المدارس، الاعتماد على الدروس الخصوصية والسناتر، تسريب امتحانات، غش جماعى، عائلات ومدارس بأكملها، يحصل أبناؤها على درجات التفوق، وكأنهم عباقرة الزمان، مناطق نائية بلا رقابة ومدارس بأكملها لم ينجح فيها أحد.

علينا أن نعترف بأننا لا نملك ترف التجربة والخطأ، وحتى لو جربنا هذا المنهج، فمن الضرورى مراجعة النتائج  ولا عيب فى أن نتوقف بمنتصف الطريق لتعديل المسار، إذا اكتشفنا أن النتائج لا تكافئ المقدمات وأن المخرجات لا تعادل المدخلات. يعنى «المكنة ما طلعتش قماش». العيب إذن إما فى «المكنة»، أو فيمن يقوم بتشغيلها، وما علينا إلا أن نغير «المكنة»، ونقوم بتكهينها، أو نغير القائم على تشغيلها، وبدون تردد وبلا حسابات إن كنا نرغب فعلًا فى إحداث نهضة حقيقية مستدامة.

التعليم الجيد يجنبنا التطرف والعنف والفتن. أخطأنا حين تجاهلنا حصص النشاط الرياضى والفنى، وحين ألغينا المدارس النموذجية والتجريبية، التى كانت توفر حدًا أدنى من التعليم اللائق. فماذا ننتظر؟ وإلى متى؟

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة