أحمد عزت
أحمد عزت


أحمد عزت يكتب: نظام التفاهة

أخبار اليوم

الجمعة، 30 سبتمبر 2022 - 06:38 م

«نحن نعيش مرحلة تاريخية غير مسبوقة، تتعلق بسيادة نظام عالمى أدى، تدريجيا، إلى سيطرة التافهين على جميع مفاصل نموذج الدولة الحديثة.
ولعل الجميع يلحظ، وعبر العالم، صعودا غريبا لقواعد تتسم بالرداءة والانحطاط: فتدهورت متطلبات الجودة العالية، وغيب الأداء الرفيع، وهمشت منظومات القيم، وبرزت الأذواق المنحطة، وأبعد الأكفاء، وخلت الساحة من التحديات، فتسيدت إثر ذلك شريحة كاملة من التافهين والجاهلين وذوى البساطة الفكرية.

لقد صار كل نشاط فى الفضاء العام «سياسة أو إعلام أو تجارة أو غير ذلك» أقرب إلى «لعبة» يعرفها الجميع رغم أن أحدا لا يتكلم عنها. ولا قواعد مكتوبة لهذه اللعبة، ولكنها تتمثل فى انتماء إلى كيان كبير ما، تستبعد القيم فيه من الاعتبار، فيختزل النشاط المتعلق به إلى مجرد حسابات مصالح متعلقة بالربح والخسارة الماديين «كالمال والثروة» أو المعنويين «كالشهرة والعلاقات الاجتماعية»، وذلك إلى أن يصاب الجسد الاجتماعى بالفساد بصورة بنيوية، فيفقد الناس تدريجيا اهتمامهم بالشأن العام، وتقتصر همومهم على فردياتهم الصغيرة. 

أما الشبكات الاجتماعية ومواقع التواصل فهى مجرد مواقع للقاء الافتراضى وتبادل الآراء لا أكثر. فيها يتكون «عقل جمعى» من خلال المنشورات المتتابعة. هذا الفكر التراكمى السريع نجح فى اختصار مسيرة طويلة كان تبادل الفكر فيها يتطلب أجيالا من التفاعل «المناظرات والخطابات والمراسلات والكتب والنشر والتوزيع والقراءة والنقد». ورغم كل هذه الفرص، فقد نجحت هذه المواقع فى «ترميز التافهين» كما يقال، أى تحويلهم إلى رموز».
- من كتاب «نظام التفاهة» لأستاذ الفلسفة والعلوم السياسية ألان دونو.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة