منى ربيع
منى ربيع


منى ربيع تكتب: واجبنا نحو أطفالنا

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 12 أكتوبر 2022 - 05:20 م

على مدار عامين عملت عدد من الملفات تتعلق بالجرائم التى ترتكب ضد الاطفال من تحرش وإتجار وابتزاز وغيرها، لا أنكر أن كل هذه الجرائم كانت تهزنى من الداخل خاصة وانا ام لديها طفلين اخاف عليهما وافعل المستحيل من أجلهما حتى ينشئان تنشئة سليمة.


فأنا من جيل الثمانينات والتى تربيت في أسرة من الطبقة المتوسطة على بعض العادات والتقاليد منها خفض صوتى لدى الحديث واحترام الكبير وغيرها من التقاليد الجميلة، فأنا من الجيل الذى تربى على يوميات ونيس وروائع الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة من ليالي الحلمية وارابيسك والشهد والدموع وغيرها من المسلسلات التى أثرت في وجداننا جميعًا وفي كل حلقة نشاهدها انا وافراد أسرتى نكتسب منها دروسًا مهمة عندما كانت الدراما التى تقدم داخل البيوت المصرية هادفة، لا انكر اننى حاليا في حالة صدمة خاصة وأنني أقوم بعمل مقارنة لما تربيت عليه وما يوجد الآن من سلوكيات غريبة وتطور هائل في التكنولوجيا حول ابنائي، لكننى قررت أن لا أتركهم لحالة الصخب التى يعيشها الاجيال الحالية وأن اربيهم مثلما تربيت على القناعة والرضا والاخلاق، وأن هناك ابا واما في دائرة حياتى يعرفان كافة تفاصيلها ليس للتحكم فيها ولكن خوفا علي.

الأسبوع الماضي اثناء متابعتى للقضايا التي تنظرها دائرة جنايات القاهرة وتحديدا بمنطقة 15 مايو استوقفتنى قضية ابتزاز لطفلة عمرها 13 عاما، هذه الطفلة المسكينة تاهت وسط دنياها المليئة بالصخب وانبهرت بتلك الحياة، خاصة وقد اصبحت على مشارف سن المراهقة، أخطر سن للبنات والأولاد معًا، ارادت ـن تكون مثل البلوجر ومشاهير السوشيال ميديا، عندما رأت التغيرات الفسيولوجية التى يمر بها جسدها، شعرت بأنها أصبحت امرأة ومن الطبيعى أن يكون لها علاقات، استغلت ثقة والديها بها، ومع اول شاب طرق قلبها استجابت له على الفور وكانت النتيجة استغلاله لها، وتصويرها وابتزازها، ولم يكتفِ بذلك بل فضحها بين اصدقائه ليبتزوها  ثانية.

الابنة ترددت كثيرًا في أن تروي لأسرتها حتى اخذت القرار عندما وجدت نفسها في دائرة مغلقة، شعرت في تلك اللحظة بأنها طفلة تحتاج من يدافع عنها ويحميها، فقررت أن تستنجد بأسرتها والذين بالفعل وقفوا بجانبها حتى اقتصت العدالة لها ممن ارهبوها وارعبوها أياما وليالى وهى ذليلة أسيرة لرغباتهم الشاذة، القضية انتهت بسجن المتهمين بابتزازها خمس سنوات بعد أن وجهت لهم المحكمة اتهامات الخطف وهتك العرض.

وبالرغم من انتهاء تلك القضية بمطالبة المحكمة الاسرة بتفعيل الرقابة وتشجيع الفتيات والاسر على الابلاغ فورًا عن أي وقائع ابتزاز حتى لو كانت المجنى عليها هي المخطىء من البداية بإرسال الصور للجانى فهذا لا يعطيه الحق في أن يبتز براءتها.

من هنا بدأت اتساءل كيف لتلك الفتاة الصغيرة ان تقيم علاقة عاطفية مع شاب يكبرها بسبع سنوات؟ مالذى كان يدور ببالها في تلك الفترة؟ كيف ذهبت معه إلى بيته؟ واين كانت أسرتها؟ وكيف غاب ضمير ذلك الشاب؟ وكيف؟ وكيف؟، اسئلة كثيرة دارت بخلدي وأخذت تحاصرنى وفجأة وجدت نفسي انظر لأطفالنا واسأل المتخصصين في كيفية حمايتهم من معدومي الضمير مثل هؤلاء الشباب الذين استغلوا ضعفها وقلة حيلتها وخوفها من أسرتها والفضيحة ليفعلون بها مايشاءون، ماذا لو استسلمت تلك الفتاة للمحاولات الرخيصة ولم تخرج من تلك الدائرة وقتها لن يكون امامها سوى طريقان إما الانحراف أو الموت خوفا وهربًا من الفضيحة.

وعندما سألت المتخصصين في الطب النفسي الاسرى وعلماء الاجتماع كانت اجابتهم واحدة وهي يجب تفعيل الرقابة على الابناء ولا نتركهم للسوشيال ميديا والذين بدأوا في تقليدها بشكل أعمى، وثانى شيء هو المصارحة ومصادقة الابناء وإمدادهم بكافة المعلومات التى يحتاجونها من خلالهم وليس من خلال آخرين، حتى نضمن تقديم النصيحة السليمة لهم.

وأنا استمع لتلك النصائح وجدت نفسي ارجع بشريط ذكرياتى للوراء ووجدت أن تلك النصائح والتى يقولها المتخصصون في التربية الايجابية الحديثة، هى ماكان يقوم به امى وابي رحمهما الله معى عندما كنت في سن المراهقة لم يمنعانى عن شيء لكنهما كانا دائما حولى يعرفان اصدقائي واسرهم لا يسمحان أن اصادق من هو مختلف عن تربيتنا وعاداتنا وتقاليدنا، كنت في بعض الاحيان اغضب من ذلك لكن عرفت فيما بعد أن هذا ليس إلا حب وخوف عليّ.

تعلمت على أيديهما أن الخوف من الله اهم من الخوف من البشر، فكنت قوية بهما وليس عليهما، فكانا سببًا لما انا فيه الآن، فبعد كل ما رأيته في ساحات محاكم الجنايات من قضايا المجنى عليه فيها أطفال قررت أن أصادق اطفالى اربيهما مثلما تربيت لكن دون أن احرمهما من كل جديد، قررت أن لا اتركهما وحدهما ألعب معهما اصادقهما حتى التيك توك شاركتهما فيه.

لذا ارجو من الآباء والأمهات أن يفعلوا الرقابة على ابنائهم، للاسف نحن في زمن صعب عليهم لاتتركوهم فريسة للسوشيال ميديا تقودهم إلى الهاوية، صاحبوهم وصادقوهم اعطوهم الحرية لكن عرفوهم أن تلك الحرية مشروطة وإذا لم ينفذوا شروطها ستسلب منهم، نريد أجيالًا سوية تبنى الوطنى تتربى على الأخلاق والقيم وليس على الانحلال وانعدام الضمير فهدم القيم والمبادئ هو هدم للأوطان فحافظوا عليهم وعلى وطنكم فهؤلاء الاطفال هم نواة ذلك الوطن.

حوادث المدارس

ومن ساحات الجنايات إلى أول أسبوع دراسة والذى شهد عدة حوادث من انهيار سور السلم بمدرسة المعتمدية بنات والتى راحت ضحيته الطالبة ملك واصابة 15 اخريات من الطالبات نتيجة التدافع لنخرج من تلك الحادثة على حادثة اخرى وهي سقوط الطالبة منه تامر من الطابق الثالث في المدرسة بعد خروجها سهوًا دون ان يراها مدرس الفصل ليختل توازنها وهي تبكي، لم تنته الحوادث بوفاة منة لتقع حادثة أخرى في السنبلاوين تحقق فيها حاليًا النيابة العامة حيث قام مدرس بضرب طالبة بالصف الرابع الابتدائي على رأسها لتصاب بغيبوبة ونزيف بالمخ وقد نسبت النيابة العامة إلى المعلم استعمال القسوة مع المجنى عليها اعتمادًا على وظيفته في كونه معلما لها واحرازه الأداة المستخدمة في الاعتداء بغير مسوغ وأمرت بحبسه على ذمة التحقيقات، وقررت المحكمة المختصة مد حبسه 15 يومًا وجار استكمال التحقيقات في الوقائع الثلاثة.

يعد وقوع حادث مدرسة المعتمدية تابع الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني ما أسفر عنه الحديث وقرر تكليف مدير مديرية التربية والتعليم بـ الجيزة بمتابعة الأمر، وتوفير كل احتياجات الطلاب المصابين وشدد وزير التعليم على ضرورة محاسبة المسؤولين.

وبالرغم من متابعة الدكتور رضا حجازى لتلك الوقائع ومطالبته بمحاسبة المسئولين عنها وتوفير الرعاية الصحية للمصابين، لكن ذلك لم يمنعنا أن نتساءل ألا يحق لأطفالنا حياة أفضل من ذلك؟،ألميحن الوقت للانتباه للأبنية التعليمية وتأهيل المدرسين للتعامل مع اطفالنا حتى لا نجد ضحايا آخرين؟!  ألا يجب أن نتحرك قبل وقوع الحادثة وتقوم الوزارة بالتفتيش على الأبنية التعيلمية ومعرفة مدى صلاحيتها؟!، فلماذا نتحرك دائما بعد وقوع الخطر، ارجو بعد وقوع تلك الحوادث أن يتم محاسبة المخطىء ونعمل بالحكمة التي تقول: "الوقاية خير من العلاج".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة