جلال عارف
جلال عارف


جلال عارف يكتب: مصر والعرب.. وأسئلة العام الجديد

جلال عارف

الجمعة، 30 ديسمبر 2022 - 07:49 م

يرحل عام كان صعباً علينا وعلى العالم كله.. ويأتى عام جديد يأمل الجميع فى أن يشهد انفراجة توقف الحرب التى امتدت آثارها الكارثية إلى كل دول العالم، وتفتح الباب للتعامل الجاد مع الأزمة التى تعصف بكل اقتصاديات العالم ولا تفرق بين غنى وفقير، وتعيد الرشد للقوى الكبرى التى بدأت حرباً باردة جديدة لن يكون ما يجرى فى أوكرانيا حتى الآن إلا شرارة البداية لها!

مضى الزمن الذى كانت فيه هذه الأيام بين عام مضى وعام جديد موسماً لاستعراض رفاهية العالم المتقدم وخاصة فى أوروبا وأمريكا. حيث كان الموسم يشهد احتفالاً بنجاحات نظام عالمى استقر منذ الحرب العالمية الثانية، وكان ما يشغل الناس هناك هو انتظار أحدث موديلات السيارات والأزياء الفاخرة للعام الجديد الذى تتراكم فيه ثروات الأغنى بين الدول والأفراد دون السؤال عن مدى قدرة نظام عالمى غير عادل على الاستقرار!!

تغير كل ذلك فى عامين أو ثلاثة.. ضربت «كورونا» العالم فكشفت عجز النظام العالمى عن توفير الأمان الصحى حتى لأغنى الدول، ثم جاءت الحرب فى أوكرانيا ومعها تضاعفت آثار أزمة اقتصادية عالمية كانت قد بدأت بوادرها قبل الحرب، وهكذا يحمل العام الجديد ودول الغرب التى بنت رخاءها على النفط الرخيص والمواد الخام التى تصلها بأقل الأسعار.. تعيـش الآن فى ظل دعوات تقشف حاد، ومع فواتير طاقة بأسعار حقيقية، ومع آِثار حربين مندلعتين فى وقت واحد: الحرب فى أوكرانيا، والحرب التجارية التى تتزعمها الصين وأمريكا، ويخشى الجميع أن يدفع ثمناً فادحاً قبل الوصول إلى نظام عالمى جديد يكون أكثر عدلاً واستقراراً!

يأتى العام الجديد ومعه الأسئلة العديدة التى مازالت تبحث عن إجابات، يتقدمها بالطبع السؤال عن نهاية الحرب فى أوكرانيا التى لا يمكن أن تستمر طويلاً دون تصعيد لا يتحمله أى طرف من أطراف الصراع التى تعبت جميعها من تكاليف الحرب، ومن مخاوف التصعيد، المشكلة الحقيقية أن الحرب فى أوكرانيا قد تتوقف قريباً، لكن الصراع الذى بدأ هناك سوف يستمر بوسائل أخرى حتى تقبل كل الأطراف (وخاصة أمريكا وروسيا والصين) بنظام عالمى يقوم على تعدد الأقطاب وتبادل المصالح من ناحية، وعلى الانتقال من عالم تبنى فيه الدول المتقدمة رخاءها على استغلال ثروات الآخرين من المواد الخام ومصادر الطاقة، إلى  عالم يتشارك فيه الجميع على قدم المساواة فى توزيع الأعباء وجنى ثمار التنمية.

بشكل أو بآخر سوف تتوقف الحرب فى أوكرانيا لأن الجميع تعبوا، ولأن شبح الصدام النووى حاضر فى المشهد إلى  جانب التكلفة الاقتصادية التى لم يعد أى طرف قادراً على تحملها، لكن الصراع سيمتد بين قوى الغرب بزعامة أمريكا.. وبين الصين وروسيا.. وإذا كانت أوروبا ـ كما أكد الرئيس الفرنسى ماكرون ـ تخشى من دفع الفواتير القادمة لهذا الصراع الممتد.. فماذا عن باقى العالم؟ وهل يدرك الأشقاء فى العالم العربى أن تحديات المرحلة لن يستطيعوا مواجهتها فرادي، وأن تنسيق المواقف وتوحيد الإمكانيات هو السبيل لتفادى تكرار أخطاء الماضى التى جعلتنا نتحمل تكاليف صراعات دولية، وتتحول أرضنا العربية إلى  ساحة لصراعات قوى اقليمية أجنبية على النفوذ ورفع أعلامها فى عواصم عربية عديدة!!

كثر من أسئلة العام الجديد سبق أن طرحت عاماً بعد عام ولم تجد الإجابة، هذه المرة هناك الأمل فى أن نكون قد استوعبنا دروس الماضى القريب، وأن يكون الجميع أكثر وعياً بمخاطر أن يستمر الغياب العربى فى وقت يتقرر فيه مصير المنطقة ومستقبل العالم.
كل عام ومصر تقود أمتها العربية إلى طريق الخير والسلام.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة