هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

تخيلوا معى..

هالة العيسوي

الأربعاء، 21 ديسمبر 2022 - 07:30 م

تخيلوا معى لو أن كل هذا الفخر والزهو الذى ساد مشاعرنا بالإنجازات العربية فى مونديال 2022، قد امتد إلى مجالات أخرى فى الاقتصاد والسياسة والعلم والدفاع. هتفنا جميعًا وكنا على قلب رجل واحد بروح عربية خالصة من المحيط إلى الخليج للإنجاز الكروى المغربى، ولأسود الأطلس. صفقنا جميعًا للتنظيم المبهر الذى قامت به قطر. 

لكن تخيلوا معى لو تحول هذا التشجيع والهتاف إلى فعل حقيقى مشترك، أو حتى فردى، لإحدى الدول الشقيقة، نهتف لنجاح فريق عربى خالص فى إنجاز علمى أو ابتكار يفيد البشرية. نصفق ونفخر بعروبة عالم حصل على اعتراف دولى أو جائزة عالمية فى مجاله دون أن تكون هناك بصمات أجنبية فى إنجازه. 

تخيلوا معى لو توحد العرب اقتصاديًا وقلدوا الاتحاد الأوروبى، الذى يضم 27 دولة، ويبلغ عدد سكانه 513 مليون نسمة. هذا الاتحاد يعتبر من أكبر التكتّلات التجارية فى العالم، ويقوم على أساس نشاطات عديدة، أهمها كونه سوقا موحدا ذا عملة واحدة هى اليورو الذى تبنت استخدامه 19 دولة، وله سياسة زراعية مشتركة وسياسة صيد بحرى موحدة.

ورغم الفرق الشاسع فى المستوى الاقتصادى والسياسى بين دول أوروبا الوسطى والشرقية ودول الاتحاد، فإن إجمالى الناتج 22٫9 تريليون دولار، بما يجعله ثانى أكبر اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية. 

تخيلوا معى ماذا سيكون ترتيب الاقتصاد العربى وقوته وتأثيره عالميًا، ونحن نملك مقومات تقترب من مقومات وبيانات الاتحاد الأوروبى، فأعضاء جامعة الدول العربية 22 دولة، وعدد سكان أعضائها حوالى 339 ونصف مليون نسمة، وتعتبر منطقتنا من أغنى مناطق العالم من حيث الثروات الطبيعية، بخلاف الثروة البشرية الهائلة، بما يجعل الاقتصاد العربى سادس أكبر اقتصادات العالم فى 2022 بناتج 3٫4 تريليون دولار، لكنها حسبة جمع وطرح لا يستفيد منها إلا الدول القومية، كلٌ حسب إمكاناته، ولا تمنح نفوذًا أو تمكينًا إقليميًا، أو دوليًا.

تخيلوا معى لو أن دول الجامعة العربية اتحدوا، ووقفوا على قلب رجل واحد فى أحد قراراتها المصيرية.

تخيلوا معى لو أن العرب اتحدوا، والتزموا بمعاهدة الدفاع المشترك التى أبرمت عام 1950 حيث كان من المفترض وفقا للمعاهدة، أنه «فى حال حدوث أى اعتداء على بلد عربى فجميع الدول العربية ملتزمة بمساعدة هذا البلد بكل الوسائل بما فيها الوسائل العسكرية». 

لكن تجاهلت الدول العربية العدوان الثلاثى على مصرعام 1956، وتجاهلوا تفعيل الاتفاقية أثناء الاجتياح الإسرائيلى للأراضى اللبنانية عام 1982، كما فشلت الجامعة العربية بعد ذلك عام 1990، فى وقف العدوان العراقى على الكويت. وبدلًا من الدفاع العربى المشترك تجد دولًا عربية تبرم معاهدة دفاع مشترك مع إسرائيل ضد جارتها العربية الشقيقة. للأسف لم يستفق العرب إلا بعد أن طالتهم يد الإرهاب وهددت مصالحهم وكياناتهم القومية فوافقوا أخيرًا على المبادرة المصرية التى قادها الرئيس السيسى عام 2015، بتفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك، وتشكيل «قوة عربية مشتركة» لمواجهة الإرهاب.
أقول تخيلوا معى، أو ربما ادعوا معى، لعلها تكون المنجية!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة