هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

بنك للأعضاء البشرية

هالة العيسوي

الأربعاء، 23 نوفمبر 2022 - 06:05 م

هناك مثل انجليزى شهير مفاده «أن تتأخر قليلًا خير من ألّا تأتى مطلقًا».

على هذه الحال جاء أول نموذج رسمى تصدره وزارة الصحة للوصية بالتبرع بالأعضاء البشرية بعد الوفاة.

صدور هذه الوثيقة بعد 12 سنة من سن القانون رقم 5 لسنة 2010، ثم لائحته التنفيذية سنة 2011 بشأن تنظيم التبرع بالأعضاء هو نوع من الحث والتشجيع للمواطنين على التبرع بأعضائهم بعد الممات، وتذكيرهم بوجود هذا القانون النائم منذ أكثر من عقد.

 لكن ينبغى أن نعترف أن الحث والتشجيع لا يأتيان إلا بالإقناع، وأن الجدل الفقهى الدائر إلى الآن رغم صدور القانون، حول شرعية التبرع بالأعضاء كان، ولايزال سببًا رئيسًا فى تأخر تفعيل القانون.

الناس مازالوا حائرين هل التبرع بالأعضاء حلال أم حرام؟ وعلى الرغم من إجازة دار الإفتاء والكنيسة لهذا الأمر، إلا أن هناك أصواتًا معتبرة من الأئمة ورجال الدين ممن لهم تأثيرهم الروحى، مازالت  تحرم التبرع استنادًا إلى نصوص شرعية ثابتة.

معروف أن مسألة الحرام والحلال مسألة بالغة الحساسية لدى جموع المصريين.

لذلك أعتقد أن كثيرًا من النقاش الفقهى والتوعية الفكرية مطلوب بشدة الآن، لكى يطمئن الناس.

أما بخصوص القانون ولائحته التنفيذية، فقد ركز فى أحكامه العامة وبنوده الضابطة على التبرع من الأحياء، ووضع قيودًا منها أن يكون التبرع للأقارب حتى الدرجة الرابعة، بينما الوصية الصادرة مؤخرًا من وزارة الصحة معنية بالتبرع بعد الوفاة وهنا بالطبع لا يشترط أن يكون المتلقى قريبًا للمتوفى المتبرع. 
فلماذا هذا القيد على الأحياء؟

كما أن القانون ولائحته التتنفيذية اهتما بالنص على تسجيل بيانات المحتاجين للتبرع والتاريخ والوصف الطبى للحالة، وعلى الشروط الواجب توافرها فى المنشآت المرخص لها بالقيام بنقل الأعضاء، لكنهما لم يتناولا الشروط الطبية الواجب توافرها فى الأعضاء المتبرع بها بعد الوفاة، ولم يحددا أين ستذهب الأعضاء المتبرع بها، وكأن القانون يفترض أن كافة الأعضاء المتبرع بها سيتم نقلها فورًا لمتلقين.

كان من الضرورى النص على إنشاء بنك للأعضاء البشرية، مثلما يوجد بنك للدم وآخر للعيون. وأن تتعدد هذه البنوك بالتدريج وتنتشر بين المحافظات، والبدء فورًا فى إعداد هذه البنوك وتوفيرها، والبحث عن مصادر تمويلها.

 من المطلوب كذلك، إنشاء قاعدة بيانات قومية للأعضاء المتوفرة، وشبكة قومية للربط  بين البنوك المحلية.

وأن توضع شروط تفصيلية لكيفية حفظ هذه الأعضاء ومدة حفظها، وطريقة التخلص منها لو فقدت صلاحيتها، وأن تكون هناك مسئولية طبية وقانونية على القائم بحفظ هذه الأعضاء. 

من الواجب إبلاغ المتبرع بهذه الشروط قبل وفاته وأن يوافق عليها، لكى يطمئن المواطنون ويقبلوا على التبرع. 

لا نريدها أن تكون «هوجة» وخلاص، تنتهى إلى لا شيء، لكنه أمر معقد ومتشابك، يحتاج مزيدًا من الانضباط والصرامة، ونحن لن نخترع العجلة، وثمة تجارب عديدة سبقتنا إليها أمم أخرى يمكن الاستفادة منها بوعى وحكمة بما يتناسب مع تقاليدنا وشرائعنا.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة