علاء عابد - رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
علاء عابد - رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب


علاء عابد يكتب: «قمة المناخ».. إنقاذ العالم يبدأ من مدينة السلام

أخبار اليوم

الجمعة، 21 أكتوبر 2022 - 05:24 م

تجرى الاستعدادات على قدم وساق فى شرم الشيخ، مدينة السلام، لاستضافة الدورة الـ 27 لـ «قمة المناخ» (COP 27)، التى تُعقد خلال الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر المقبل، فى إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخى، بمشاركة 197 دولة، وبحضور أكثر من 30 ألف متحدث وباحث، إلى جانب مسئولين رفيعى المستوى من الأمم المتحدة، وآلاف المتخصصين والنشطاء المعنيين بالبيئة من كافة دول العالم.

يناقش هذا التجمع الدولى الكبير، القضية العالمية الأكثر إلحاحًا فى الوقت الراهن، وهى قضية «التغيّرات المناخية» التى يعانى العالم أجمع من عواقبها الوخيمة، وعلى رأسها الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات، ما يهدد مستقبل الجنس البشرى على الكرة الأرضية.

وهذه القضية الخطيرة، كانت ضمن شواغل وهموم الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث يقول الرئيس فى كلمته الترحيبية بضيوف القمة، على الموقع الرسمى لـ (COP 27)، إن «المؤتمر يمثل فرصة لإظهار توحيد الجهود ضد تهديد وجودى، لا يمكن التغلب عليه إلاّ من خلال العمل المُتضافر والتنفيذ الفعّال».

كما تدفع القيادة السياسية المصرية، فى كل تصريحاتها عن هذه القضية، باتجاه تنفيذ تعهدات الدول الكبرى فى مؤتمرات الأمم المتحدة السابقة للمناخ، على رأسها «اتفاقية باريس» الموقعة عام 2015، واتفاقية «قمة كوبنهاجن» عام 2009، حيث تعهد الموقعون بضخ مليارات الدولارات لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع تأثيرات تغيّر المناخ.

ومن جانبه، أكد وزير الخارجية سامح شكرى، أنه يجب على الدول المتقدمة أن تحترم «تعهد جلاسجو»، خلال الدورة الـ 26 للمؤتمر التى عُقدت فى نوفمبر 2021، بمضاعفة تمويل التكيُف مع تغيّر المناخ بحلول عام 2025، حتى نتمكن من الاستعداد وحماية أنفسنا من التأثيرات المناخية التى وقعت بالفعل. كما حان الوقت لمعالجة الخسائر والأضرار الهائلة الناجمة عن تغير المناخ، التى يعانى منها الأشخاص الذين لم يتسببوا فيه إلا بالقدر الضئيل.

وتأتى هذه الجهود والنداءات المصرية، من أعلى مستوى سياسى، بعد أن تعهدت الدول المتقدمة، فى السابق، بتقديم 100 مليار دولار سنويًا لتمويل قضايا المناخ بحلول عام 2020. ولكن، لم يتم الوفاء بهذه الوعود، رغم أن تلك الدول هى المسئول الأول عما يتهدد العالم من أخطار وجودية، لن تُبقى ولا تذر.

وبينما تتجه أنظار العالم إلى مؤتمر شرم الشيخ، تفرض أزمة المناخ نفسها على الجميع، سواء فى الدول المتقدمة أو النامية، خصوصًا أنه لا أحد على مستوى كوكب الأرض أصبح بمنأى عن التأثيرات الباهظة لهذه الأزمة، فظاهرة الاحترار العالمى، الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب يومًا بعد يوم، وما أدت إليه هذه الظاهرة من جفاف وحرائق وعواصف، وارتفاع فى مستويات سطح البحر، فضلًا عن تدهور جودة الأراضى واتساع مساحة التصحر، الأمر الذى يهدد الأمن الغذائى العالمى.

إن كل هذه الظواهر التى يشهدها العالم الآن، جرّاء الفساد الذى ظهر فى البر والبحر، بما كسبت أيدى الناس، تدّمر المجتمعات البشرية فى جميع أنحاء العالم، وتقضى على العديد من مكاسب التنمية، ولذلك يواجه ملايين البشر خطر المجاعة، وانهيار الزراعة، بسبب شُح المياه، والصراع الضارى الذى نشهده حاليًا على الموارد المائية.

وقد يظن البعض أن تبعات تغيّر المناخ هى مجرد «مشكلة بيئية» فحسب، ولكن الحقيقة أن القضية أكبر وأخطر من ذلك بكثير، خاصة فى ظل ما يرتبط بهذه الظاهرة من تصاعد أسعار الغذاء، والطاقة، واندلاع التوترات الجيوسياسية، وربما الحروب، التى سيشهدها العالم إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية للحد من «التطرف المناخى».

كل هذه الأسباب، من شأنها أن تعطى «قمة المناخ» فى شرم الشيخ أهمية خاصة، كفرصة ذهبية أخيرة لإنقاذ العالم، وهو ما يدفع قادة الدول الكبرى إلى المشاركة فيها، وسط أنباء عن حضور الرئيس الأمريكى جو بايدن للقمة، حسبما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» التى رجحت حضوره، معتبرة ذلك «دفعة للقمة، التى تواجه مخاطر تقديم القليل من الإجراءات الملموسة، فى ظل خلافات حول التمويل والطموح». 

وأكد نحو 90 من زعماء العالم، ما بين رئيس دولة وحكومة، حتى الآن، حضورهم للقمة التى ستكون أكثر أهمية من سابقاتها، لكونها تأتى فى وقت بالغ الحساسية بالنسبة للعالم، وفى ظل الحرب التى تدور رحاها فى أوكرانيا منذ فبراير الماضى، مع ما يرافقها من تهديدات باندلاع صراع نووى، سيكون بمثابة القشة التى تقصم ظهر العالم!

ولم تكتف مصر فقط بدور المُضيف لهذه الشخصيات العالمية المهمومة بقضية التغيرات المناخية، بل تأتى القمة المقبلة فى ظل الخطوات المهمة التى اتخذتها القيادة السياسية بالفعل، خاصة بعد الإطلاق الأخير لاستراتيجيتها الوطنية لتغير المناخ 2050، وهى الاستراتيجية التى تؤكد أن مصر كانت - وما تزال- سبّاقة فى التزاماتها الدولية، وأنها على رأس الدول المعنية بكل ما يُهم العالم من قضايا ذات أهمية قصوى لمستقبل النوع البشرى.

ويقول تونى بلير، رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، ورئيس «معهد تونى بلير للتغير العالمي»، إن أحد الأسباب التى تعطى أهمية لرئاسة مصر لقمة المناخ هذا العام، هو إطلاق القاهرة «المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء»، وهى إحدى أكثر المنصات الجاذبة المثيرة للاهتمام والتى تحدث تغيرًا فى التصدى للتغيرات المناخية، باعتبارها هدفًا طموحًا، والأكثر من ذلك أنها عملية وقابلة للتطبيق فى مجال العمل المناخى.

وتتمثل رؤية وأهداف مصر من استضافة قمة (كوب 27)، أن يتم الخروج بنتائج موضوعية شاملة وطموحة ومستندة إلى قواعد تتناسب مع التحدى القائم على النواحى العلمية، مسترشدة بالمبادئ التى تستند إلى الاتفاقيات والقرارات والتعهدات والالتزامات من اتفاق باريس 2015، إلى مؤتمر جلاسجو عام 2021.

لذلك كله، فمن المؤكد أن «كوب 27» لن تكون مجرد قمة أخرى للمناخ، مثل سابقاتها، بل ستكون «نقطة نظام» فى العالم الآن، للخروج بتدابير فعلية فى هذا الملف المصيرى، وتدارك الأخطار المناخية الداهمة، قبل فوات الأوان.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة