هالة العيسوي
هالة العيسوي


هالة العيسوي تكتب: الصحافة والشوشرة.. مرفق المياه نموذجًا

هالة العيسوي

الأربعاء، 31 أغسطس 2022 - 07:04 م

حين تشتبك الصحافة مع قضايا المواطن، وتعرض همومه ومشاكله، فإنها تنبه إلى خلل ما فى الأداء وتحذر من تداعيات هذا الخلل، كما أنها توصل صوت المواطن للمسئولين عساهم ينتبهون ويقومون بالإصلاح. منتهى أمل الكاتب أن تستجيب الجهات المعنية، لما يعرضه وتبادر بإيجاد الحلول. وحين تفعل ذلك فإنها لا تجامل الكاتب، إنما تضطلع بمسئولياتها، وتقوم بدورها المكلفة به، وتثبت للمجتمع ولأعلى سلطة أنها جديرة بمواقعها.

فى مقال الأسبوع الماضى أشرت إلى غشم وظلم فى السياسة التسعيرية للمياه التى تعامل بها الشقق المغلقة، وإلى أن الحل الذى يوصى به رجال مرفق المياه لتلافى هذا الظلم، هو أن تهدر كل وحدة مترين مكعبين شهريًا دونما استهلاك طبيعى لكى تحصل على فاتورة عادلة.

يوم نشر المقال تلقيت اتصالًا من أحد مسئولى العلاقات العامة بمرفق المياه. تفاءلت خيرًا بسرعة المبادرة. لفت انتباهى فى المكالمة أن محدثى لم  يصحح لى معلومة واحدة وردت فى المقال، ولم ينف وجود لائحة سرية تفرض فاتورة عشوائية بمعدل ثلاثين مترًا مكعبًا على الشقق غير المستهلكة، ولم يلتفت إلى كارثة إهدار المياه الحلوة المعالجة فى زمن الفقر المائى الذى نعانى منه، سوى أنه شكرنى على اهتمامى بهذا الأمر! كل ما ركز عليه هو يقينه بأن ثمة مشكلة بلغتنى تفاصيلها، فكتبت عنها وأنه يعرض المساعدة فى حلها. أكدت له أن المشكلة عامة تتعلق بسياسة التسعير وطريقة محاسبة الشقق المغلقة، وأنها ليسست فردية، ولا شخصية، رغم أن الحالة التى فجرت هذه القضية لديها بالفعل مشكلة خطأ جسيم فى المحاسبة (بياناتها عندى وأرسلتها له) لكنى لم أشر إلى هذه المشكلة الخاصة فى المقال لقناعتى بأنه يمكن لأصغر موظف أن يصوبها، ولأن ما يعنينى هو القضية الأكبر لا ما يخص حالة بعينها. بمنتهى التهذب طلب أن أتواصل معه حين ورود أى مشكلة قبل النشر عنها وأنه بالطبع لا يمانع من النشر! مصحوبًا بالحل! على وعد ببحث المشكلة وإبلاغى بالرد!

حتى كتابة هذه السطور لم يردنى أى رد لا على القضية الأكبر بإهدار المياه الحلوة المعالجة، أو على ظلم طريقة التسعير، ولا على المشكلة الخاصة بخطأ المحاسبة. بالطبع لا أتوقع ردًا من العلاقات العامة على خلل السياسات أو اللوائح فليسوا هم واضعيها.

ما جاء بين سطور المحادثة أكد لى أن جل الهدف من التواصل  الفورى مع عدم التفاعل مع موضوع المقال هو الرغبة فى حجب الشوشرة التى تثيرها الصحافة، لكن دون إرادة حقيقية للفعل أو التصويب. مع أن الإدارة الناجحة هى التى تنصت للرأى الخارجى لا لمرؤوسيها فقط.
يقينى أن الموظف الذى تواصل معى أبلغ رؤساءه بأنه قام بالواجب وتحدث إلى الكاتبة، يعنى عمل اللى عليه. وربما يكون طمأنهم على حثه لها بعدم النشر قبل عرض أى مشكلة عليهم.
على الفور تذكرت قولًا ساخرًا لدى الأمريكان:
 (let`s pretend we care)
يعنى بالبلدى (خلينا نعمل نفسنا مهتمين) كناية عن الكلام بلا فعل، والوعود الفارغة بلا تنفيذ. المهم أنه كله تمام يافندم.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة