د.مصطفى محمود
د.مصطفى محمود


كنوز| قل لى فيما تفكر

الأخبار

الأربعاء، 19 أكتوبر 2022 - 05:33 م

بقلم: د.مصطفى محمود

هل أنت مشغول بجمع المال وامتلاك العقارات وتكديس الأسهم والسندات؟ 

أم مشغول بالتسلق على المناصب وجمع السلطات والتحرك فى موكب من الخدم والحشم والسكرتيرات؟ 

أم أن كل همك الحريم وموائد المتع ولذات الحواس وكل غايتك أن تكون لك القوة والسطوة والغنى والمسرات ؟

إذا كان هذا همك فأنت مملوك وعبد مملوك لأطماعك وشهواتك، وعبد لرغباتك التى لا شبع لها ولا نهاية. 

فالمعنى الوحيد للسيادة هو أن تكون سيدا على نفسك أولا قبل أن تحاول أن تسود غيرك، أن تكون ملكا على مملكة نفسك، أن تتحرر من أغلال طمعك وتقبض على زمام شهوتك.

والقابض على زمام شهوته، المتحرر من طمعه ونزواته وأهوائه لا يكون خياله مستعمرة يحتلها الحريم والكأس والطاس، والفدادين والأطيان والعمارات، والمناصب والسكرتيرات.

الإنسان الحقيقى لا يفكر فى الدنيا التى يرتمى عليها طغمة الناس.

وهو لا يمكن أن يصبح سيدا بأن يكون مملوكا، ولا يبلغ سيادة عن طريق عبودية، ولا ينحنى كما ينحنى الدهماء ويسيل لعابه أمام لقمة أو ساق عريان أو منصب شاغر، فهذه سكة النازل لا سكة الطالع. 

وهؤلاء سكان البدروم حتى ولو كانت أسماؤهم بشوات وبكوات، وحتى ولو كانت ألقابهم، أصحاب العزة والسعادة، فالعزة الحقيقية هى عزة النفس عن التدنى والطلب. 

وممكن أن تكون رجلا بسيطا، لا «بك»، ولا باشا، ولا صاحب شأن، ولكن مع ذلك سيدا حقيقيا، فيك عزة الملوك وجلال السلاطين، لأنك استطعت أن تسود مملكة نفسك. 

وساعتها سوف يعطيك الله السلطان على الناس، ويمنحك صولجان المحبة على كل القلوب. 

انظر إلى غاندى العريان، البسيط، كم بلغ سلطانه؟ 

كان يهدد بالصوم فيجتمع مجلس العموم البريطانى من الخوف وكأن قنبلة زمنية ستقع على لندن، وكان يجمع أربعمائة مليون هندى على كلمة يقولها، وكأنها السحر. 

هذا هو السلطان الحقيقى، والملك الحقيقى الذى لا يزول. 

الحريم والقصور والكنوز والثروات والعمارات مصيرها إلى زوال.

لن تأخذها معك إلى تابوتك، سوف تنتقل إلى الورثة، ثم إلى ورثة آخرين، ثم تصبح خرائب مع الزمن.

أما محبة الملايين فسوف تصاحبك فى تابوتك وتظل علما على اسمك مدى الدهر، كما تفوح الذكرى عطرة تفوح بالشذا كلما جاء اسم غاندى على الألسن . 

الغنى الحقيقى أن تستغنى.

والملكية الحقيقية ألا يملكك أحد، وألا تستولى عليك رغبة، وألا تسوقك نزوة. 

والسلطنة الحقيقية أن تكسب قيراط محبة فى دولة القلوب كل يوم.

تذكر أن الذين يملكون الأرض تملكهم، والذين يملكون الملايين، تسخرهم الملايين، ثم تجعل منهم عبيدا لتكثيرها، ثم تقتلهم بالضغط والذبحة والقلق، ثم لا يأخذون معهم مليما. 

صدقنى هؤلاء هم الفقراء حقا !!

من كتاب «الشيطان يحكم»

إقرأ أيضاً|الشيخ رمضان عبد الرازق: شهر رمضان واحة خضراء وسط صحراء| فيديو

 

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة