علاء عابد
علاء عابد


علاء عابد يكتب: الهرم المقلوب!

أخبار اليوم

الجمعة، 13 يناير 2023 - 08:39 م

دائمًا ما يشدد الرئيس السيسى على قيم هامة ومُثل عليا ومنها النزاهة والعدالة فى إدارة الشأن العام وخصوصًا داخل الجهاز الإدارى للدولة، ويؤكد مرارًا، أن الدولة لا تستطيع تحمل أى تعيينات جديدة فى الوظائف الحكومية.

وذلك لأن هذا الجهاز مُثقل بتكدس وظيفى، جعلنا ندير بلدًا تعداده 104 ملايين نسمة فى الداخل بـ 5 ملايين موظف، بينما الصين التى يبلغ تعدادها 1.420 مليار شخص، يديرها جهاز حكومى لا يتعدى مليونًا ونصف المليون موظف!

ونورد هنا مثالًا واحدًا فقط على ترهل الجهاز الإدارى للدولة، وهو الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، التى أُنشئت بقرار من رئيس الجمهورية عام 1963، وتختص بتنفيذ قانون الإصلاح الزراعى واللوائح والقرارات التنظيمية له. ومع أن هذا الدور انتهى من عشرات السنين، لا تزال الهيئة تمارس عملها حتى اللحظة، وتضم 13 ألفًا و267 موظفًا!

وفى مصر فقط، هناك موظف حكومى لكل 15 مواطنًا، بينما المعدل العالمى هو موظف لكل 45 مواطنًا! ولذلك السبب الوجيه، صدر قانون «الخدمة المدنية» الذى يضع حدًا لظاهرة المجاملات فى الوظائف، وشروطًا معينة لموظفى الدولة ومنها:  الكفاءة، واجتياز مسابقات التوظيف.
ولكن، دعونا نتساءل: ألا توجد «أبواب خلفية» للتعيينات دون مسابقات؟

الحقيقة المعروفة أنه بمساعدة بعض المسئولين فى أماكن مختلفة تجرى تعيينات جديدة فى غفلة من الأجهزة الرقابية، بالتحايل على القانون، ورغم أنها لم تصل لدرجة الظاهرة لكنها تحدث، وهو ما يؤكد أن هناك بقايا لشبكات من «الدولة العميقة» وذيول لها تعمل على ذلك، ضاربة بالقانون عرض الحائط!

وهنا أخاطب أعضاء هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس الجهاز، بضرورة متابعة تلك التعيينات، وخاصة فى الوزارات التى تضم عدة هيئات، وتكلف الدولة مليارات تنفق على «عمالة زائدة»، وأن تتخذ الهيئة من الإجراءات ما هو رادع لمن يفعل ذلك، عملًا بمبدأ «من أمن العقاب أساء الأدب».

إننى أؤكد أن هناك تعيينات ووساطة ومحسوبية، وهو الأمر الذى يكلف الدولة مئات المليارات. ولديّ الكثير من تلك النماذج، فى جعبتى، سواء من توسط لهذه التعيينات غير القانونية، أو من تم تعيينه خلسة، عبر الأبواب الخلفية. وأقول لمن قام بذلك: إنك لم تحترم القانون والدستور، صحيح أنك قدمت «خدمة» لشخص ما، ولكنك أهدرت بذلك حقوق ملايين!

ومن المؤسف أن الغالبية يلجأون إلى الواسطة، لتعيين أقاربهم فى الوظائف العامة، مع أن ديننا ينهانا عن ذلك، يقول سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا)، فكل شفاعة ترتب عليها إضرار بأحد، فهى شفاعة سيئة لما فيها من التعدى ووقوع الظلم على الآخرين.

وتقول دار الإفتاء: «ينبغى أن يكون الحصول على الوظائف منضبطًا بمعايير واضحة وصحيحة محققة للنزاهة والشفافية. وترجع هذه المعايير إلى الكفاءة والقدرة على الإنجاز، مع مراعاة الأمور الخاصة بكل وظيفة؛ لأن للواسطة والمحسوبية أثرًا سلبيًا كبيرًا على المجتمع.
أخيرًا، لابد أن يدرك الجميع أنه إذا كان الفساد هو أعظم الكبائر فى بعض القطاعات الحكومية، فإن الواسطة هى «أم الفساد».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة