صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


خطة ضد الجفاف.. كيف تواجه مصر الفقر المائي ؟ 

هاجر زين العابدين

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2022 - 04:11 م

تهتم مصر بقضية المياه وتضعها ضمن أولوياتها الأولى وتسعى بكافة السبل الحفاظ على مواردها المائية بوابة أخبار اليوم تلقى الضوء على  اهم المشروعات المائية التي وضعتها مصر ضمن خططتها لحسن إدارة البلاد  لمواردها المائية ورغم ذلك كيف تعانى من قضية الجفاف المائي وفقاً لما أعلنته هيئة الاستعلامات المصرية .

انطلق أول أمس فاعليات «أسبوع القاهرة  للمياه» والذي يعد الفاعلية الخامسة  للمياه تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية تحت شعار «المياه في قلب العمل المناخي"، بحضور أكثر من 70 دولة و66 منظمة دولية.
 
يهدف أسبوع القاهرة الخامس للمياه ، دمج القضايا المائية  ضمن العمل المناخي  ، وتشجيع ودعم  الابتكارات لمواجهة التحديات المائية بأساليب غير تقليدية ، باستخدام تقنيات الذكاء التكنولوجي الحديث وتنفيذ سياسات الإدارة المتكاملة للمياه ، والتوصل لحلول مستدامة لإدارة الموارد المائية لمواجهة الزيادة السكانية والتغيرات المناخية .

صرح الرئيس خلال الملتقى  أن مصر من أكثر الدول جفافًا في العالم وتعتمد على نهر النيل بشكل شبه حصري لمواردها المائية المتجددة والتي يذهب حوالى 80% منها إلى قطاع الزراعة.

موضحا ً أن قطاع الزراعة هو مصدر الرزق لأكثر من 60 مليونًا من البشر أي بمثابة نصف سكان مصر.


أهم الاتفاقيات المائية 

وقعت مصر اتفاقية ‏1959‏، التي تحصل بمقتضاها على ‏55.5‏ مليار متر مكعب‏ سنويًا من المياه.‏ ويحصل السودان على ‏18.5‏ مليار متر مكعب، باعتبار أن الإيراد الكلي للنهر هو ‏84‏ مليارًا، يضيع منها نحو ‏10‏ مليارات أثناء الاندفاع من الجنوب إلى الشمال بسبب البخر والتسرب. 
واتفاقية إعلان المبادئ عام 2015، بين مصر والسودان وإثيوبيا، في الخرطوم، التي أكدت على التعاون المشترك على أساس التفاهم والمنفعة والمكاسب للجميع ومبادئ القانون الدولي، وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها.

يبلغ إجمالي احتياجات مصر المائية نحو 114 مليار متر مكعب سنويًا، على الرغم من أن الحصة المتوافرة تتراوح بين 60 و61 مليار متر مكعب سنويًا، تتضمن الحصة السنوية من مياه النيل التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، إلى جانب المصادر الأخرى كالمياه الجوفية. 
تعد مصر من الدول الأكثر جفافًا في العالم بسبب محدودية وثبات الموارد المائية، مع وجود زيادة سكانية كبيرة بها، ففي الفترة منذ عام 2011 وحتى اليوم سجلت الزيادة السكانية نحو أكثر من 25 مليون نسمة. ولمواجهة مشكلة نقص المياه تعمل الدولة على معالجة مياه الصرف بأنواعها لتكون صالحة لإعادة الاستخدام. 

اقرأ ايضاً:وزير الري: ضرورة العمل على توفير الموارد المائية اللازمة للتنمية

وتُعوض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية في الوادي والدلتا، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنويًا من المياه .

أهم المشروعات 
أسست مصر بعض المشروعات القومية الكبرى التي تهدف لترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد منها، إذ قامت وزارة الموارد المائية والري خلال 2021 بتنفيذ المشروع القومي لتأهيل الترع والذي يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، والمشروع القومي للتحول من الري بالغمر لنظم الري الحديث وتشجيع المزارعين على هذا التحول، لما له من أثر واضح في ترشيد استهلاك المياه
 إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا والاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا ومشروع مصرف المحسمة بالإضافة لإنشاء أكثر من 100 محطة خلط وسيط.
قامت الدولة بعمل تطوير تشريعي، أعدت مشروع قانون الموارد المائية والري الجديد، الجاري مناقشته حاليًا بمجلس النواب، ويهدف لتحسين عملية تنمية وإدارة الموارد المائية وتحقيق عدالة توزيعها على كافة الاستخدامات والمنتفعين.

السياسة المائية 

منذ عام ‏1998‏ تم وضع أول إستراتيجية متكاملة للسياسة المائية لمصر، ووضع خطة ‏"الإدارة المتكاملة للموارد المائية‏"، ويشترك في تنفيذها وزارات وجهات متعددة
 بلغت تكلفة مشروعات الاستراتيجية بمحاورها المختلفة 145 مليار جنيه، واصلت مصر تنفيذها حتى عام 2017، وتنقسم هذه الإستراتيجية إلى ثلاثة محاور أساسية‏
تعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه ،  القضاء على التلوث ومواجهة مشكلته، التعاون مع دول حوض نهر النيل للحفاظ عليه وتنميته.‏  

أطلقت مصر عام 2020 استراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2050، ضمن محاور الخطة القومية للموارد المائية (2037/2017) بتكلفة 50 مليار دولار، أطلق عليها "4 ت" بمشاركة عدد من الوزارات، ومن أهم المشروعات التي تقوم الوزارة بتنفيذها حاليًّا ضمن هذه الخطة: المشروع القومي لتأهيل الترع، ومشروع التحول من نُظم الري بالغمر إلى نُظم الري الحديث، وبرامج التكيف مع التغيرات المناخية، والحماية من ارتفاع منسوب سطح البحر، ومشروعات حصاد الأمطار. وتولى هذه الخطة اهتمامًا خاصًا بالسنوات المتوسطة 2020 و2030.

أهم التحديات التي تواجه مصر:

أولا: تمثل الزيادة السكانية تحديًا رئيسيًا للموارد المائية، فمن المتوقع أن يصل إجمالي السكان في مصر لأكثر من ١٧٥ مليون نسمة في عام ٢٠٥٠ وهو ما يمثل ضغطًا كبيرًا علىالموارد المائية.

ثانيا: تعد التغيرات المناخية تحديًا كبيرًا لموارد مصر المائية في ظل الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة وكذلك ما تشهده مصر من ظواهر جوية متطرفة وغير مسبوقة مثل الأمطار الشديدة التي تضرب مناطق متفرقة من البلاد، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب سطح البحر وتأثيره السلبي الخطير على المدن والمناطق الساحلية.

 

ثالثًا: سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على مياه نهر النيل، حيث يُعتبر أحد التحديات الكبرى التي تواجه مصر حاليا، خاصة في ظل الإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، وما ينتج عن هذه الإجراءات الأحادية من تداعيات سلبية ضخمة لن تقبلها الدولة المصرية .

 

مشروع سد النهضة (Renaissance Dam)


يرجع مشروع سد النهضة إلى إعلان الحكومة الأثيوبية في 2 أبريل 2011، البدء في هذا المشروع لتوليد طاقة تقدر بـ 5250 ميجاوات على النيل الأزرق بولاية (جوبا/بني شنقول جومز) غرب أثيوبيا والتي تبعد بمسافة تتراوح من 20 إلى 40 كم عن الحدود الأثيوبية مع السودان وداخل الحدود الأثيوبية، بتكلفة قدرها 4.8 مليار دولار، ومن المفترض أن يبلغ ارتفاع السد حوالي 5,84 مترًا. ووفقًا لآراء الخبراء فإن مخاطر سد النهضة تكمن فيما يلي :

-  تخفيض حصة مصر المائية بواقع 20 مليار متر مكعب من مياه النيل، وهو ما سيتسبب في كارثة محققة نظرًا لأن مصر تعتمد اعتمادًا شبه كامل على مياه النيل، نظرًا لكونها دولة صحراوية، كما أن لديها أعداد كبيرة من السكان وتحتاج لمياه النيل لكي تغطى احتياجاتهم .
تؤكد الأبحاث الصادرة عن جامعة القاهرة أن التأثيرات المتوقعة لإنشاء سد النهضة على مصر قد تكون كارثية حيث من المتوقع ألا تتمكن مصر من الحصول على كامل حصتها من مياه النيل، وقد تتضاءل هذه الحصة لتصل إلى 34 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يشكل كارثة محققة لمصر، في حال حدوثه، نتيجة للدمار الذي سيصيب الزراعة والثروة الحيوانية ويوقف مشروعات التنمية بها، إلى جانب الآثار البيئية المدمرة والجفاف مما قد يدفع المنطقة للدخول في صراعات عسكرية على المياه أو ما يعرف بحروب المياه .

- حالة الانتهاء من مشروع سد النهضة والبدء في سنوات التخزين سوف يؤدى ذلك إلى نقص فى حصة مصر من المياه بنسبة تتراوح من 9 إلى 12 مليار متر مكعب سنويًا، وفى حال قررت أثيوبيا بناء مجموعة السدود المتكاملة (أربعة سدود) فإن ذلك سيؤدى إلى زيادة النقص في حصة مصر من المياه بمقدار 15 مليار متر مكعب سنويًا، هذا إلى جانب خسارتها لحوالي 3 ملايين فدان من الأراضي الزراعية وتشريد ما يتراوح من 5 إلى 6 ملايين مزارع، ويراهن الخبراء على قرار اللجنة الدولية برفض مقترحات أثيوبيا لبناء السد الأمر الذي قد يلزمها بضرورة التوصل إلى اتفاق مع مصر .

-  هناك احتمال أن يحدث انهيار في السد نتيجة لبنائه في منطقة منحدرة تشهد اندفاع مياه النيل الأزرق بما يزيد عن نصف مليار متر مكعب يوميًا وهى مياه تنحدر من أماكن ذات ارتفاعات شاهقة تصل إلى 2000 متر، وهو ما قد يتسبب في حدوث فيضانات عارمة قد تطيح ببعض القرى والمدن، أما في حالة الانهيار التام فإن اندفاع المياه الهائلة المحتجزة خلف السد سوف يتسبب في إغراق العديد من المدن وقد يغرقها تمامًا وستكون الخرطوم من بين هذه المدن، وذلك نتيجة انهيار ودمار سدود الروصيروص وسنار ومروى الواقعة داخل الحدود السودانية .

-  من المتوقع أن تستمر فترة ملء الخزان لسد النهضة 6 سنوات، سوف يصاحبها عجز في إنتاج الطاقة المائية في مصر إلى جانب انخفاض مستوى بحيرة ناصر إلى حوالي 15 متر، وذلك إلى جانب حدوث فترات جفاف وتدهور في نوعية المياه .


الموارد المائية الحالية 

نهر النيل  

يُعد نهر النيل المصدر الرئيسي للمياه في مصر حيث تبلغ حصة مصر من مياهه 55.5 مليار متر مكعب تمثل 79.3% من الموارد المائية وتغطى 95% من الاحتياجات المائية الراهنة . 

المياه الجوفية 

تقدر كمية المياه الجوفية المستخدمة في مصر بحوالي 6.1 مليار متر مكعب/سنه في الوادي والدلتا ويمكن زيادة هذه الكمية مستقبلاً لتصل إلى 7.5 مليار متر مكعب/سنه دون تعريض المخزون الجوفي للخطر . 

الأمطار  

لا تعد الأمطار مصدرًا رئيسيًا للمياه في مصر لقلة الكميات التي تسقط شتاءً حيث يسقط على مصر نحو 1.3 مليار متر مكعب من مياه الأمطار كل عام.

إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي  

مياه الصرف الزراعي من المصادر المائية التي لا يستهان بها، حيث يبلغ المتوسط السنوي لمياه الصرف الزراعي نحو 12 مليار متر مكعب/سنة يعاد استخدام حوالي 5.7 مليار متر مكعب حاليًا، وقد بذلت جهود ساعدت في الوصول بها إلى 9 مليارات متر مكعب عام 2017 يستفاد بها في مشروعات التوسع الزراعي . 

مياه الصرف الصحي المعالجة

يمكن استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لأغراض الري بشرط أن تفي بالشروط الصحيـة المتعارف عليها عالميًا، حيث تبلـغ كميتهـا نحو 2.5 مليار متر مكعب سنـويًا يعـاد استخدام حوالي 1.3 مليار متر مكعب منها بعد معالجتها في مشروعات استزراع الأراضي الصحراوية.

 ـ استخدامات المياه   

يمثل الاستخدام الزراعي للمياه الجزء الأكبر من استخدامات المياه حيث بلغ نحو 65،61 مليار متر مكعب من إجمالي الاستخدامات عام 2017/2018 وقُدرت احتياجات القطاع الصناعي من المياه بنحو 4.5 مليار متر مكعب عام 2018، يُستهلك منها فعليًا نحو 9.4 مليارات متر مكعب عام 2018/2019 والباقي يعود إلى النيل والترع والمصارف بحالة ملوثة . 

أما بالنسبة لاستخدامات مياه الشرب والأغراض الصحية فتُقدر بنحو 75،10 مليار متر مكعب بنسبة 4.13 % من إجمالي الاستخدامات عام 2018، وفقا لنشرة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2019 ويقدر متوسط نسبة الفاقد في مياه الشرب النقية بنحو 9.27 % من إجمالي المياه على مستوى الجمهورية تفقد في الشبكات المتهالكة والمنازل والمدارس والجهات الحكومية . 

الموارد المائية المستهدفة  

ـ مشروع "قنـاة جونجلى"، في جنـوب السودان، والذي يمكـن أن يوفـر نحو 4 مليارات متر مكعب في مرحلتـه الأولى و3 مليار متر مكعب في مرحلته الثانية تقسم مناصفـة بين مصـر والسودان.  

ـ مشروع "بحر الغزال"، الذي يوفـر حوالي 7 مليارات متر مكعب، توزع مناصفة بين مصر والسودان.

- مشروع "مستنقعات موشار"، جنوب السودان الذي يوفر نحو 4 مليارات متر مكعب من المياه.

- تحلية مياه البحر، من أهم المحاور المستقبلية لزيادة الموارد المائية خاصة وأن تكلفته تتناقص باستخدام التقنيات الحديثة. وقد وصلت موارد مصر المائية من تحلية مياه البحر إلى نحو 292 مليون متر مكعب سنويًا وفقاً لاخر إحصائية عام 2020.

- تعديل التركيب المحصولي القائم بما يتلاءم مع سياسة الدولة المائية والإنتاجية والتصديرية وخفض كميات مياه الري للمساحة المحصولية حيث تهـدف خطـة الدولة إلى توفير نحو 1.5 مليار متر مكعب من الميـاه سنـويًا عن طريق إحلال زراعـة البنجر محـل قصب السكر وتخفيض المساحـة المزروعة أرز من 1.3 مليون فدان إلى 950 ألف فدان.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة