محمود الورداني
محمود الورداني


محمود الورداني يكتب .. عبده جُبير

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 31 أغسطس 2022 - 05:53 م

في مقاله الأسبوعي الأخير في جريدة الشروق، نبّهنا جميعا الصديق سيد محمود لتقصيرنا المخجل والمزري تجاه الكاتب الكبير عبده جبير، الذي نسيناه أو تناسيناه بغُشم شديد ودون أي إحساس بالمسئولية.

  الحكاية باختصار شديد أن عبده جبير تعرّض لآزمة صحية منذ حوالي أربع سنوات، وأدّت هذه الأزمة إلى إعاقة، واضطر للانعزال والتواري، ثم جاءت الكورونا لتعزل الجميع عن الجميع على الأقل في سنواتها الأولى.
  وكنتُ أنا قد بادرت بالكتابة هنا في هذا المكان عدة مرات عن عبده صديق عمري ورفيق السنوات الباكرة. كتبتُ عنه مرة عندما نشرتُ السلسلة الطويلة التي استضافتني فيها أخبار الأدب" زمن القليوبي" ، ثم جمعتها وأعدت تحريرها لتُنشر في كتاب" الإمساك بالقمر" الذي نشرته أخيرا دار الشروق.

  كتبت، عن عبده باستفاضة، فقد التقينا عام 1969 أو 1970 على الأكثر. بدأنا الكتابة معا ونشرنا قصصنا الأولى معا، بل وفي المكان نفسه عند خالد الذكر عبد الفتاح الجمل. قرأنا الأعمال التي أحببناها وشاهدنا الأفلام الأولى معا وتععرّفنا على الشيخ إمام معا، وتلمّسنا خطواتنا الأولى تجاه السياسة معا.

  كان عبده إبن إسنا أيامها طالبا بكلية اللغات والترجمة التابعة للأزهر، ويسكن في حجرة داخل شقة أم محمد في مصر الجديدة خلف حديقة المريلاند في الطابق الأرضي، وكان يستقبل يوميا الكثير من أصدقائه ويضطر لتهريبهم من الشرفة بسبب رذالة أم محمد وتحكماتها، غير أن الكثير من أصدقائه كانوا ينامون عنده، وعندما نستيقظ نجده قد استعد بالحلبة باللبن وأحلى فايش صنعته أمه في إسنا.

  ظل عبده يستضيف أصدقاءه في بيوت كثيرة تنقّل بينها، في الهرم مثلا حيث سكنّا متجاورين، واعتاد كل من يبحث عن مكان أن يستضيفه عبده، ولم أر في حياتي أكثر كرما من عبده،وهو كرم طبيعي وجزء من شخصيته ولايبذل أي مجهود فيه. رحل بعدها إلى بيروت وتتلمذ على يد بلال الحسن، وعمل في عدة صحف. عبده ديسكمان لايشق له غبار وعمل في عدد كبير من الصحف في لبنان، وهنا في دار الهلال وكان مديرا لتحرير مجلة القاهرة في ازدهارها أيام غالي شكري، ثم مديرا لتحرير القبس لعشر سنوات متواصلة.  ظل بيته مفتوحا للجميع، وكان هو يهوى الطبخ ويعشق صُنع الولائم لأصدقائه، مثلما يعشق وجودهم في حياته.

  كتبتُ عدة مرات عن صديق عمري، وأعيد الكتابة هنا.

  ربما لايعرف الكثيرون أن عبده واحدا من أهم روائيي السبعينيات،وأستطيع أن أعدد له عناوين مثل تحريك القلب وسبيل الشخص وعطلة رضوان، ومن المجموعات القصصية فارس على حصان من الخشب وغيرها من الكتب المتنوعة التي نشرتها دار آفاق. ربما كان مانُشر له بالفعل يقترب من العشرين كتابا، وكلها كتب مهمة لكاتب كبير.

  أما نحن، أصدقاؤه فقد نسيناه أو تناسيناه على نحو مخز. صحيح ان الدنيا تلاهي، وكل واحد وواحدة فينا نعاني ونعيش على الحافة، لكن من غير المعقول أن يسقط واحد فينا، فنستد ير ونفرّ من أمامه ونتركه وحيدا. لم يتذكره أحد، ولم تبادر إحدى دور النشر بإعادة طبع بعض أعماله، وتناسته كل الجهات في تكريماتها.

  كل هذا مخز جدا . أليس كذلك؟ وهل نستطيع أن نتدارك الأمر؟ نعم. يمكن لأخبار الأدب أو جريدة القاهرة ان تتذكره بملف مثلا، أو تبادر دار نشر بإصدار طبعة جديدة لبعض أعماله، أو يتذكره أصدقاؤه ومحبوه يالاتصالات الهاتفية.

  اظن أن هذا أقل مايمكن عمله لكاتب طالما أضاف إلينا وأبهجنا بأعمال رفيعة المستوى.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة