د. هبة جمال الدين
د. هبة جمال الدين


د. هبة جمال الدين تكتب: رسائل أم إشكاليات من المجتمع 

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 26 ديسمبر 2022 - 04:15 م

سأطرح من خلال مقالي هذا  أربعة قضايا منفصلة ظاهريا، ولكنها مرتبطة فعليا بسبب الوضع الاقتصادي الذي يمر به المجتمع. 

أولاً البالات:

هل أصبحت البالة والاستوكات حلا لستر الطبقة الوسطى. فقديما كانت الوكالة مقصد الطبقة رقيقة الحال، خاصة ما كانت تحويه من ملابس مستعملة. أما الآن فأصبحت الوكالة مقصد للكثير من شرائح الطبقة الوسطى، مما يعكس تساؤلا مهما هل سيكون ذلك دلالة على تغير نظرة المصرييين لذاواتهم. فالمصري دائما معتزا بذاته رافضا التقليل من قدره ومكانته. فهل قبوله بفضلات الملابس المستعملة بداية لتغير رؤيته لذاته، أم هذا تكييف مع ارتفاع أسعار الملابس الجنونية. أم أنه تلبية للغرام بالماركات الأجنبية دون الاهتمام بكونها مستعملة من عدمه.

وتطرح البالة سؤالا آخر يدور حول مدى تهديد البالة لصناعة الملابس المصرية. فتغير ذوق المواطن وغرامه بالماركات، يعني عزوفه عن المصري حتى وإن كان جديدا. كما يمثل تحديا صاعدا أمام الصناعة المصرية. 

والجدير بالذكر، أن بعض دول المغرب العربي تنتشر بها هذه التجارة، ولا تقف عند حدود الطبقة الدنيا أو الوسطى ولكنها تحولت لأسلوب حياة. فقد تجد بعض أبناء الطبقة العليا أو المسؤولين في أسواق البالة، وقد تكون ما يصل تلك الأسواق أفضل حالا مما يصلنا حتى الآن ولكن هل سنسير لذات الطريق؟. في ظل تباهي البلوجرز واليوتيوبرز وبعض الإعلاميين بمجالات البالة، وما تتسم به من انخفاض في الأسعار وجودة وشياكة مرتبطة بالذوق الأوروبي بماركاته المميزة وحثهم الناس على الإقبال على تلك المحلات، التي أصبحت تغزو مصر الجديدة والتجمع ومدينة نصر والمعادي بل أصبحت مصدرًا لدخل الكثير من سيدات الطبقة الوسطى.

ثانيًا: أسعار تذاكر المتاحف والمتنزهات:

وإذا انتقلنا من البالات إلى المتاحف والمزارات التاريخية والعامة، فنجد ارتفاع مبالغ فيه في أسعار الدخول للفرد بمتاحف مصر ومتنزهاتها، فالطالب يدفع ٣٠ جنيها وكبار السن٦٠ جنيها، مما يمثل عبئًا على كاهل الأسرة المصرية التي تعزف عن الإنفاق على بعض الأساسيات ما بالك بشأن الترفيه والترويح عن النفس. خاصة مع محاولة بعض الأسر لربط الأبناء بتاريخ الدولة الذي يمثل جزءًا من الوظيفة الرمزية للدولة ذاتها المنوط بها رفع الوعي ودعم الهوية الجمعية، وتعزيز الانتماء والولاء. فتلك الوظيفة لا تقل أهمية عن الوظيفة الاستخراجية أو التوزيعية. ولكن مع ارتفاع ثمن تذاكر دخول المصريين مقارنه بمستويات الدخول وموجة التضخم لن تتجه الأسر للترويح عن النفس . ولن تقدر علي استكمال الدور الرمزي للحكومة ولن يتسم بالفاعلية فالغني لا يكترث والفقير لا يقدر. ومع تقديري لرغبتنا  لخلق مصادر تمويل ، ولكن المواطن يحتاج لمتنفس ففي بريطانيا ، هناك هايد بارك ومتاحف مجانية دون تذكرة أو رسم دخول مثلها كمثل أغلب دول العالم. ورغم ذلك فأتوافق علي رفع تذكرة السائح أما المصري فربما نحتاج لاعادة النظر في سعر التذكرة، التي يمكن أن تكون تذكرة عائلية للاسر، لا تزيد عن ثلاثين جنيها ربما يرتفع الاقبال ويزيد العائد.

ثالثا: بدائل البروتين:
ومن المتاحف لإشاعات واجتهادات حول بدائل البروتين الحيواني، ومحاولات البعض لترويج وتبرير الخطوة ربما بحسن نية أو بسوء نية ، إلا أن مردودها مدمر ومتناقضا مع سياسات الحكومة لتقليل اسعار الفائدة لجذب الاستثمارات والودائع . فمع تلك المحاولات الضالة سيكون عدم اليقين حول أداء الاقتصاد هو الغالب، وسيعزف البعض عن الادخار أو الاستثمار ويحدث خلل في حالة التوازن الاقتصادي. مع العلم أن المصري لا يقبل بتلك الاهانة فربما الترويج يتبعه ردة فعل عكسية من قبل المجتمع. فنتمني من مديري بعض المؤسسات التفكير في بعض التصرفات غير المحسوبة العقبات في تلك اللحظة الفارقة. فرغم توجه الطبقة الوسطي للبالات فلن تتجه نحو الارجل فالتغيير الثقافي، لم يتم بهذه الدرجه المؤلمه. فلنحرص علي صورة مصر الذهنيه داخليا وخارجيا.

رابعا: التيك توك 
صورة مصر الذهنية مرتبطة بقوة بسلوك أبنائها ، الأمر الذي يحركه الان التريند وفترة المشاهدات وعدد الاشتراكات دون اهتمام بالمحتوي . فنجد من يرقص ومن تتعري ، ومن يصور لص أو شخص مختلف معه ، أو من تروج للبالة، ومن يشرح جرائم كان مكانها صفحة الحوادث في الماضي ، أما الآن فتصور ويتم تكرارها وكأننا أصبحنا مجرمين، وقتلة وقطاع طرق .كفانا فرحة بالتريند الذي أصبح الوضع الاقتصادي دافعا نحوه خاصة أن مصوري تلك للفيديوهات الكثير منهم كبار بالغين فقديما كنا نخاف من طيش الشباب وتهور الأطفال أما الأن فالكبار أصبحوا مصدر إزعاج وخطر.  هنا أدعو أجهزة الدولة للتحرك لرفع الوعي والتأكيد علي ثوابت المجتمع وركائزه الثقافية والمعرفية ، وإنفاذ القانون بحق من يخالف قانون النشر والمعلومات فصورة مصر الذهنيه أمانة في أعناقنا جميعا.

 

بقلم 
ا. د هبه جمال الدين 
الاستاذ المساعد بمعهد التخطيط القومي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة