رفاعة الطهطاوي
رفاعة الطهطاوي


رفاعة الطهطاوي.. الوافد من الصعيد لإحياء‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي

بوابة أخبار اليوم

السبت، 15 أكتوبر 2022 - 12:01 م

لم يكن طالب علم أو وافد إلى القاهرة فقط، بل بمرور السنوات أصبح عالم وعلامة بين جدران الأزهر يبث النور في أرجاء الوطن العربي بأكمله.. إنه رفاعة الطهطاوي.

 ‬رفاعة‭ ‬بن‭ ‬بدوي‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬رافع،‭ ‬ويلحقون‭ ‬نسبهم‭ ‬بمحمد‭ ‬الباقر‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬بن‭ ‬الحُسين‭ ‬بن‭ ‬فاطمة‭ ‬الزهراء،‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬النهضة‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬في ‬عهد‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬باشا.

ففي‬15‭ ‬أكتوبر1801، ولد رفاعة الطهطاوي في ‬مدينة‭ ‬طهطا‭ ‬محافظة‭ ‬سوهاج‭ ‬بصعيد‭ ‬مصر،‭ ‬ونشأ‭ ‬في‭ ‬أسرة‭ ‬كريمة‭ ‬الأصل‭ ‬شريفة‭ ‬النسب،‭ ‬فأبوه‭ ‬ينتهي‭ ‬نسبه‭ ‬إلى‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب،‭ ‬وأمه‭ ‬فاطمة‭ ‬بنت‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬الفرغلي،‭ ‬ينتهي‭ ‬نسبها‭ ‬إلى‭ ‬قبيل‭ ‬الخزرج‭ ‬الأنصارية‭.‬

اقرأ أيضا: رعب في السماء.. كابتن طائرة يقود عشرات الركاب لـ«رحلة الموت»

ولقى‭ ‬رفاعة‭ ‬عناية‭ ‬من‭ ‬أبيه،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬تنقله‭ ‬بين‭ ‬عدة‭ ‬بلاد‭ ‬في‭ ‬صعيد‭ ‬مصر،‭ ‬فحفظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وعندما‭ ‬بلغ‭ ‬رفاعة‭ ‬السادسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬التحق‭ ‬بالأزهر‭ ‬وذلك‭ ‬في‭  ‬سنة‭  ‬‮«١٢٣٢‬هـ‭ ‬ـ‭ ‬1817م‮»‬‭ ‬ وأمضى‭ ‬ست‭ ‬سنوات،‭ ‬جلس‭ ‬للتدريس‭ ‬فيه‭ ‬سنة‭ ‬‮«١٢٣٧‬‭ ‬هـ‭ - ‬‮١٨٢١‬م‮»‬‭ ‬ وهو‭ ‬في‭ ‬الحادية‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬عمره.

 ‬والتف‭ ‬حوله‭ ‬الطلبة‭ ‬يتلقون‭ ‬عنه‭ ‬علوم‭ ‬المنطق‭ ‬والحديث‭ ‬والبلاغة‭ ‬والعروض،‭ ‬وكانت‭ ‬له‭ ‬طريقة‭ ‬آسرة‭ ‬في‭ ‬الشرح‭ ‬جعلت‭ ‬الطلبة‭ ‬يتعلقون‭ ‬به‭ ‬ويقبلون‭ ‬على‭ ‬درسه،‭ ‬وأهم‭ ‬أستاذ‭ ‬تتلمذ‭ ‬على‭ ‬يديه‭ ‬رفاعة‭ ‬الطهطاوي‭ ‬هو‭ ‬الشيخ‭ ‬حسن‭ ‬العطار‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬مشيخة‭ ‬الأزهر‭ ‬سنة‭ ‬‮١٢٤٦‬هـ‭.‬

وكان‭ ‬رفاعة‭ ‬الطهطاوي‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬الثلاثة‭ ‬الذين‭ ‬رشحتهم‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬للسفر‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬لداسة‭ ‬العلوم‭ ‬والمعارف‭ ‬الإنسانية،‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬والهندسة‭ ‬والحربية،‭ ‬والكيمياء،‭ ‬والطب‭ ‬البشرى‭ ‬والبيطري،‭ ‬وعلوم‭ ‬البحرية،‭ ‬والزراعة‭ ‬والعمارة‭ ‬والمعادن‭ ‬والتاريخ‭ ‬الطبيعي.. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬التخصصات‭ ‬يدرسون‭ ‬جميعا‭ ‬اللغة‭ ‬والحساب‭ ‬والرسم‭ ‬والتاريخ‭ ‬والجغرافيا‭.‬

كان‭ ‬رفاعة‭ ‬الطهطاوي‭ ‬يأمل‭ ‬في إنشاء‭ ‬مدرسة‭ ‬عليا‭ ‬لتعليم‭ ‬اللغات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وإعداد‭ ‬طبقة‭ ‬من‭ ‬المترجمين‭ ‬المجيدين‭ ‬يقومون‭ ‬بترجمة‭ ‬ما‭ ‬تنتفع‭ ‬به‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬الغرب،‭ ‬وتقدم‭ ‬باقتراحه‭ ‬إلى‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬إقناعه‭ ‬بإنشاء‭ ‬مدرسة‭ ‬للمترجمين‭ ‬عرفت‭ ‬بمدرسة‭ ‬الألسن،‭ ‬مدة‭ ‬الدراسة‭ ‬بها‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬قد‭ ‬تزيد‭ ‬إلى‭ ‬ست،‭ ‬وافتتحت‭ ‬المدرسة‭ ‬بالقاهرة‭ ‬سنة‭ ‬‮١٢٥١‬‭ ‬هـ‭ - ‬‮١٨٣٥‬م‭.

‬وتولى‭ ‬رفاعة‭ ‬الطهطاوي‭ ‬نظارتها،‭ ‬وكانت‭ ‬تضم‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أمرها‭ ‬فصولاً‭ ‬لتدريس‭ ‬اللغة‭ ‬الفرنسية‭ ‬والانجليزية‭ ‬والايطالية‭ ‬والتركية‭ ‬والفارسية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الهندسة‭ ‬والجبر‭ ‬والتاريخ‭ ‬والجغرافيا‭ ‬والشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وقد‭ ‬بذل‭ ‬رفاعة‭ ‬جهداً‭ ‬عظيماً‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬المدرسة،‭ ‬وكان‭ ‬يعمل‭ ‬فيها‭ ‬عمل‭ ‬أصحاب‭ ‬الرسالات‭ ‬ولا‭ ‬يتقيد‭ ‬بالمواعيد‭ ‬المحددة‭ ‬للدراسة.

‬وربما‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬دراسه‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات‭ ‬أو‭ ‬أربع‭ ‬بدون‭ ‬توقف‭ ‬واقفاً‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬دون‭ ‬ملل‭ ‬أو‭ ‬تعب‭ ‬يشرح‭ ‬لهم‭ ‬الأدب‭ ‬والشرائع‭ ‬الإسلامية‭ ‬والغربية. ‬وقد‭ ‬تخرجت‭ ‬الدفعة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬سنة‭ ‬‮١٢٥٥‬‭ ‬هـ‭ - ‬‮١٨٣٩‬م‭ ‬وكان‭ ‬عددها‭ ‬عشرين‭ ‬خريجاً‭.‬

ولم‭ ‬يكتف‭ ‬رفاعة‭ ‬بهذه‭ ‬الأعمال‭ ‬العظيمة،‭ ‬فسعى‭ ‬إلى‭ ‬إنجاز‭ ‬أول‭ ‬مشروع‭ ‬لإحياء‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬اقناع‭ ‬الحكومة‭ ‬بطبع‭ ‬عدة‭ ‬كتب‭ ‬من‭ ‬عيون‭ ‬التراث‭ ‬العربي ‬على‭ ‬نفقتها،‭ ‬مثل‭ ‬تفسير‭ ‬القرآن‭ ‬للفخر‭ ‬الرازي‭ ‬المعروف‭ ‬بمفاتيح‭ ‬الغيب،‭ ‬ومعاهد‭ ‬التنصيص‭ ‬على‭ ‬شواهد‭ ‬التلخيص‭ ‬فى‭ ‬البلاغة،‭ ‬وخزانة‭ ‬الأدب‭ ‬للبغدادى،‭ ‬ومقامات‭ ‬الحريرى،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬نادرة‭ ‬الوجود‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬وأنشأ‭ ‬مكاتب‭ ‬محو‭ ‬الأمية‭ ‬لنشر‭ ‬العلم‭ ‬بين‭ ‬الناس.

 ‬وعاود‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬الترجمة ‭ ‬‮‬«المعاصرة»‬‭ ‬ودفع‭ ‬مطبعة‭ ‬بولاق‭ ‬لنشر‭ ‬أمهات‭ ‬كتب‭ ‬التراث‭ ‬العربى ‭ ‬‮«الأصالة»‬‭.. ‬وقضى‭ ‬رفاعة‭ ‬فترة‭ ‬حافلة،‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الجامع‭ ‬بين‭ ‬الأصالة‭ ‬والمعاصرة‭ . ‬

وتوفي الطهطاوي‭ ‬يوم‭ ‬‮٢٧‬‭ ‬مايو‭ ‬‮١٨٧٣‬‭ ‬بالقاهرة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة