كرم جبر
كرم جبر


كرم جبر يكتب: الموروثات السيئة !

كرم جبر

الثلاثاء، 06 سبتمبر 2022 - 05:41 م

يزداد الصراع على الحياة كلما ضاقت فرص الحياة، ومن سنوات كنا نخزّن السكر والزيت والأرز والمواد التموينية بكميات كبيرة خوفاً من الأزمات، أما الآن فنشترى كيلو أو اثنين لأنه متوافر رغم الظروف الصعبة بسبب كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، ورغم الوفرة إلا أن هناك من يعمل بمنطق تأجيج الأزمات، بإشاعة أجواء اليأس والإحباط.

الأتوبيس.. إذا وجده الركاب «فاضى» صعدوا فى هدوء، وإذا كان مزدحماً، هرولوا وأوقعوا وداسوا بعضهم، وهذا يفسر ما يحدث لنا وما نفعله بأنفسنا، بسبب «ثقافة الزحام» التى تعشش فى العقول وتتحكم فى التصرفات، حتى لو لم يستدع الأمر ذلك.

كلنا بلا استثناء ـ مثلاً - نشكو من «الناس السيئين»، فأين هم «الطيبون»، الذين نبحث عنهم ولا نجدهم، ولماذا نتعامل مع أنفسنا بعدوانية، ومع الآخرين بقسوة وجحود وإنكار؟، وعلى فكرة فالشكوى متكررة منذ مئات السنين، ويرى كل جيل أن الماضى كان الأفضل والأحسن وأن الحاضر هو الأسوأ.

انفراجة الحياة تجعل الإنسان يهدأ قبل أن يغضب ويفكر قبل أن يحكم، حتى المصرى الذى يترك وطنه ويهاجر للخارج، لا ينسى أبداً أيامه الحلوة مهما عانى من قسوة الحياة، ويظل يحلم بالعودة، وكثيرون ممن طحنتهم أزمة كورونا فى الخارج، تمنوا أن تكون عزلتهم فى الوطن بدلاً من عزلتين: الغربة والفيروس، ويزداد حباً لوطنه توقاً للعودة إليه.

علينا أن نعترف أن المصريين تأثروا نفسياً بسبب سوء الحياة.. وحتى عندما رحلوا إلى الخليج وعادوا بمساوئه وسلبياته، ووقعوا أسرى لأنماط استهلاكية لم يستطيعوا الاستمرار فيها بعد سنوات من عودتهم: الكاسيت والسجاير المارلبورو الحمراء والعباية الصوف والمروحة والساعة الجوڤيال الملونة.

وأخطر ما تمخضت عنه السنوات الأخيرة، الأفكار المشبعة بالحرارة والقسوة، فهبت على العقول بتيارات وممارسات متطرفة، بعيدة عن روح التسامح والتواصل، المستمدة من جريان النيل.

شربنا المر، حين كان بلدنا يستورد بالات الملابس القديمة فى بداية سنوات الانفتاح المسمى بالاستهلاكى، والدجاج الفاسد وطعام القطط والكلاب لاستخدام البشر، وكان الناس يقفون طوابير عشرات الأمتار لاقتناص دجاجة مجمدة أو زجاجة زيت من مجمع استهلاكى.

والآن من حق كل إنسان أن ينظر للوضع الحالى ويحكم بنفسه، ويجيب عن سؤال: ألم تتحسن ظروف الحياة؟.. وأن يكون الحكم موضوعياً، فى الإسكان المحترم الذى حل محل العشوائيات ووسائل المواصلات الآدمية، والطرق والشوارع والمياه والكهرباء والصرف الصحى.. وحياة كريمة.

نسير فى الطريق لبناء دولة متعافية.. وتوفير جودة الحياة، والقدرة على إشاعة روح الطمأنينة فى القلوب والأمان فى النفوس، حتى نستطيع التخلص تدريجياً من الميراث النفسى السيئ، والمتراكم عبر سنوات طويلة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة