هالة العيسوي
هالة العيسوي


هالة العيسوي تكتب: موسى صبرى.. السيرة أطول من العمر

هالة العيسوي

الأربعاء، 11 يناير 2023 - 07:53 م

ربما يكون قد آن الأوان لأرد للأستاذ الكاتب الراحل موسى صبري رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير الأخبار نذرًا يسيرًا من حقه على شخصى الضعيف بمناسبة الذكرى الحادية والثلاثين لرحيله التى حلت فى الثامن من هذا الشهر. 

بعيدًا عن الجدل الذى أثاره قربه من الرئيس الشهيد أنور السادات، وهو القرب النابع كما لمست بنفسى منه من محبة حقيقية بلا زيف أو رياء، يبقى الأثر النفسى والمهنى والأخلاقى، الذى تركه فى نفسى منذ بدايات عملي الصحفي، حين كان العود مايزال لينًا بخضار طزاجته وبراءته، وتبقى مفاهيم النزاهة، والترفع عن الصغار، وتحرى العدالة، التى انغرست فى ذاكرتى مع كل موقف جمعنى به.

هو رئيس التحرير الذى قرر ضمى كمتدربة بالجريدة دون سابق معرفة أو واسطة، إلا من خطاب أرسله والداى رحمهما الله باسمى يطلب العمل بالجريدة يحتوى على سيرتى الذاتية. وبعد لقاء قصير لم يستغرق سوى ربع الساعة، وأسئلة اختبار تنم عن ذكاء حاد وقدرة على النفاذ إلى ما يدور فى ذهنى، يحيلنى إلى أستاذى الراحل الدكتور إبراهيم البحراوى الذى حلت ذكراه هو الآخر فى السادس من هذا الشهر ليقوم بتدريبى على العمل معه فى صفحة كيف تفكر إسرائيل.

لن أنسى حين انقلبت الجريدة بحثًا عنى تلبية لاستدعاء الأستاذ موسى، وكان يوم تنفيذ الصفحة، ووقوف المرحومين أحمد زين وأحمد الجندى مديرى التحرير فى انتظارى على باب رئيس التحرير يتساءلان عمّا جنيت، وأدى إلى هذا الاستدعاء العاجل. بوجه جامد لا يخلو من شفقة سألنى عن موضوع كتبته عن جرائم إحدى الشخصيات الفلسطينية المهمة فى مخيمات اللاجئين بلبنان. كان يرى، رحمه الله، أننى تجنيت على هذا الشخص، وحين لمس تأكدى من معلوماتى المنشورة، صرفنى دون إفصاح. علمت من الأستاذين زين والجندى، أن هذا الشخص من أقرب أصدقائه، ونصحانى بالشروع فورًا فى إعداد موضوع بديل.

وسط ارتباك إعداد البديل، وهلع من الأستاذ موسى، إذا بصوته غاضبًا عبر الهاتف الداخلى يسألنى عن سبب تأخيرى فى تنفيذ الصفحة، وبالتالى تسببى فى تأخير صدور الجريدة!! أنا؟
الشاهد أنه قرر نشر الموضوع بصرف النظر عن صداقته الوثيقة بالمذكور، فكل ما يهمه هو الحقيقة، مهما كانت.

لن أنسى له احتواءه للشباب وغرس قيم الاعتزاز بالانتماء للأخبار، وكيف انفعل على دبلوماسى عربى رفيع فى لقاء جمعنا نحن الثلاثة وأنا أطلب منه التوسط لدى الدبلوماسى لإجراء مقابلة صحفية معه، بعد عدة محاولات فاشلة منى، وبعد «وصلة» تعنيف له وتزكية لى، إذا به ينقلب إلىّ ليعنفنى أمامه: «أنت لا تطلبى من أى أحد سوى مرة واحدة، يكفيه شرفًا أن تطلب «الأخبار» نشر مقابلة له». يااااه أى عزة وكرامة وإكبار تغرسهم فى صغار المحررين.

لن أنسى مرة حين دخلت عليه مكتبه فجأة، وقد اشتد عليه المرض، وانطبعت على رأسه علامات العلاج الإشعاعي، وهو ممسك بالمصحف الشريف يتلو آياته، يناشدنى أن أدعو له. تصدق يا أستاذ موسى؟ دائما أدعو لك وأذكرك بكل الخير ولو أوتيت الفرصة لوضعت كتابًا كاملًا، عن حيادك وطهارة يدك وإيمانك الصادق العميق. فأنت تستحق.

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة