مسجد «يوسف أغا» بباب الخلق
مسجد «يوسف أغا» بباب الخلق


شوارع لها تاريخ.. قصة مسجد «يوسف أغا» بباب الخلق

شيرين الكردي

الأربعاء، 23 نوفمبر 2022 - 02:30 م

عندما تمر فى وسط القاهرة تجد نفسك أمام طراز معمارى فريد من نوعه، يعكس الفن المملوكى فى عصر الدولة العثمانية، مسجد بناه «يوسف ابن الله المعروف بالحين» عام ١٠٣٥ هـ -١٦٢٥ م، وملحق به سبيلان، المسجد مبنى على مستوى مرتفع يفوق الشارع عدة درجات، وبه نفق وبدرون أرضي، تصميمه الداخلى يشبه تخطيط المدرسة، يتوسطه صحن تحيط به أربعة إيوانات تعلوها عقود.

يوسف أغا الحين؛ هو أحد أمراء الشراكسة، قام الوالي العثماني بتعيينه نائبا له بمحافظتي البحيرة والبهنسا؛ كان أهل مصر يحبونه حبا جما وخاصة العامة منهم، توفي عام (1056هـ/ 1646م)، ودفن بمسجده، وعندما قام الخديو إسماعيل، بافتتاح شارع محمد علي سنة (1290هـ/ 1873م)؛ تم هدم المدفن والقبة؛ ونُقل الجثمان إلى قبر آخر أُعد له داخل الإيوان الشمالي بالمسجد، كما يروي لنا الباحث الآثرى حسين دقيل الباحث المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية.

وأضاف "دقيل "، أن مسجد« يوسف أغا الحين» ، هو مسجد أثري يحمل رقم (196)، وتم إنشاؤه في عام (1035هـ/ 1625م)، ويقع  في شارع درب الجماميز سابقا، شارع بورسعيد حاليا بميدان "باب الخلق" بالقاهرة، يقول عنه علي مبارك في خططه: "مسجد الحين؛ هذا المسجد بشارع باب الخرق أو باب الخلق عن يمين الذاهب في شارع محمد علي الجديد إلى القلعة، مشرف على الخليج المصري، أنشأه الأمير يوسف الشهير بالحين.

 ولما مات دفن به، وهو مقام الشعائر من الجمعة والجماعة والأذان، له مئذنة مرتفعة وجعل له خطبة، وهو مقام الشعائر إلى الآن من ريع أوقافه تحت يد ناظره مصطفى الحين ويتبعه سبيل يُملأ صهريجه كل سنة ويعلو السبيل كُتاب لتعليم الأطفال القرآن، وكان تجاه هذا المسجد قهوة صغيرة تُعرف بقهوة الحين يجلس عليها حانوتية الموتى".

وأكد «دقيل» ، المسجد مرتفع عن مستوى الشارع عدة درجات، وله باب رئيسي مكسي بالرخام الملون المنقوش، ويشتمل المسجد على مجموعة من المنشآت أساسها المدرسة ولها ملحق فيه سبيل يعلوه كتاب، وتوجد للمبنى ثلاث واجهات، الواجهة الغربية التي تطل على الخليج المصري، والواجهة الشمالية والواجهة الشرقية، ولكل واجهة باب يتم الدخول منه، ومخططه من الداخل عبارة عن قاعة تطل عليها أربعة إيوانات، الشمالي والجنوبي منهما صغيران، أما إيوان القبلة فيحتوي على محراب مزخرف بالرخام الملون، وعلى يمينه منبر خشبي تظهر به نقوش علي شكل الطبق النجمي، والإيوان المقابل لإيوان القبلة به دكة المبلغ؛ التي كانت تستخدم لترديد صوت الإمام حتى يصل للمصلين. 

والمسجد على الطراز المملوكي في كل عناصره، عدا المئذنة العثمانية المبنية من الحجر والتي جاءت أسطوانية وعلى شكل القلم الرصاص، وتبدأ من سطح المسجد، بجوار الباب الذي يقع بالطرف الشمالي من الواجهة الرئيسية القبلية، وهذه الواجهة تشتمل على المدخل المعقود الذي تجاوره قاعدة المئذنة، ثم واجهة المسجد نفسه التي تحوي ثلاث صفف، بها من أسفل شبابيك مربعة، ومن أعلى شبابيك قندلية، وبين اثنتين من الصفف من أعلى قمرية مستديرة.

أما حجرة التسبيل فجاءت عمارتها مستطيلة الشكل، ضلعها الأكبر يقع على شارع بورسعيد وبه شباك التسبيل الوحيد، ويتقدم الشباك من الخارج مصطبة يقف عليها المارة أثناء الشرب، وناحية اليسار مدخل مستقل مخصص للسبيل والكتّاب، ويوجد نص كتابي على زجاج بالقرب من سقف حجرة التسبيل يبدأ بالبسملة، ثم آية الكرسي يتبعها أذكار دينية تنتهي بعبارة "والحمد لله وحده وكان الفراغ في شهر رجب سنة خمس وثلاثين بعد الألف والحمد لله وحده 1035 هـ، 1625م".

وقد قامت لجنة حفظ الآثار العربية قامت في سنة 1938م - في عهد الملك فاروق - ببناء سبيل ثان في الطرف الشمالي من واجهة المسجد البحرية؛ وهو مستطيل ذو شباكين لتسبيل ماء الشرب، وواجهتا السبيل مكسوتان ببلاطات القيشاني، وقد تم ترميم المسجد في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، بعد الزلزال الشهير الذي ضرب مصر كلها؛ مما أثر على جدران المبنى وأدى لشروخ فيه.

يقع مسجد يوسف أغا، جهة اليمين فى أول شارع الحين فى ميدان أحمد ماهر الذى كان يعرف بميدان باب الخلق سابقًا، عند تقاطع شارعى بورسعيد «الخليج المصرى سابقًا» والقلعة «محمد على سابقًا» بمنطقة الدرب الأحمر جنوب القاهرة، وهو مرتفع عن مستوى الشارع وواجهاته الأربع خالية، وتمت كسوة بابه الرئيسى بالرخام الملون المنقوش والمكتوب.

وملحق بالمسجد سبيل يعلوه كُتّاب، وحجرة التسبيل مستطيلة ضلعها الأكبر يقع على شارع بورسعيد وبه شباك التسبيل الوحيد بالسبيل، ويتقدم من الخارج مصطبة يقف عليها المارة أثناء الشرب، وبواجهة السبيل ناحية اليسار مدخل مستقل مخصص للسبيل والكتّاب، ويوجد على إزار بالقرب من سقف حجرة التسبيل، نص كتابى يبدأ بالبسملة، ثم آية الكرسى يتبعها أذكار دينية تنتهى بعبارة: «الحمد لله وحده وكان الفراغ فى شهر رجب سنة خمس وثلاثين بعد الألف والحمد لله وحده».. هذا التاريخ ١٠٣٥ هـ يقابل ١٦٢٥ م.

وحجرة الكُتّاب التى تعلو السبيل مستطيلة تطل على الشارع بضلعها الأصغر وفيها بائكة من عقدين يرتكزان على عمود واحد فى الوسط، ويتوج البائكة رفرف من الخشب، وفى سنة ١٩٣٨، قامت لجنة حفظ الآثار العربية ببناء سبيل ثان فى الطرف الشمالى من واجهة جامع الحين البحرية فى مكان ميضة الجامع القديمة، التى كانت قد هدمت ونقلت إلى الجهة الجنوبية من الجامع، نتيجة لفتح شارع محمد على سنة ١٨٧٣ فى عصر الخديو إسماعيل، وفى عام ٢٠٠٥ أغلق المسجد لترميمه ثم أعيد فتحه مرة أخرى للمصلين وما زال شاهدا على هذه الحقبة التاريخية من الزمان رمزا لجسارة التاريخ الإسلامى المصرى.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة